اختبار فشل فيه رؤساء الحكومة السابقين.. هل ينجح المدّوري في إضفاء النجاعة على العمل الحكومي؟
خلافا لأسلافه الذين تعاقبوا على القصبة، يتمتّع رئيس الحكومة الحالي كمال المدّوري بخبرة مناسبة في مجال التسيير والإشراف على المؤسسات وخصوصا منها ذات الطابع الاجتماعي الأمر الذي قد يكون وراء اختياره من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد لتولي هذه المهمّة الجوهرية في الوظيفة التنفيذية في هذا الظرف الدقيق التي تعيش فيه البلاد على وقع انتخابات رئاسية حاسمة.
وليس غريبا من هذا المنطلق أن يسدي ساكن القصبة الجديد تعليماته إلى فريقه بأن تكون مصالح رئاسة الحكومة قوة اقتراح وقاطرة للاصلاحات بالنسبة إلى كل السياسات والبرامج العمومية خاصة المتعلقة منها بتعزيز نجاعة العمل الإداري كما أكّد على ضرورة تعزيز وظائف التقييم والمتابعة المستمرة واليقظة والاستشراف وهذه تقريبا الوصفة الطبيعية للقيادة الماهرة التي غابت عن الأسلاف.
هي مبادرة جيّدة ان يلتقي رئيس الحكومة يوم الاربعاء 14 أوت الجاري برؤساء الهياكل في رئاسة الحكومة ويتحدث اليهم عن أهمية استحقاقات المرحلة وقيمة الانتظارات في ما يتعلق بتجديد مناهج وأساليب العمل الإداري والرفع من مردودية المرافق العمومية وإعلاء قيمها.
ويدرك الرجل ثقل التركة وصعوبة ضخ الدماء الجديدة لتحقيق النجاعة والأخذ بعين الاعتبار في نفس الوقت جملة من المبادئ أهمها الاستمرارية والحياد والنزاهة والشفافية والنجاعة وتحسين مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين من خلال تبسيط الاجراءات واستكمال مسار الرقمنة.
ليس ذلك فحسب أكد رئيس الحكومة أمام منظوريه على أهمية انخراط الجميع في ما أسماه معركة البناء والتشييد في إطار إصلاح حقيقي يضمن نجاعة العمل الاداري وجودة التصرف العمومي ومكافحة الفساد وتفكيك منظوماته والتوقي منه وهذه تقريبا توجيهات رئيس الجمهورية التي ما انفك يكررها على الأسلاف لكن يبدو أنهم فشلوا في الاختبار وهو ما يضاعف مسؤولية ساكن القصبة الجديد.
إن رئيس الحكومة مطالب في هذه المرحلة باحترام مبدإ استمرار الدولة والوفاء بالتزامات وتعهدات منظومة الحكم السابقة مع الجميع وخصوصا مع الأطراف الاجتماعية، وهو معني كذلك بمشاركة «قيادة» الوظيفة التنفيذية في «حرب التحرير» التي تخوضها، مع تحقيق منجز اجتماعي ونقلة نوعية في حياة التونسيين.
مسألة أخرى برزت في الأداء وتعكس تناغم رئيس الحكومة مع رئيس الجمهورية في علاقة بمقولة «الثورة التشريعية» حيث أذن لفريقه بإعداد النصوص القانونية المستوجبة للتمكن من الانطلاق الفعلي في النشاط..
وأكد على ضرورة تعبئة كل الطاقات والموارد لدفع نسق الاصلاحات في كل المجالات لأنه يدرك جيدا صعوبة الوضع المالي للدولة في هذا الظرف بالذات ولم يغب عنه بالمناسبة الحديث عن إعلاء قيمة العمل وتعزيز روح المسؤولية والانتماء وهي مسائل خلقت انتقادات كثيرة في الفترة الماضية موجهة من المواطنين وحتى المتابعين للشأن العام الى الإدارة التونسية التي يكيل لها البعض الكثير من التهم والتي كشف رئيس الجمهوريه نفسه في أكثر من مناسبه أنها تعاني الكثير من الهنات وان الوقت حان لتثويرها من الداخل وعهد بالمهمة لساكن القصبة الجديد.
هي في المحصّلة خطوة مهمّة ورسالة ايجابية يقدمها رئيس الحكومة لفريقه داخل القصبة وتقوي الاتصال بينهم وهو أمر سينعكس بالضرورة بالايجاب على الاتصال الخارجي، فغياب النجاعة في العمل وعدم الوضوح في الرؤى يؤدي بطبيعة الحال إلى أزمة اتصال وفقر في المادة الاتصالية وتعتيم إن لزم الأمر وأخطاء قاتلة في نهاية المطاف..
والمطلوب في المرحلة القادمة أن تصل هذه الرسالة إلى كل الوزارات بعد استكمال التعيينات فيها وترتيب بيوتها على قاعدة نفس المبادئ والتوجيهات والانطلاق في العمل في تكامل وشراكة تحقق بالفعل السياسات العامة للدولة التي يضبطها رئيس الجمهورية.
في الذكرى 76 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. بأيّ طعم تحتفي الإنسانية اليوم بـ«الحقوق والحرّيات»..؟
تحيي المجموعة الدولية اليوم 10 ديسمبر 2024 الذكرى 76 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان س…