تزامنا مع ذروة الموسم السياحي الحالي وعودة الجالية التونسية المقيمة بالخارج إلى أرض الوطن دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال إشرافه على اجتماع مجلس الأمن القومي المنعقد الاثنين الفارط إلى مضاعفة الجهود للإحاطة بالتونسيين بالخارج وتيسير حصولهم على الخدمات في أحسن الظروف.
كما تأتي دعوة رئيس الدولة أيضا تزامنا مع انعقاد فعاليات المنتدى الوطني للكفاءات التونسية بالخارج، الذي انتظمت أشغاله يومي 6 و7 أوت الجاري بمقرّ الأكاديمية الدبلوماسية الدولية بتونس والذي ينتظم لأوّل مرّة تحت إشراف وزارة الشؤون الخارجية و برعاية رئيس الجمهورية، وما يعنيه ذلك من تأكيد لاهتمام أعلى هرم السلطة بثروة تونس البشريّة المتمثلة في جاليتها المقيمة بالخارج وما تزخر به من كفاءات عليا في مختلف القطاعات والمجالات.
وتفيد كل المعطيات والإجراءات المتخذة من قبل السلطة التنفيذية وأجهزة الدولة المعنية المكانة الهامة التي تمثلها الجالية التونسية بالخارج ضمن اهتمامات الدولة الاجتماعية وهو ما يترجمه هذا الحرص على متابعة أوضاعها وظروف عيشها والارتقاء بمشاغلها إلى مرتبة الأولويات الوطنية.
وكما هو معلوم فالجالية التونسية بالخارج توفر موردا هاما للعملة الصعبة إلى جانب الطاقات الاستثمارية وتحظى باهتمام وأولوية ضمن برامج الدولة الاجتماعية التي يتم تنفيذها من طرف كل الهياكل الرسمية للدولة والتمثيليات بالخارج والوزارات والأطراف المتداخلة في ملف التونسيين بالخارج.
ولعل آخر المؤشرات النقدية والمالية للبنك المركزي التونسي ليوم أمس الأربعاء 7 أوت 2024 تبرز أهمية الجالية التونسية بالخارج في دفع المالية العمومية خاصة في علاقة بتوفير العملة الصعبة، حيث بلغت قيمة إيرادات السياحة منذ بداية هذه السنة والى أواخر جويلية الفارط 3754.2 مليون دينار في حين ناهزت قيمة تحويلات الجالية التونسية بالخارج في نفس الفترة 4448.6 مليون دينار ليصل بذلك إجمالي هذه الموارد بالعملة الأجنبية الى ما يعادل 8202.8 مليون دينار لتسجل بذلك زيادة بقيمة 355.3 مليون دينار وبنسبة 4.5٪ مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة.
كما كشفت أيضا آخر الأرقام أن إيرادات السياحة التونسية شهدت تطورا بنحو 225.7 مليون دينار حسب بيانات مؤسسة الإصدار في المقابل ارتفعت تحويلات التونسيين بالخارج الى ما قدره 129.6 مليون دينار حيث مكن هذا التطور من دعم احتياطي الدعم الأجنبي والذي يقدر حاليا بـ24304.0 مليون دينار أي ما يعادل 110 يوم توريد مقابل 23216.2 مليون دينار أو 101 يوم توريد العام الفارط.
ونبقى دائما في مستوى الأرقام ـ والتي تعد دليلا وحجة لا تقبل النقاش أو الـتأويل ـ، حيث سمح هذا التحسن في عائدات السياحة وتحويلات الجالية التونسية بالخارج بتغطية خدمة الدين الخارجي بنسبة 86.4٪ مع العلم أن قيمة سداد القروض الخارجية قد استقرت نهاية شهر جويلية الفارط عند 9497.8 مليون دينار.ويشهد ميزان المدفوعات الخارجية توازنا ملحوظا منذ بداية العام الفارط حيث سجل عجز الحساب الجاري في الوقت الحالي أدنى مستوى له منذ سنة 2007 وهو ما يؤكد تعافي القطاع الخارجي مدفوعا على وجه الخصوص بتحسن موارد السياحة والتحويلات المالية وبتقلص فجوة الميزان التجاري.
ونرى أن هذه الأرقام الأخيرة لم تأت من فراغ بل سبقها عمل مشترك وجهود متواصلة من هياكل الدولة ومن السلطة التنفيذية سواء في علاقة بملف الجالية التونسية بالخارج وإيلائها المكانة والأهمية التي تستحق، أو في ما يخص وضع استراتيجية شاملة لإنجاح الموسم السياحي وهو ما تترجمه الإجراءات التي أقرتها الحكومة في الآونة الأخيرة قصد الإحاطة بالتونسيين المقيمين بالخارج لتوفير كل الظّروف الملائمة استعدادا لتأمين عودتهم خلال هذه الصائفة.حيث انعقد لهذا الغرض أيضا مجلس وزاري بالقصبة بتاريخ 28 ماي 2024، خصّص لمتابعة تنفيذ قرارات المجلس الوزاري المنعقد بتاريخ 23 أفريل 2024 حول الإعداد لعودة التونسيين بالخارج إلى أرض الوطن خلال هذه الصائفة.
وتم ضبط خطة شاملة وبرنامج عمل بمشاركة عدد من الوزارات المتداخلة لتنفيذ مجمل هذه الإجراءات المستحدثة لتحسين جودة الخدمات المسداة للمواطنين بالخارج خاصة على مستوى التمتع بالإعفاء الجمركي.
ونعتقد أن كل هذه الإجراءات ومجهودات كافة الوزارات وهياكل الدولة الرسمية ومختلف البرامج المستحدثة في علاقة بملف التونسيين بالخارج وتطوير ودعم القطاع السياحي مكّنت من تحقيق هذه النتائج الإيجابية في السنة الحالية حيث ساهمت بشكل عام التحويلات المالية من التونسيين المقيمين بالخارج وتطور إيرادات السياحة التونسية هذا العام بشكل لافت في إعادة التوازن إلى التدفق النقدي للبلاد بما مكن من سدّ فجوات المالية العمومية وتحسين احتياطينا من العملة الصعبة.
ونرى أن على هذه المجهودات والعمل المشترك أن تتواصل وتتعزز بمقترحات واستراتيجية اتصالية ناجعة وعملية من أجل تعزيز مشاركة أبناء تونس وكفاءاتها من جاليتنا بالخارج في دعم المجهود التنموي للبلاد ودفع عجلة الاقتصاد وخلق الثروة وتعزيز انخراطهم الطوعي في إعلاء صوت تونس في مختلف القارات في العالم والترويج لمميزات تونس الثقافية والحضارية وما توفره بلادنا من مناخ محفّز للاستثمار والشراكة والتعاون في مختلف المجالات والقطاعات.
الملف البيئي في صدارة اهتمامات رئيس الجمهورية
من أجل مصالحة مواطنية مع الفضاء العام..! يعدّ ملف النفايات من بين المسائل الكبرى التي تحظى…