2024-08-03

شملت الابحاث فيها وزراء ومديرين عامين سابقين : النيابة تطالب بتأجيل  محاكمة المتهمين في  ملف براكة الساحل   

شرعت مؤخرا  هيئة   الدائرة الجنائية المتخصصة في العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية بتونس  النظر  في  ملف قضية «براكة الساحل» التي تضرر منها 244 عسكري والتي أحالتها عليها هيئة الحقيقة والكرامة وضمت لائحة الاتهام 15 متهما بينهم الرئيس الراحل بن علي وعبد الله القلال ومحمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح وعدة قيادات أمنية وجهت إليهم تهم التعذيب والإيقاف التعسفي وإلقاء القبض على شخص واحتجازه دون إذن قضائي صاحبه العنف والتهديد  والمشاركة في ذلك.

وبالمناداة على المنسوب لهم الانتهاك حضر البعض في حين تخلف البعض الاخر عن الحضور وتبين انه صدرت بطاقة جلب في حق محمد علي القنزوعي وعز الدين جنيح.

وبينت النيابة العمومية ان النصاب القانوني للهيئة غير مكتمل فطلبت التأخير لانتظار اكتمال النصاب القانوني للهيئة أثر التحاق بعض اعضائها للعمل بمحاكم أخرى فقررت الدائرة تأجيل المحاكمة لجلسة  نوفمبر المقبل.

وللتذكير فأن ملف قضية «براكة الساحل» من أبرز القضايا التي شهدت عمليات تعذيب ممنهجة وفظيعة وعددا كبيرا من المتضررين من العسكريين ففي 22 ماي 1991 قال وزير الداخلية عبد الله القلال في ندوة صحفية أنه تم اكتشاف مؤامرة كانت تحاك للانقلاب على نظام «بن علي» واتهم حركة النهضة ذات التوجه الإسلامي بالتحضير للانقلاب العسكري واختراق المؤسسة العسكرية هذا التلاعب المحاك من قبل أجهزة أمن الدولة استطاع أن يقنع الرأي العام، وفي هذا الإطار تم إيقاف العسكريين زورا وتم اقتيادهم إلى وزارة الداخلية أين خضعوا إلى شتى أنواع التعذيب، بعد ذلك تم إطلاق سراح 151 منهم بينما اقتيد 93 آخرين للمحكمة أين حكم عليهم بأحكام تراوحت بين ثلاثة  و16 سنة سجنا.

من جهة أخرى خسر كل المتهمين مناصبهم في الجيش ولم يعودوا يتمتعون بحقوقهم القانونية.

ونفذت العملية من قبل وزير الداخلية عبد الله القلال ووزير الدفاع الوطني حينها فأما الأول فقد تحمل مسؤوليته القانونية في الاستعمال الممنهج للتعذيب ضد العسكريين والثاني تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية.

وفي 23 جوان1991 استقبل القلال وفدا من كبار الضباط من بين الذين وقع توقيفهم وتعذيبهم وقدم لهم اعتذاراته واعترف لهم ببراءتهم وذلك بحضور ممثلي وزارة الدفاع ومن بينهم المدير العام للقضاء العسكري والمدير العام للأمن العسكري إلا أنه حتى بعد إعلان براءتهم لم يسمح للعسكريين بالرجوع لمناصبهم في صفوف الجيش وذلك بأمر خاص من بن علي القائد الأعلى للقوات المسلحة دستوريا ولمدة عقدين شهد العسكريون هرسلة متواصلة من قبل قوات الأمن وتم منعهم كذلك من العمل والسفر وأشياء أخرى أثناء هذه المدة وتم الاحتفاظ بهذه القضية تحت جدار من الصمت من قبل النظام.

وفي سنة 2011 اثر اندلاع الثورة تم إنشاء جمعية «إنصاف قدماء العسكريين» من قبل عدة ضباط متقاعدين والذين تضرروا في قضية «براكة الساحل» وأخذت هذه الجمعية على عاتقها الدفاع عن قضيتهم لدى المؤسسة العسكرية من أجل تحقيق إعادة التأهيل الرسمي للضحايا واسترداد جميع حقوقهم مع تعويض عادل عن الأضرار التي لحقت بهم وعملت أيضا على إيصال قضيتهم حول الانتهاكات التي تعرضوا لها.

شهادات ..

وقد  فسحت الهيئة في جلسة سابقة واكبتها «الصحافة اليوم» المجال للمتضررين للإدلاء بشهاداتهم واستمعت إلى  شهادة المتضرر الشاذلي الخميري الذي لاحظ أنه أنتدب سنة 1977 وكيلا مساعدا في البحرية وفي تاريخ 08 ماي 1991 لما كان يهم بمغادرة ثكنة منزل جميل تم إعلامه أنه مكلف بالتنقل في مهمة وتم نقله إلى المثلث العسكري باب سعدون أين نقل إلى إدارة الأمن العسكري وخضع إلى أسئلة إرشادية قبل نقله إلى ثكنة العوينة أين انتزع منه زيه العسكري بقي فيها لمدة حوالي 20 يوما في ظروف سيئة للغاية وأعيد له زيه وتم نقله إلى وزارة الداخلية أين انتزع منه زيه مرة أخرى وخضع إلى البحث حول انتمائه ونشاطه السياسي ولم يوجه له أي سؤال حول براكة الساحل، ملاحظا أنه يمارس واجباته الدينية وليس له أي نشاط فكري أو سياسي بقي «بمخافر» الداخلية لمدة 20 يوما خضع فيها إلى التعذيب كوضع الدجاجة فضلا عن السب والشتم على فترات ولا يذكر أسماء من عذبه غير أنه تردد ذكر اسم يكنى «الزوو» كان يقوم بتفقد مقرات الإيقاف ولم يتعرض من قبله إلى التعذيب وتم إخلاء سبيله على إثره برغم آثار التعذيب البادية عليه وتم تمكينه من تذكرة النقل إلى مسقط رأسه بجندوبة وبقي يتقاضى جراية عمرية 90دينارا، وبقي عاطلاً عن العمل رغم أنه عائل لزوجة وثلاثة أطفال وتم إخضاعه للمراقبة وبقي على تلك الحال إلى حدود الثورة ولاحظ أنه تحصل على مقرر جبر الضرر 74 % وطلب محاسبة من تسبب في حرمانه من العمل وعزله من وظيفته وما تعرض له من انتهاكات حتى لا يتم تكرار ذلك.

وأما الشاذلي الخميري فذكر في شهادته انه عمل سنة 1983 برتبة ضابط صف إلى حدود 1991 حيث عمل عريف أول وفي 21 ماي 1991 تم إيقافه من ثكنة المدرعات ثم تم إيقافه بسجن الثكنة مع مجموعة من الشباب وضباط الصف لمدة شهر ثم وقع نقله مع ثلاثة آخرين مكبلي الأيدي إلى إدارة الأمن العسكري أين تم أخذ إرشادات وتسليمهم في نفس اليوم إلى وزارة الداخلية بعد نزع ملابسهم الداخلية واخضعوا إلى البحث ونالوا ألوانا شتى من أنواع التعذيب.

وتمحورت الأسئلة الموجهة إليه حول تمويل حركة النهضة آنذاك بالتبرع بجزء من جرايته حسب ادعاء النقيب محسن  وبمكافحته به كان لا يرد إلا بالإيماء وبادية عليه الانتهاكات ملاحظا أنه لا يعرف معذبيه الذين كانوا يرتدون ملابس مدنية وأمضى على محضر البحث دون الإطلاع عليه وتم نقله إلى السجن المدني بمرناق قبل عرضه على التحقيق العسكري الذي أذن بإيداعه بالسجن قضاها بين سجن 09 أفريل وسجن برج الرومي، وتعرض خلال فترة إيقافه إلى العديد من الإهانات والتعذيب النفسي والسب والشتم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

قضية تسريح 40 مليارا لرجل الأعمال حمادي الطويل:   سماع وزيرين سابقين وبطاقتي ايداع بالسجن في حق مسؤولين كبار بلجنة المصادرة

تعهد مؤخرا قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي بالعاصمة ،بالبحث في ما عرف بملف قضية تسريح م…