2024-08-02

ديوان التونسيين بالخارج مكسب وطني:  ما الذي يعطّل إعادة الهيكلة..؟

ككل عام، تواترت هذه الأيام تصريحات المسؤولين المعنيين بشؤون التونسيين بالخارج والتي لم تخرج صراحة عن الإشادة والتنويه والتذكير بالحسنات والمنافع الكثيرة التي تتحقق بفضل هذه الشريحة من الشعب، أكثر من ذلك تواترت المبادرات والنداءات والاقتراحات بشأن تفعيل التشريعات على سبيل المثال وتعديل بعضها والإقدام على إعادة هيكلة مؤسسات بعينها وفي مقدمتها ديوان التونسيين بالخارج.

في هذا السياق، دعا وزير الشؤون الاجتماعية كمال المدّوري يوم الاثنين الى إعادة هيكلة ديوان التونسيين بالخارج من أجل إكسابه مزيدا من النجاعة في إطار مشمولات ومهام محدّدة تواكب المتغيرات الديموغرافية التي تشهدها تركيبة الجالية التونسية بهدف تحقيق التكامل والحوكمة الفضلى بين كافة المتدخلين وفق بيان صادر عن الوزارة.

وجاءت دعوة الوزير بمناسبة انعقاد الندوة السنوية للاطارات الاجتماعية للديوان بحضور الملحقين الاجتماعيين والمندوبين الجهويين للتونسيين بالخارج، وتوقف بوضوح عند جملة من المسائل الهامة التي يمكن أن تُحدث نقلة نوعية في عمل الديوان وأول هذه المسائل تجديد وتطوير الخطاب الموجّه للتونسيين بالخارج، ومواصلة بلورة إطار قانوني موحّد موجّه للتونسيين بالخارج يضبط حقوقهم وامتيازاتهم، وفوق كل ذلك اليقظة التشريعية في المجال الاجتماعي في بلدان الإقامة حيث يتوجب على الملحق الاجتماعي استقراء التشريعات التي يمكن أن تكون لها تأثيرات على حقوق المهاجرين التونسيين وهو ما يقتضي اعلام سلطة الاشراف في تونس الى جانب الاهتمام بالشأن الثقافي وترويج مضامين ذات جودة تعزز ربط صلة شباب المهاجرين ببلدهم وتحقق الانفتاح على الاخر.

ومن المفارقات إزاء هذه المهام الجسيمة والأدوار المنوطة بعهدة ديوان التونسيين بالخارج، أن يكون على رأسه “مكلف بالتسيير”، أجل مكلف بالتسيير منذ سنة 2022، وفي ذات الوقت تحوّل الديوان هذه الايام وككل عام الى ورشة عمل كبرى مفتوحة في ربوع الوطن أين تلتئم الملتقيات الجهوية مع الجالية في مختلف الولايات ويدور حديث جميل حول الانتظارات، انتظارات الجالية من تونس، وانتظارات تونس من الجالية بطبيعة الحال..

ان الوعي مشترك اليوم، والمسؤوليات تكاد تكون واضحة، هناك %15 من التونسيين خارج حدود الوطن يساهمون كما ذكرنا في عديد المناسبات بقوة في انقاذ ما يمكن انقاذه من الاقتصاد التونسي ولسنا بحاجة للتذكير هنا بأن تحويلات الجالية فاقت في بعض الحالات مداخيل السياحة التي تعدّ عمودا فقريا في اقتصادنا علاوة على أن هذه الشريحة من أبناء البلد، خزان انتخابي معني   بالاستحقاقات الرئاسية والتشريعية..

ليس ذلك فحسب بدا المكلف بتسيير ديوان التونسيين بالخارج حلمي التليلي، محقّا في حديثه عن ضرورة توفير الظروف الملائمة لتشجيع التونسيين بالخارج على توجيه جزء من تحويلاتهم المالية للاستثمار المباشر في بلادنا، لان ما يحدث الى حدود هذه اللحظة لا علاقه له بالاستثمار للأسف وكل ما يفعله المهاجرون هو مساعدة عائلاتهم والترفيه عن النفس خلال العطلة الصيفية دون ان ننسى تحسين وضع احتياطي العملة الصعبة بالبنك المركزي..

من جانبنا أيضا نطرح السؤال عما تقدمه الدولة لابنائها العائدين مؤقتا أو نهائيا، فهل يكفي تنظيم دروس صيفية في اللغة العربية وترتيب اجتماعات مع المسؤولين الجهويين والمحليين تغلب عليها اللغة الخشبية لالتقاط الصور التذكارية، وإقامة بعض الحفلات التي يؤمنها فنانون من الصف الرابع لربط المهاجرين بالارض الطيبة التي خرجوا منها ذات يوم مخيرين أحيانا ومكرهين أحيانا كثيرة أخرى سعيا لتحسين وضعهم الاقتصادي والاجتماعي؟

اننا نتحدث عن جيلين وثلاثة من المهاجرين بينهم كفاءات وخبرات في أعلى مستوى، ونتحدث عن ثقافات جديدة وعن حقوق جديدة أيضا لبني البشر ونقف عاجزين احيانا امام ما تفعله وسائل الاتصال الحديثة من تأثير مباشر وتوجيه للراي العام ونرى بأعيننا تأثير الحروب وانعكاسات الخيارات السياسية للقوى النافذة في العالم على الجميع في بلدانهم الأصلية والبلدان المضيفة.

ان هذه المتغيرات تفرض إعادة النظر في هيكلة ديوان التونسيين بالخارج وحتى إعادة النظر في مهامه وأشكال تدخله واستراتيجيته المستقبلية حتى يكون قادرا على استيعاب جميع المستجدات على المستويات الوطنية والدولية مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة تكامل دوره مع أدوار بقية هياكل الدولة سواء منها الوزارات أو المؤسسات والمنشآت العمومية والخاصة حتى لا نسقط في التكرار وتشتيت الجهود وإهدار الامكانيات..

ان الوعي الذي عكسه كلام الوزير وكلام المكلف بتسيير الديوان وكلام التونسيين يجعلنا نأمل ان لا يتأخر تعديل الأوتار على الأقل في نفس هذا الوقت في السنة القادمة وكل عام وجاليتنا في الخارج بألف خير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الانتخابات الأمريكية، تعنينا.. ولا تعنينا !

يتطلّع العالم باهتمام كبير لتاريخ الخامس من نوفمبر 2024 لمعرفة الرئيس القادم للولايات المت…