القطاع الفلاحي من الحشرة القرمزية إلى ذباب الزيتون …أي مصير قادم..؟
يعتبر القطاع الفلاحي قطاعا استراتيجيّا وحيويّا، لا في تونس فقط، بل في العالم ككلّ، إذ أنّ أهمّ معركة اليوم هي معركة الأمن الغذائيّ وتأمين قوت الشعوب بعد أن أثبتت عديد التجارب أنّ الاستقرار الاجتماعيّ والسياسيّ مرتبط دائما بالاستقرار والنموّ الاقتصاديّ.
وبالنسبة الى تونس، فانّ الفلاحة هي أحد القطاعات الحيويّة في النسيج الاقتصادي الوطنيّ وذلك من حيث القدرة التشغيليّة والمساهمة في الناتج المحليّ الخام وامتداد هذا النشاط في مختلف مناطق البلاد ممّا ينعكس على التنمية الجهويّة.
لكن هذا القطاع الحيوي اصبح يواجه منذ سنوات طويلة العديد من التحديات الصعبة ،وذلك كنتيجة حتمية للتغيرات المناخية التي تجسدت تداعياتها خاصة في الارتفاع القياسي لدرجات الحرارة والتي اصبحت بدورها سببا اساسيا في اندلاع الحرائق التي تهدد من سنة إلى أخرى محاصيل الحبوب أضف إلى ذلك ندرة المياه التي عمقت أكثر من مشاكل القطاع مما اثر سلبا على العديد من المنظومات الفلاحية وزيادة على هذه الكومة من الصعوبات التي تعود أساسا إلى خيارات المنوال التنموي المعتمد منذ عقود وما خلفته من تراجع في الإنتاج و مديونية لصغار المنتجين برزت خلال السنوات الأخيرة آفات وحشرات لم تمنع مداواتها كما تؤكد على ذلك السلط المعنية من القضاء عليها حيث اتلفت الحشرة القرمزية مساحات شاسعة من التين الشوكي، ذلك الثروة الوطنية التي كانت متاحة للاستهلاك من قبل عدد كبير من المواطنين ثم برزت ذبابة الزيتون التي اصبحت تشكل تهديدا صارخا للصابة المقبلة على اعتبار وأن انتشارها بدأ يمتد في العديد من المناطق حيث أطلق العديد من منتجي الزياتين في العديد من الولايات صيحات فزع مما جعل وزارة الفلاحة تعجل بالمداواة معلنة عن إطلاقها، منذ شهر ماي 2024 حملة وطنية لمقاومة الآفات الضارّة بالزياتين وشروعها بالمداواة الأرضية والجويّة ضد الذبابة بولاية مدنين، لـ20 يوما، وشملت حوالي 557500 أصل زيتون ثم ولاية صفاقس وشملت المداواة حوالي 3750 أصل ثمّ ولاية قابس عبر مداواة 170250 أصل زيتون كما تتواصل عمليّة المداواة في ولايات المنستير والمهدية حيث تمّت مداواة على التوالي 226000 أصل و205000 أصل منذ بداية شهر جويلية 2024.
وفي هذا الاطار أكد احد منتجي الزياتين في ولاية المهدية في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أن المداواة متواصلة مما جعل الإصابة بالافة محدودة فقط في بعض المناطق مثل الشابة واولاد الشامخ واولاد عمر مبينا أن الأوضاع إلى حد الآن مطمئنة ولا تدعو إلى الخوف .
ودعت مؤخرا الغرفة الوطنية لمنتجي الزياتين أصحاب ضيعات الزيتون إلى الحد قدر الإمكان من ري الزياتين خلال الفترة الممتدة من 15 جويلية إلى 15 أوت 2024 تفاديا لإصابتها بذبابة الزيتون وذلك لارتباط هذا المرض بالرطوبة. كما دعت الغرفة أصحاب ضيعات الزياتين البعلية كذلك إلى عدم الري بالفترة ذاتها وللغرض ذاته، نظرا لخطورة هذا المرض.
وتحرص خلال هذه الفترة كل اللجان الجهوية والمندوبيات الجهوية للفلاحة على مداواة كل المناطق التي ظهرت فيها الحشرة وعلى القيام بعمليات رصد ومتابعة وتقييم عملية المداواة.
امام هذا الكم الهائل من التحديات نتساءل عن اي مصير تنتظره فلاحتنا لاسيما بعد سنوات الجفاف السبع التي شهدتها تونس على التوالي خلال العقد الماضي، بل انها اصبحت تعد وفق آخر تقرير صادر في شهر مارس 2024 عن المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية، خامس دولة في العالم الأكثر عرضة لخطر الجفاف ونقص المياه، وتشير الوثيقة التي تحمل عنوان «التأثيرات على الاقتصاد الكلي وتحديات تكيف القطاع الفلاحي مع تغير المناخ » إلى أن آثار تغير المناخ أصبحت في تونس ملموسة بالفعل، ولكنها ستكون كبيرة بحلول عام 2050 وتشكل أحد التحديات الرئيسية التي تواجه البلاد من حيث التنمية مبينا أن « ارتفاع درجات الحرارة وانخفاض هطول الأمطار وزيادة تواتر ومدة الظواهر المتطرفة ستكون لها انعكاسات سلبية على المحاصيل وموارد المياه والتربة، سواء من حيث الكمية أوالنوعية ».
لذلك يؤكد مؤلفو التقرير على ضرورة وضع سياسات للتكيف مع تغير المناخ الذي يهدد بتفاقم الوضع الاقتصادي. ويتعلق هذا بشكل خاص بسياسات التكيف الهيدروليكي مثل بناء محطات تحلية المياه وإنشاء وحدات معالجة مياه الصرف الصحي وصيانة وبناء سدود جديدة لحل مشكلة نقص المياه على المدى المتوسط والطويل وتقليل العجز المائي.
كما أوصوا بوضع استراتيجية تكيف متكاملة تمكن من تقليص العراقيل الهيكلية أمام التنمية الاقتصادية بشكل عام وتنمية القطاع الفلاحي بشكل خاص.
ترسانة من القوانين والتشريعات : هل اكتملت حقوق الطفل ..؟
تكاد العديد من الدراسات الرسمية وغير الرسمية الكمية منها والنوعية في تونس كما في غيرها من…