حمام الأنف بين إهمال المواطنين وتراخي المسؤولين: كارثة بيئية وحضارية مكتملة الأركان..!
ما يحدث في مدينة حمام الأنف أحد معالم العاصمة ماضيا وحاضرا ودرة الضاحية الجنوبية يمكن وسمه بالكارثة وربما «الجريمة» التي اشترك الجميع في اقترافها فما بين اهمال المواطنين وتراخي المسؤولين على امتداد عقود حدث ما لا يحمد عقباه بيئيا وعمرانيا في هذه المدينة.
وقد تابعنا في الفترة الأخيرة نداءات استغاثة من مواطنين يروّجون لصور كارثية من بحر حمام الانف والمباني الآيلة للسقوط فيها ويطالبون الدولة بالتدخل.
وهذا ما حدث بالفعل فقد قام رئيس الجمهورية قيس سعيد بزيارة الى مدينة حمام الأنف حيث عاين كل تفاصيل الكارثة البيئية والعمرانية تحت سماء مفتوحة.
هذه الكارثة هي نتيجة الإهمال وصرف المياه المستعملة بالبحر بالإضافة طبعا الى أمثلة التهيئة العمرانية التي لم تراع أبسط مقومات وأبجديات التهيئة. كذلك وجود معالم تاريخية مهمة جدا في هذه المنطقة لم يتم التعامل معها كإرث حضاري وتاريخي بل تحولت الى مبان متداعية للسقوط.
وقد بدا رئيس الجمهورية واضحا وهو يؤكد على ان ما تم اقترافه في حق هذه المدينة يرتقي الى مرتبة الجريمة ودعا الى الانطلاق عاجلا في حملة نظافة شاملة لهذه المدينة في انتظار إيجاد حلول جذرية ونهائية للوضع البيئي في مدينة حمام الأنف وعلى المستوى الوطني . ولم يغفل رئيس الجمهورية عن تحميل المسؤوليات لأصحابها في تدهور هذه الوضعية .
إذن عاين رئيس الجمهورية عن كثب ما آلت اليه الأوضاع في حمام الأنف وخاصة شاطئها الذي تحتفظ ذاكرة كبار السن بصور عن جماله عندما كان مقصدا للتونسيين للاصطياف. وتقول بعض الصور التاريخية الكثير عن روعته وعن جمال معمار هذه المدينة التاريخية الجميلة.
ولعل استفهام رئيس الجمهورية عن أسباب مآل بحر حمام الأنف بشكل استنكاري وهو يلاحظ تحوله الى ما يشبه المستنقع الآسن يشي بأن زمن الإهمال والتراخي قد ولّى وان كل مسؤول عليه ان يتحمل مسؤوليته وان يقوم بمهمته على الوجه الأكمل.
بل مضى الرئيس الى اعتبار ما حدث بمثابة «اغتيال للشريط الساحلي» وهذه حقيقة مع الأسف فقد تضافرت عديد الأسباب لتحوّل شاطئ حمام الانف وبعض الشواطئ الأخرى الى مصبات للفضلات جراء إهمال المواطنين من ناحية وعدم تطبيق القانون من قبل المسؤولين من ناحية أخرى. وربما بعض التواطؤ هنا وهناك أدى الى هذه الوضعية الكارثية التي قادت المواطنين الى اطلاق نداءات استغاثة سرعان ما استجاب لها أعلى هرم السلطة.
وفي معرض حديثه عن هذه الوضعية استعاد الرئيس قيس سعيد بعضا من تاريخ هذه المدينة في أوائل القرن العشرين وكيف كانت تقارن ببعض ضواحي نيس الفرنسية من حيث المعمار.
وإذا كان بحر حمام الأنف قد تعرض الى تغيير عميق منذ إنشاء ميناء رادس فإن تحويله «الى مصب للنفايات» كان السبب الرئيسي في تحوله الى هذا المآل القاتم.
وليس هذا فحسب فالمعالم المعمارية المحيطة بالشاطئ على غرار قصر الباي و«الكازينو» تحولت الى «أطلال» وبدل ان تكون مزارات سياحية باتت مباني متداعية للسقوط.
ونبّه رئيس الجمهورية في هذا السياق الى الكف عن الحديث عن اللجان والاتفاقيات وكل البروتوكولات التي لا تغير من الواقع شيئا بل هي تؤبد هذا الحال ، وبالتالي فإن تحميل المسؤوليات ضروري. والعمل الميداني أصبح شرطا من شروط نجاعة أي مسؤول.
وبكلمة «يكفي» أعلن الرئيس انه يريد ان يضع نقطة النهاية لكل مظاهر التخريب الذي تعرضت له الدولة التونسية على امتداد عقود.
في ذكرى اغتيال الزعيم فرحات حشاد : إن من التاريخ لعبرة..
لأن التاريخ في ظاهره لا يزيد عن الإخبار وفي باطنه نظر وتحقيق كما قال العلامة عبد الرحمان ب…