حتى في يوم اللاجئ العالمي.. الكيل بمكيالين في «التضامن» و«الترحيب»..!
أحيت تونس مع المجموعة الدولية يوم 19 جوان 2024 يوم اللاجئ العالمي الذي دأبت الأمم المتحدة على الاحتفال به منذ العام 2001 بمناسبة مرور نصف قرن آنذاك على صدور الاتفاقية الدولية المتعلقة بوضع اللاجئ سنة 1951.
واختارت المنظمة الدولية أن يكون موضوع الاحتفال هذا العام «الأمل بعيدًا عن الوطن: عالم يشمل اللاجئين دائمًا» والتركيز على شعار «التضامن مع اللاجئين.. من أجل عالم يتم فيه الترحيب باللاجئين»، وبرمجت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في هذا السياق عديد الأنشطة على المستويين المحلي والدولي.
ولا تكمن أهمية المناسبة، بل وخطورة الموضوع عند الأرقام المفزعة التي نشرتها مفوضية اللاجئين والتي تفيد بأن عدد اللاجئين حول العالم ازداد بنسبة ٪7، ليصل إلى 43.4 مليون شخصٍ خلال عام 2024، أي أكثر بثلاثة أضعاف مما كان عليه قبل عقد من الزمن، أو كذلك ديمومة أسباب الظاهرة وتفاقمها، ولكن في بروز أجندات جديدة تشرّع للتطبيع مع اللجوء والتسليم به كقدر وأداة بيد الدول النافذة لحماية مصالحها على حساب بقية الشعوب والأمم.
بعبارة أخرى، وبكل وضوح، فإن الدول النافذة في العالم تقف وراء انفجار ظاهرة اللجوء في العالم، ويكفي الاطلاع على خارطة انتشار وتوزيع اللاجئين والدول المعنية بذلك للوقوف على حقيقة ان هذه الدول ضحية التدخل الخارجي والهيمنة الأجنبية والصراعات والحروب التي لا مصلحة لها فيها، وليس أدل على ما نقول ما يكابده السودانيون مثلا سواء في ما صار يعرف بجمهورية السودان أو دولة جنوب السودان، فتقسيم هذا القطر لم يكن في المحصلة مطلبا أو خيارا سليما للشعب السوداني، وكذلك الأمر بالنسبة للشعب الأوكراني، فالحرب بين روسيا والحلف الأطلسي على الأرض الأوكرانية خلق مأساة جديدة للبشرية.
ان حديث مفوضية اللاجئين اليوم عن التضامن مع اللاجئين من أجل عالم يتم فيه الترحيب باللاجئين، فيه تجاهل غير مبرر للأسباب والمسببات، ودعوة صريحة لتقاسم مغلوط للتضحيات رغم التفاوت في المسؤوليات، وهنا لا مناص من التذكير بأن ميزانية هذه الهيئة الأممية على سبيل المثال متأتية من دول هي في نهاية المطاف ضحية لظاهرة اللجوء، فأغلب أموال المفوضية تأتي من دول إسلامية خليجية لا حول ولا قوة لها في القرار الدولي والمطلوب منها فقط ضخّ المال من أجل علاج أمراض تنشرها وتغذّيها الدول النافذة.
إن «التضامن» الذي تريده مفوضية اللاجئين يجب ان يبدأ بمشاركة الجميع في تمويل جهود الإحاطة باللاجئين وتقاسم الأعباء المادية والمعنوية على حد سواء، فاللاّجئون بشر وحقوقهم ليست فقط البقاء على قيد الحياة ولكن التمتع بجميع الحقوق.
ثانيا ان «الترحيب» باللاجئين يجب ان يكون في مشارق الأرض ومغاربها لا على حساب شعوبنا ودولنا فقط، وهنا نحذّر من هذا اللبس المتعمد في الحديث عن اللاجئين والمهاجرين فالأمر يتعلق بفئتين مختلفتين.
اللاجئ ببساطة هو الشخص الذي ترك منزله ووطنه اضطرارا بسبب الحرب أو الاحتلال أو الاضطهاد أو الكوارث الطبيعية أو الأزمات بمختلف أنواعها، أما المهاجر فهو الشخص الذي يترك بلاده بمحض إرادته واختياره للعيش في بلد آخر لأسباب اقتصادية بالأساس.
ويحدث ان يتعمّد البعض خلق اللبس بين أوضاع المهاجرين واللاجئين في محاولة لإحراج هذا البلد أو ذاك وإرغامه على التسليم بخيارات لم يكن مسؤولا عنها فيصبح الموضوع برمته محل ابتزاز كما يحصل الان بين تونس ودول شمال المتوسط من الاتحاد الاوروبي الذي يريد ان يوطّن المهاجرين الوافدين على بلادنا من دول جنوب الصحراء بصيغ مختلفة في تونس حتى لا يصلوا الى شواطئهم مقابل فتات من المساعدات والمشاريع، فأين التضامن وأين الترحيب الذي تتحدث عنه الأمم المتحدة ؟. أين مفوضية اللاجئين والمنظمة العالمية للهجرة وغيرهما من وكالات الأمم المتحدة وحتى المنظمات الدولية «الإنسانية» الغربية الكبرى في «نجدة» المهاجرين أو «مشاريع اللاجئين» في تونس وفي دول أوروبية كثيرة؟
ليس ذلك فحسب إننا عندما نتحدث عن اللاجئين نقف بوضوح على «أفضل» مثال على أسوإ معادلة في العلاقات الدولية وهي الكيل بمكيالين عندما يتعلق الامر باللاجئين الفلسطينيين.
إن الأرقام الرسمية تكشف وجود حوالي 43 مليون لاجئ في العالم كما أسلفنا، بينهم ستة ملايين لاجئ فلسطيني يخضعون لولاية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) وليس مفوضية اللاجئين، مليونان ونيف فلسطيني في قطاع غزة لوحده يخضعون لجريمة إبادة في المباشر على مرأى ومسمع العالم وتعجز الأونروا ومفوضية اللاجئين وماكينة الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية المختلفة، من الاتحاد الاوروبي الى جامعة الدول العربية على تنفيذ مبدإ التضامن في الواقع وتعجز عن إيصال علبة دواء وقارورة ماء لطفل فلسطيني مصاب في العراء في الوقت الذي تتحدث فيه بعض وسائل الإعلام عن جسور جوية لـ«التضامن» مع الكيان الصهيوني..!
في ذكرى جريمة غرّة أكتوبر 1985 بحمام الشط.. بين تونس والكيان الصهيوني دم.. وحقّ
في الليلة الفاصلة بين 30 سبتمبر وغرة أكتوبر 1985، اتخذ الكيان الصهيوني قرارا بتصفية القياد…