على إثر الإعلان عن الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب الخبير الأمني علي الزرمديني لـ«الصحافة اليوم»: مكافحة التطرف تستوجب مقاربة شاملة ثقافيا واجتماعيا وأمنيا
عانت تونس منذ سنة 2011 من تنامي خطر الإرهاب وتنفيذ عمليات إرهابية راح ضحيتها شهداء من المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية ومن المدنيين, ولمحاصرة هذه الظاهرة وتحصين المجتمع التونسي من هذه الآفة عملت الدولة على التصدي لهذه المجموعات ولجيوب الإرهاب أينما كانت في قمم الجبال وفي المدن وفي الأرياف.
وقد توفّقت تونس من خلال تشديد اليقظة للقوات الحاملة للسلاح وفقدان هذه المجموعات المتطرفة لقاعدة شعبية قد تسندها في القيام بعمليات تهدد أمن البلاد واستقرارها حيث عملت على التصدي لهذه الظاهرة على أكثر من زاوية وأكثر من جانب انطلاقا من تجفيف المنابع المالية لهذه المجموعات ومراقبة الخطاب الديني على المنابر وتعقب الأشخاص الحاملين لفكر متطرف أو من يمجّد هذا الفكر وأفعاله.
ومتابعة لهذه المجهودات أعلنت أمس اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب عن الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التطرف العنيف والإرهاب 2027/2023.
وتوفر هذه الإستراتيجية إطارا مرجعيا لتعزيز الجهود الوطنية الرامية إلى تحقيق الأمن والاستقرار إذ تتمثل أولى أهدافها في تحصين المجتمع التونسي وتقوية مناعته من التطرف العنيف بغاية نشر ثقافة دينية تنويرية تقوم على الوسطية والاعتدال ودعم ثقافة الحوار والمواطنة والتسامح والحق في الاختلاف وتطوير المضمون الإعلامي للمساهمة في تقوية ودعم التماسك الاجتماعي هذا بالإضافة إلى تقوية المرونة المجتمعية في مواجهة التطرف العنيف من خلال التعهد الشامل بالأطفال المعرضين لمخاطر التطرف العنيف وضحاياه وحماية الفئات ذات الوضعيات الهشة من خطر الاستقطاب وتوفير فرص الإدماج الاجتماعي والتمكين الاقتصادي.
وفي قراءته لهذه الاستراتيجية أوضح الخبير الأمني علي الزرمديني لـ«الصحافة اليوم» أن أي استراتيجية ترمي لمكافحة الظاهرة الإرهابية يجب أن تضع في الاعتبار أن المعالجة تكون على أصعدة عديدة ومترابطة في مقدمتها الجانب التشريعي والذي يتطلب بعض المراجعات تماشيا مع ما هو معمول به دوليا في التصدي للإرهاب إلى جانب التصدي للفكر المتطرف من خلال إشاعة فكر تنويري وناقد بعيدا عن الأفكار الظلامية التي عمدت بعض التيارات الدعوية الأجنبية إلى تلقينها لبعض الشباب.
كما دعا محدثنا إلى أهمية التعريف بسماحة الدين الإسلامي على أيادي مشايخ الزيتونة الذين لديهم من القدرة على تبيان المقاصد الصحيحة والمتسامحة للدين الإسلامي مشيرا إلى ضرورة تكاتف جميع الجهود الوطنية لإحلال عدالة اجتماعية بين جميع الفئات الاجتماعية مع التقليص من نسب الفقر بين أبناء المجتمع التونسي.
كما نوه الزرمديني باليقظة الأمنية التي تتمتع بها قواتنا المسلحة والتي ساهمت في تطويق هذه الظاهرة وتعقب فلولها وجيوبها المتبقية معتبرا في نفس الوقت أن مختلف هذه المسائل يجب أن تكون مترابطة ومتفاعلة في ما بينها.
ومن بين الأهداف الفرعية للإستراتيجية التي أعلنت عنها اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب ،تحييد التهديدات والمخاطر المتأتية من الأشخاص ذوي العلاقة بالإرهاب من خلال تأهيل وإعادة إدماج المساجين المحكوم عليهم من أجل جرائم إرهابية وأسرهم في المجتمع وتيسير إعادة إدماج الأشخاص العائدين من مناطق النزاع المسلح وأسرهم في المجتمع.
أما الهدف الاستراتيجي الثاني فيتمثل في تعزيز مناعة الدولة وتأمين مصالحها الداخلية والخارجية من الإرهاب من خلال ثلاثة أهداف فرعية أولها دعم آليات وسائل استباق الإرهاب والتصدي له وزجره بالتصدي لعمليات الاستقطاب والانتداب عبر الفضاءين المادي والرقمي في إطار احترام الحقوق والحريات وتدعيم منظومة الاستخبارات والاستعلامات في مجال مكافحة الإرهاب وتطوير المنظومة التشريعية وتطوير أداء المنظومة القضائية انسجاما مع المعايير الدولية. إضافة إلى تأمين حماية مصالح الدولة الداخلية والخارجية من خلال القضاء على كافة مصادر إسناد الإرهاب بما في ذلك الجريمة المنظمة ومكافحة الاتجار والاستخدام غير المشروع للأسلحة والذخيرة والمواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية والمواد المتفجرة بجميع أنواعها وحماية الأهداف الوطنية الحساسة في الداخل والخارج من مخاطر العمليات الإرهابية.
وقد تم إعداد هذه الإستراتيجية التي تمتد على 5 سنوات ويمكن تحيينها دوريا وعند الاقتضاء, من قبل اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب ووفق مقاربة تشاركية ساهمت فيها مختلف الوزارات والهياكل العمومية وممثلين عن السلطة المحلية والمجتمع المدني مع تشريك الشباب والإعلاميين بالإضافة إلى الاستئناس بالدراسات البحثية والأكاديمية المنجزة في مجال مكافحة الإرهاب والتوقي من التطرف العنيف.
نسق حثيث لدفع الاستثمار والتنمية..
تنتظر تونس دفعا استثماريا قويا لتحقيق نقلة اقتصادية تنشط على إثرها كل محرّكات التنمية وال…