«انعطافة أمريكية» لماذا باتت واشنطن ترغب بشدة في إنهاء الحرب في غزة؟
لا يخفى على كل من يتابع تطورات الحرب في غزة منذ بدايتها قبل 8 أشهر أن هناك تغييرا ملحوظا في الموقف الأمريكي منها.
تقود أمريكا منذ أسابيع مسارا تسارع فيه الخطوات للوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار وان كان مؤقتا على امل ان يصبح دائما وفق الخطة التي عرضها الرئيس بايدن الأسبوع الماضي.
وتبدو التحركات الأمريكية المتسارعة خلال هذه الفترة من خلال جولة بلينكن ومشاريع القوانين التي عرضت على مجلس الامن بخصوص غزة ولم تستعمل ضدها واشنطن حق الفيتو بل انها كانت جهة المبادرة خلال الساعات الماضية.
ويدعو الحراك الأمريكي الأخير للتساؤل عن سبب هذا التحول في الموقف الأمريكي من حرب غزة والغاية منه ولماذا باتت ترغب أكثر من أي وقت مضى في إيجاد صيغة لإنهاء هذه الحرب رغم انها من اعطى الضوء الأخضر في بدايتها لنتانياهو ليفعل ما يريد وهي من واصلت دعمه طيلة كل الأشهر الماضية دون تردد او مخاتلة.
لا يعني الحديث عن تغيير في الموقف الأمريكي من الحرب في غزة وقوف امريكا ضد الاحتلال ومساندتها للفلسطينيين في أزمتهم فهذا امر يكاد يكون من المستحيلات السبع لكن التغيير الذي نتحدث عنه هو الإصرار والرغبة بشدة في إيجاد حل للصراع سواء من خلال طرح خطة بايدن التي هي في حقيقة الامر خطة صهيونية تبناها الرئيس الأمريكي وذهب بها لمجلس الامن او من خلال الحديث عن خطة اليوم التالي للحرب كما جاء على لسان وزير الخارجية بلينكن.
وأمس الأربعاء قال أنتوني بلينكن، إن حركة “حماس” طلبت تغييرات في خطة الرئيس جو بايدن، لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، مشيراً إلى أن “بعض التغييرات قابلة للتنفيذ، وبعضها الآخر ليس كذلك”، وأضاف خلال مؤتمر صحافي مع نظيره القطري في الدوحة، أن “بعض مقترحات حماس تتجاوز ما قبلته في السابق”، مؤكداً عزم واشنطن والوسطاء على “سد الفجوة” في المفاوضات من أجل التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في القطاع.
واعتبر أن “حماس لا تستطيع تقرير مستقبل المنطقة، ولن يُسمح لها”، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة ستطرح خلال الأسابيع المقبلة مقترحاتها بشأن “اليوم التالي” للحرب على غزة، لافتاً إلى أن “الحلول التي تم التوصل إليها مستدامة وليست مؤقتة”.
ووصف بلينكن، الاتفاق المطروح في المفاوضات بأنه “شبه مطابق” لما طرحته “حماس” في 6 ماي الماضي، مضيفاً: “هذه كانت صفقة ساندها العالم بأكمله، وهي صفقة وافقت عليها دولة الاحتلال، وكان بوسع حماس الرد بكلمة واحدة وهي كلمة نعم”.
وأشار الوزير الأميركي إلى أن “هناك أفكاراً ملموسة بشأن كيفية إدارة قطاع غزة والأمن وإعادة الإعمار”، مؤكداً أن “هذه الخطة هي أمر ضروري لتحويل الهدنة إلى وقف دائم للحرب ولتحويل انتهاء الحرب إلى سلام عادل ودائم واستخدام ذلك السلام كأساس لبناء منطقة أكثر تكاملاً واستقراراً وازدهاراً”.
وتابع بلينكن: “اليوم كانت لدينا فرصة لمناقشة كيفية التوصل إلى حلول مستدامة تعود بالأمن والاستقرار على قطاع غزة والضفة، والمنطقة”، موضحاً أن الحل الدائم والعادل، هو دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، وفقاً لقرارات الشرعية الدولية على حدود 1967 تعيش بسلام جنباً إلى جنب مع الكيان الصهيوني”.
وزيارة بلينكن الحالية للمنطقة هي الثامنة منذ 7 أكتوبر الماضي.
طبعا يبدو الإصرار الأمريكي على وقف الحرب لافتا وهو امر في تقديرنا على صلة بعدة عوامل بعضها داخلي وهنا نتحدث عن الانتخابات الأميركية التي ستعطي إشارة انطلاقها بعد أيام قليلة وبعضها خارجي نرجح انه على صلة بالتحركات الصينية الأخيرة.
ان الرئيس بايدن الذي يخوض السباق الانتخابي مثقلا بملف صحي يلوح به خصومه وخصوصا بتداعيات الحرب على غزة والتي وصلت ارتداداتها لوسط الجامعات الأميركية يحاول ان يجد حلا لإنهاء هذا الصراع حتى لا يكون واحدا من الملفات التي قد تقلص من حظوظه في هذا السباق لذلك فان الإسراع بغلق هذا القوس في أقرب وقت ممكن يخدم مصالحه ويسحب البساط من تحت أقدام خصومه.
أما خارجيا لا يبدو أن بايدن وأميركا بشكل عام ينظران بعين الرضا للتقارب بين المنطقة العربية والصين التي احتضنت قبل أيام المنتدى العربي الصيني وجددت من خلاله دعمها للموقف العربي من الحرب في غزة.
لا تخفي كل من الصين والولايات المتحدة تنافسهما على منطقة الشرق الأوسط بسبب كونها سوقا استهلاكية كبيرة ولأنها مصدر مهم للطاقة عالميا إضافة إلى موقعها الذي يتحكم في مسالك وممرات الامدادات العالمية لذلك فان تفخيخها بالنزاعات قد يكون السلاح الذي يستعمله الطرفان في هذه المنافسة ولهذا السبب ربما لن تسمح واشنطن بان يكون الحل في غزة بعيدا عن غرفها المغلقة حتى تظل سيدة اللعبة والمتحكم الرئيسي فيها.
مع الأحداث : لماذا أعطى بايدن الضوء الأخضر لكييف لاستعمال الأسلحة الأمريكية؟
يحبس العالم أنفاسه وهو يتابع التطورات الأخيرة في أوكرانيا حيث ظهرت أسلحة تستعمل لأول مرة و…