2024-06-11

عن انتخابات البرلمان الأوروبي وصعود اليمين المتطرف : نحن معنيون أيضا..!

الخبر المزلزل الذي هز فرنسا قبل ساعات لم يكن في حقيقة الأمر مفاجئا، فصعود اليمين المتطرف في فرنسا وفي كل أوروبا كان على العموم أمرا متوقعا وكثيرة هي النذر التي لوحت به في السنوات الأخيرة حتى أن عدد المقاعد التي فاز بها تعتبر اقل مما هو متوقع.

ربما وحده قرار ماكرون بحل الجمعية العامة والذهاب إلى انتخابات مبكرة في غضون ثلاثة أسابيع فقط هو المقامرة الخطيرة التي ستضع فرنسا ومبادئها الجمهورية على المحك.

لماذا اكتسح اليمين المتطرف أوروبا و فرنسا؟ تحديدا يبدو السؤال أيضا من الأسئلة الإنكارية التي تحمل إجابتها في طياتها فالمسألة مرتبطة بعوامل داخلية وأخرى خارجية أيضا، يطول شرحها وذكرها رغم أنها معلومة للجميع وكثيرا ما أطنب المحللون في تشخيصها وتحليلها.

اليوم وقد صار هذا اليمين قاب قوسين أو أدنى من الحكم في فرنسا، يبدو السؤال الجوهري والأهم في نظرنا هو إلي أي مدى نحن معنيون بما يحدث على الضفة الأخرى من المتوسط؟

هناك أين يعيش عشرات الآلاف من أبنائنا المغتربين، بعضهم بشكل قانوني وأغلبهم بشكل غير قانوني، وكيف سيكون تعاملنا مع هذا اليمين الذي خبرناه من خلال سياسات جورجيا ميلوني رئيسة الحكومة الايطالية، والتي نجحت رغم كل ما قيل عنها قبل صعودها في استمالة الاتحاد الأوروبي فبات من بين أشد مسانديها خصوصا في ما يتعلق بملف الهجرة غير النظامية.

إن ما عاشته تونس من ضغوطات كبيرة خلال العامين الأخيرين من طرف الاتحاد الأوروبي الذي يرغب في أن يجعلها حارسا لحدوده من خلال ترحيل أزمته الثقيلة المتمثلة في المهاجرين غير النظاميين إليها رغم أن لا ناقة ولا جمل لها فيها، يجعل من التحولات الجديدة على الضفة الأخرى من المتوسط والتي شبهت بالزلزال السياسي تحولات بالغة الأهمية بالنسبة إلينا لأننا لن نكون بمنأى عن ارتداداتها.

إن اليمين المتطرف الذي نجح في الوصول للحكم في ايطاليا والمتوقع تصدره المشهد في فرنسا وتوسع نفوذه في اغلب الدول الأوروبية لن يتوانى عن الضغط على الدول الفقيرة والضعيفة وابتزازها دفاعا عن حدوده ومصالحه وستكون الهجرة غير النظامية وإغلاق حدوده أمام جحافل المهاجرين من أبرز برامجه لذلك لن يكون مستبعدا قيامه بحملات ترحيل عشوائية ستشمل التونسيين المقيمين هناك كما أن هذا اليمين الذي يرفع بكل وضوح وفي العلن شعارات الدفاع عن القومية الأوروبية والذي نجح في تخدير وعي الناخب الأوروبي منذ سنوات بأخبار مفادها أن العرب والمسلمين والمهاجرين بشكل عام يشكلون خطرا على المجتمعات الأوروبية، سيزيد من ضغطه باستعمال كل الأساليب ولعب كل الأوراق وفي مقدمتها الورقة الاقتصادية من اجل إجبارنا على الخضوع لامتلاءاته.

إن صعود اليمين المتطرف سيفتح الباب أمام صعود تشريعات أكثر تطرفا لوقف تدفق الهجرة غير النظامية وفرض المزيد من القيود على المهاجرين هناك كما حدث مع فرنسا قبل أشهر من خلال قانون الهجرة المثير للجدل.

ما من شك أن وصول اليمين المتطرف إلى الحكم في فرنسا وتوسعه في البرلمان الأوروبي ستكون له تداعياته على بلدنا يشكل مباشر أو غير مباشر لذلك من الواجب التهيؤ لذلك والتعامل مع هذه التحولات بكثير من الجدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

مع الأحداث | عودة العلاقات السورية التركية: هل اقترب اللقاء الكبير؟

في موقف جديد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أول أمس استعداده لاستئناف العلاقات مع سوري…