2024-06-11

انتخابات أوروبا : صعود اليمين المتطرف وزلزال سياسي في فرنسا

الصحافة اليوم (وكالات الأنباء) شهدت الانتخابات الأوروبية صعود تيار اليمين المتطرف في عدد من الدول في مقدمتها ألمانيا، محدثة زلزالا سياسيا بفرنسا، لكن من دون الإخلال بالتوازن السياسي ببروكسل. لكن رغم تقدم اليمين المتطرف سيكون تأثيره محدودا حسب مراقبين.

تؤكد  المعطيات الأولية لنتائج انتخابات البرلمان الأوروبي  إحراز الأحزاب اليمينية القومية والمتطرفة مكاسب هامة، وانتكاسة مريرة لزعيمي القوتين الرئيسيتين في  الاتحاد الأوروبي، المستشار الألماني  أولاف شولتس  والرئيس الفرنسي  إيمانويل ماكرون  الذي أعلن حلّ الجمعية الفرنسية ودعا لانتخابات تشريعية في 30 جوان الجاري.

جرت الانتخابات التي دُعي إليها أكثر من 360 مليون ناخب لاختيار 720 عضو في البرلمان الأوروبي، منذ الخميس في مناخ مثقل بالوضع الاقتصادي القاتم والحرب في أوكرانيا، فيما يواجه الاتحاد الأوروبي تحديات استراتيجية من الصين والولايات المتحدة.

 في فرنسا، تصدر حزب التجمع الوطني بقيادة جوردان بارديلا النتائج بنسبة تزيد على 31,5 بالمائة من الأصوات، متقدما بفارق كبير على حزب النهضة الذي يتزعمه الرئيس ماكرون (15,2 بالمئة)، بحسب تقديرات معاهد الاستطلاع. وبذلك سيحصل حزب الجبهة الوطنية على 31 من أصل 81 مقعدا فرنسيا في البرلمان الأوروبي.

وفي ألمانيا، رغم الفضائح الأخيرة التي طالت رئيس قائمته،  احتل حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16 إلى 16,5 بالمئة من الأصوات، خلف الاتحاد المسيحي المحافظ (29,5 إلى 30 بالمئة). لكنه تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديموقراطيين (14 بالمئة) والخضر  (12 بالمئة).

 في إيطاليا، تصدّر حزب “إخوة إيطاليا” اليميني المتطرف الذي تتزعمه  رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 25 إلى 31 بالمئة من الأصوات، وفق استطلاعات رأي مختلفة.

 أيضا في النمسا، حصل “حزب الحرية” اليميني المتطرف على 27 بالمئة من الأصوات، وعزز الهولنديون الذين كانوا أول من أدلوا بأصواتهم الخميس، موقف حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف.

 وفي إسبانيا، أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيسي للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعدا في البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وحقق حزب فوكس اليميني المتطرف تقدما بحصوله على 6 مقاعد.

 أما في بولندا، فقد تقدم الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد توسك على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي، لكن الأخير حافظ على قسم هام من الأصوات، كما أن اليمين المتطرف المتمثل في حزب كونفيديراجا لن يحصل على أقل من 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي.

انقسام اليمين المتطرف

 لكن اليمين المتطرف منقسم في البرلمان الأوروبي إلى كتلتين لا يزال تقاربهما غير مؤكد بسبب خلافات كبيرة بينهما، خاصة في ما يتعلق بروسيا.

 وبينما يتبنى أعضاء البرلمان الأوروبي تشريعات بالتنسيق مع الدول الأعضاء، يمكن لليمين المتطرف أن يجعل صوته مسموعا في القضايا الحاسمة: الدفاع ضد روسيا التوسعية، والسياسة الزراعية، والهجرة، والهدف المناخي لعام 2040، ومواصلة التدابير البيئية التي يرفضونها بشدة.

 تبقى الغالبية مشكّلة من أحزاب “الائتلاف الكبير” الوسطي الذي يضم اليمين (حزب الشعب الأوروبي)، والاشتراكيين الديموقراطيين، والليبراليين (التجديد)، والذي تحصل عادة في إطاره التسويات في البرلمان الأوروبي.

 ووفق التقديرات التي نشرها البرلمان الأوروبي مساء الأحد، فإن حزب الشعب الأوروبي سيحصل على 181 مقعد، والديمقراطيون الاشتراكيون 135 مقعد وكتلة تجديد أوروبا 82 مقعدا، أي 398 من إجمالي 720 مقعد. ومن المتوقع أن ينخفض عدد مقاعد الخضر إلى 53 مقعدا (مقارنة بأكثر من 70 حاليا).

حصن ضد المتطرفين!

وأكدت رئيسة المفوضية الأوروبية  أورزولا فون دير لاين  أن “حزب الشعب الأوروبي هو أقوى مجموعة سياسية (…) وهذا مهم، سنبني حصنا ضد متطرفي اليسار واليمين، وسنوقفهم”.

قالت فون دير لاين إنها واثقة من قدرتها على الفوز بفترة جديدة كرئيسة للمفوضية الأوروبية، وأضافت “نعم. أنا واثقة، لكن بالطبع أعلم أن الكثير من العمل في انتظاري. لكنني واثقة بالتأكيد في ما يتعلق بترشحي لفترة ثانية”.

 وفون دير لاين مرشحة لشغل المنصب مجددا، ويتعين عليها الحصول على موافقة زعماء الدول الأعضاء ثم غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي – الذين منحوها ثقتهم في عام 2019 بغالبية ضئيلة للغاية (تسعة أصوات).

كانت رئيسة المفوضية الأوربية قد توددت قبل الانتخابات إلى رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وحزبها، وقالت إنها ترى فيها شريكا مناسبا مؤيدا لأوروبا ومؤيدا لأوكرانيا – ما أثار استياء الليبراليين والاشتراكيين وكذلك الخضر.

كما أن انقسامات اليمين المتطرف حول الموقف الذي يجب تبنيه تجاه موسكو يمكن أن يؤدي إلى تعقيد المفاوضات في الاتحاد الأوروبي في وقت تسعى فيه الدول الأعضاء إلى تعزيز صناعتها الدفاعية بينما تواجه صعوبات في توفير التمويلات اللازمة.

 وشدّدت رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسن، بعد يومين من تعرضها لاعتداء في كوبنهاغن، على أن “المخاطر كبيرة”، مشيرة خصوصا إلى “السلامة والأمن في ظل الحرب في أوروبا” و”تغير المناخ” و”الضغط على حدود أوروبا” وتأثير “عمالقة التكنولوجيا”.

والتوجه المتوقع للبرلمان الأوروبي نحو اليمين يعني أن المجلس قد يكون أقل حماسا للسياسات الرامية إلى معالجة تغير المناخ بينما سيكون حريصا على التدابير الرامية للحد من الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي.

ومع ذلك فإن حجم النفوذ الذي ستمارسه الأحزاب القومية المتشككة في الاتحاد الأوروبي سيعتمد على قدرتها على التغلب على خلافاتها والعمل معا. وهذه الأحزاب منقسمة حاليا بين فصيلين مختلفين كما أن بعض الأحزاب والمشرعين خارج هذين التجمعين في الوقت الراهن.

ويشكو الناخبون في أنحاء الاتحاد الأوروبي منذ سنوات من أن عملية صنع القرار في بروكسل معقدة ومتباعدة ومنفصلة عن الواقع اليومي، وهو ما يفسر في كثير من الأحيان انخفاض نسبة المشاركة في انتخابات الاتحاد الأوروبي نسبيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

جوا وبرّا وبحرا : الاحتلال الصهيوني يدمّر مقدّرات الجيش السوري

(الصحافة اليوم وكالات الانباء)تحاول دولة الاحتلال الصهيوني الاستفادة من إسقاط نظام بشار ال…