في ظل الطفرة الاستهلاكية: تحذيرات من اقتناء المياه المروّجة في الصهاريج …
مع استمرار الانقطاعات المتكررة في المياه الصالحة للشرب والاضطرابات المسجلة في التزويد التي تعاني منها العديد من المناطق خاصة خلال فترة ذروة الاستهلاك في فصل الصيف أصبحت العديد من العائلات تلجأ إلى المياه المعبأة في الصهاريج التي تباع عبر شاحنات متجولة دون مراعاة للظروف غير السليمة التي تمت فيها عملية تعبئة هذه المياه ونقلها وهو ما حذر منه مؤخرا المدير العام للهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، محمد الرابحي.
الرابحي دعا المواطنين إلى عدم اقتناء هذه المياه نظرا لخطورتها على صحتهم موضحا بان هذه المياه غير آمنة لأنها مجهولة المصدر وغير مراقبة وبين الرابحي ايضا أن بعض الصهاريج المستعملة في نقل المياه كانت تحتوي على مواد كيميائية وأن أغلب الأواني المستعملة في نقل وحفظ المياه بلاستيكية وبمفعول الحرارة المرتفعة ستتسرب مكونات هذه الأواني إلى المياه مما ينتج عنها من إشكاليات صحية قد تكون فورية.
ورغم المجهودات التي تقوم بها الهيئة الوطنية للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية في المراقبة وردع المخالفين الا ان محطات تصفية المياه المُختصّة في الاتّجار بالماء مازالت تنشط كمزود رئيسي للشاحنات المتنقّلة لبيع الماء في الأحياء السكنيّة بمختلف الأحياء في المدن والأرياف وتوسعت هذه الظاهرة وزاد حجمها إلى درجة أنه بات يصعب التصدي لها في ظل الارتفاع الكبير في أسعار المياه المعلبة التي باتت تفوق القدرة الشرائية اذ يعدّ توزيع المياه عبر شاحنات الصهاريج وبيعها حلّا مواطنيّا لأزمة نقص الماء ولأسعار المياه المعدنية. ويطرح تفاقم ظاهرة بيع المياه بواسطة الصهاريج في تونس الكبرى وباقي مناطق الجمهورية ، نقاط استفهام عديدة في ظلّ استفحالها في السنوات الأخيرة، خاصة أنّ أغلب الناشطين يعملون دون رقابة صحيّة ممّا يهدّد سلامة المستهلكين.
والى جانب الآثار الصحية السلبية التي تخلفها مياه الصهاريج على المستهلك فان المياه المعلبة تطرح بدورها العديد من التساؤلات حول جودتها خاصة وان السوق التونسيّة اليوم تعج بشتى «الماركات» التي لا تتطابق في مستوى جودتها وقد اثبتت في الإطار دراسة حول سلوك التونسيين في علاقتهم بالمياه المعلبة أنّ معدّل الاستهلاك السنوي من المياه المعلّبة في ولايات تونس الكبرى التي يتجاوز عدد سكانها الـ3 مليون نسمة، يقدّر بحوالي 345 لترً للشخص الواحد وتختلف النسبة وفقا لخصوصيّة كل منطقة وحسب الوضعية الإجتماعية للمستهلكين لتتراوح بين 41 و720 لترً للشخص الواحد سنويا ورغم توسع السوق التونسية من حيث مبيعات المياه المعلّبة، إلا أن هذا القطاع يكتنفه الكثير من الغموض حول فوارق الجودة بين مختلف العلامات التجارية المروّجة، حيث أشارت الدراسة ذاتها إلى أنّ 60 في المائة من المستجوبين لا يهتمون بالتركيبة الفيزيوكيميائية عند شرائهم لمختلف أنواع المياه في حين أشار 89 % إلى أنّ الدافع الأبرز في اقتنائهم المياه المعلّبة يكمن في اقتناع راسخ لديهم بأنّها مياه نقية وخاضعة لرقابة مشددة.
وحسب أرقام المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، يعاني أكثر من 300 ألف مواطن من نقص المياه يعيش معظمهم في القرى والأرياف، مبينة أنّ نقص الموارد المائية في مناطق عدة بتونس غير مرتبط بالتغيرات المناخية بقدر ما هو إشكال قديم مرتبط اساسا بغياب أي سياسة مائية لتعميم شبكات توزيع المياه على جميع سكان القرى والمناطق الريفية، وعدم اعتماد استراتيجيات جديدة للحفاظ على الثروة المائية. كما أكد المنتدى أن 50 في المائة من أرياف تونس غير مزودة بشبكات توزيع المياه، فيما يختلف معدل الحصول على مياه الشرب اختلافاً كبيراً بين المناطق الحضرية والريفية.
بات يعصف بثوابت القيم والأخلاق : أيّ حدود.. وأيّ حلول.. لظاهرة التنمّر؟
كغيره من الظواهر الهدامة التي باتت تنخر المجتمع أصبح التنمر يتفاقم بشكل ملفت للنظر وينتشر …