2024-06-05

مع انطلاق الدورة الرئيسية لامتحانات الباكالوريا: التوازن النفسي من أول العوامل الأساسية لتعزيز فرص النجاح

تنطلق اليوم امتحانات الباكالوريا ومع بدايتها يزداد شعور التلاميذ بالضغط والتوتر، بالإضافة إلى سيطرة مشاعر الخوف والقلق على المترشحات والمترشحين، لما يشكله لهم هذا الامتحان من ضغط دراسي وعائلي، حيث يقوم معظمهم بالتركيز على الحفظ والاستعداد لامتحانات آخر السنة، مقابل إهمال صحتهم النفسية والجسدية ونمط عيشهم اليومي. وفي هذا الإطار دعت إيناس بن سليمة أخصائية نفسية للطفل والمراهق والكهل التلاميذ إلى عدم إجهاد النفس والصحة الجسدية، خلال فترة التجهيز للامتحانات، وذلك من خلال الاستمرار في المراجعة بالرغم من الشعور بالإرهاق الشديد. وأوضحت بن سليمة أن هذه الطريقة تؤثر سلبا على مردودية المترشح ، الذي يستحيل أن يقوم دماغه بالتركيز وتجميع المعلومات وهو في حالة تعب.

وتابعت الأخصائية في علم النفس أن التوتر الذي يسبق الامتحان يعتبر رد فعل طبيعي، وتميز في هذا الإطار بين نوعين من التوتر(إيجابي وسلبي)، موضحة بأن التوتر الإيجابي، والمعروف أيضا باسم «التوتر البيولوجي»، يعد مصدرا للتحفيز وتطوير القدرة على مواجهة التحديات، مشيرة إلى أن «الحصول على شهادة الباكالوريا هو أحد الأهداف التي يتيح تحقيقها الإحساس بسعادة بالغة». وفي المقابل، فإن آثار التوتر السلبي تكون أحيانا مدمرة للصحة العقلية والجسدية. وأوصت محدثتنا التلاميذ بتملك أدوات النجاح، من قبيل تقنية رسم الخرائط الذهنية التي تتيح التمثيل البصري للأفكار، وبلورة الذكاء الجماعي وغيرها من التقنيات التي تحفز روح الإبداع. وقالت في السياق ذاته إن التركيز عنصر أساسي آخر في عملية التنظيم، ذلك أن الدماغ يعالج، على نحو أمثل، المعلومات التي تصل إليه بالتتابع والترتيب. وعليه، ينبغي التحرر من المشاعر المشوشة الناتجة عن القلق، مع الحصول على فترات راحة بين الفينة والأخرى.
وشددت على ضرورة أن يقوم التلميذ بعملية التنفس العميق عندما يرتفع منسوب التوتر والقلق ويشعر الشخص بصعوبة في التنفس، لأن الدماغ يحتاج إلى الأوكسجين بشكل مضاعف للتفكير والحفظ لذلك من المهم اعتماد تقنية التنفس البطيء والعميق عدة مرات في اليوم انطلاقا من البطن، ورفع الذراعين أثناء المشي للحصول على تنفس أفضل.
وأشارت المختصة أيضا إلى الحلول المتعلقة بالعادات الغذائية السليمة، التي يفضل أن يعتمدها الطلبة المقبلون على الامتحانات لضمان تركيز أفضل أهمها تناول وجبة الإفطار، مع الحرص على أن تكون غنية بالعناصر الغذائية المفيدة للجسم بالإضافة إلى شرب كميات وفيرة من السوائل، خاصة الماء والحليب وعصير الفواكه.
مساندة العائلة
تعد الباكالوريا محطة مهمة في حياة أبناء كل العائلات، وينتاب القلق كثيرا منها بسبب هذا الامتحان، ذلك ما يفسر كل الضغط الذي قد ينقلونه إليهم وكل الإجراءات التي يتخذونها لمواكبتهم في هذه الاستعدادات مثل الدروس الخصوصية، والتدريب على التحكم في التوتر. وهنا دعت إيناس بن سليمة الى أن تتحلى العائلات وخاصة الأولياء بالسلوك الإيجابي في الحفاظ على الهدوء، لأن الأمر يتعلق بامتحان مثل باقي الامتحانات،وتلاميذ المرحلة الثانوية معتادون على إجراء الامتحانات منذ الفصول الأولى للمدرسة. وخلصت الأخصائية النفسية إلى القول بأن «التفاؤل مفتاح النجاح»، داعية أولياء أمور التلاميذ إلى تعزيز الاستقلالية والشعور بالمسؤولية لدى أبنائهم، كما أوصت بضرورة زرع الثقة في الأبناء من خلال منحهم هامشا من الحرية أثناء الاستعداد للامتحان، وتجنب ممارسة ضغط إضافي عليهم.
وأكدت بن سليمة في هذا الجانب على ضرورة أن يقبل الأولياء أبناءهم كما هم ومهما كانت النتائج ومساندتهم ومدهم بالدعم المعنوي الكبير فهذا ما يحتاجونه أي السند والمساندة والدعم وفق تعبيرها.
أما منال داود أستاذة اقتصاد لتلاميذ الباكالوريا فقد دعت تلاميذها إلى تنظيم جدول دراسي خاص بمواعيد المذاكرة، كتخصيص ساعتين في الفترة الصباحية لمادة معينة، أو تحديد مجموعة من المواد التي ستتم مراجعتها خلال الأسبوع، مع الحرص على تخصيص أوقات للراحة خلال اليوم ويوما واحدا في الأسبوع للترفيه بعيدا عن الكتب والمطبوعات.
وشددت داود على عدم السقوط في فخ المقارنة الذي من شأنه أن يربك التلميذ الذي سيقوم أوتوماتيكيا بمقارنة تحصيله الدراسي والمعرفي بزملائه، حيث سيشعر بأنهم أصبحوا مائة بالمائة جاهزين للامتحان، في حين مازال يشعر هو بالتعثر أو التأخر في الالتحاق برفاقه، علما أن طرق التجهيز والمراجعة تختلف، فقد يكون زميله قد قام بالحفظ السريع والسطحي أو اعتمد على طرق خاطئة في الاستعداد لامتحان نهاية السنة.
من جانبه قال عزيز المزوغي إن الشعور الذي ينتابه هو مزيج من الفرحة والخوف، فمن جهة انتظر هذه اللحظة لتتويج مسيرة 12 سنة من الدراسة باجتياز امتحان وطني له خصوصياته وقيمته المعنوية والمادية وأنه سعيد ببلوغها دون تعثرات ومن جهة أخرى ينتابه شعور بالخوف وهو طبيعي بالنسبة إليه لأن امتحان الباكالوريا مرحلة انتقالية مهمة ستحدد الملامح الأولى لمستقبله الدراسي والمهني.
وتابع عزيز أنه أنهى تقريبا مراجعة كل المواد لتبقى اللمسات الأخيرة وبعض التفاصيل التي سيحاول التركيز عليها دون مبالغة لأن الاستعداد والتحضير يكون على كامل العام الدراسي حتى لا يقع في فخ الضغط الإضافي والتراكمات متمنيا النجاح والتوفيق له ولكل التلاميذ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

ورشة عمل نظمها مجلس النواب بعنوان «عطلة الأبوة : الآثار الاجتماعية والاقتصادية وحالة التقدم في المنطقة» مشروع قانون إجازة الأمومة والأبوة بين الموجود والمأمول

ما يزال مشروع قانون إجازة الأمومة والأبوة في تونس محور نقاش وجدل سواء داخل وزارة الأسرة أو…