جدل بين النواب أصحاب المبادرة لتنقيحه وبين مكتب المجلس : هل يكون تعديل المرسوم 54 عنوانا لمرحلة جديدة..؟
تقدم مؤخرا 57 نائبا من مختلف الكتل البرلمانية الى مكتب المجلس بطلب استعجال النظر في المبادرة التشريعية التي تقدم بها 40 نائبا في 20 فيفري الفارط لتنقيح فصول من المرسوم 54 المتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال.وهذا المرسوم يمثل موضوع جدل ومحل انتقاد شريحة واسعة من الرأي العام التونسي، نظرا لموجة الاحالات والقضايا التي رفعت على ضوئه وشملت مواطنين عاديين وصحفيين ومحامين. ولم يستثن منه نواب الشعب، اذ مثل الى حد اليوم ثلاثة نواب محل شكاية على معنى أحكامه.
وبالرغم من ان مبادرة النواب لتعديل هذا المرسوم مر على تقديمها الى مكتب المجلس أكثر من ثلاثة أشهر الا انها لم تحل بعد على اللجان المختصة، ما دفع أصحاب المبادرة ونوابا آخرين الى تقديم طلب استعجال النظر وذلك بتاريخ 29 ماي2024. وقد جاء في نص الطلب انه « بعد الاطلاع على دستور 25 جويلية 2022 في فصله 68 في فقرته الثانية التي تنص على أنه للنواب حق عرض مقترحات القوانين شرط أن تكون مقدمة من عشرة نواب على الأقل» وعملا بالفصل 123 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب الذي ينص على : «على مكتب المجلس أن يحيل مقترحات ومشاريع القوانين إلى اللجنة المختصة في أجل خمسة عشر يوما من تاريخ إيداعها ويأذن بتعميمها على جميع النواب ونشرها على الموقع الرسمي للمجلس».
واعتبر النواب الموقّعون على طلب استعجال النظر انه قد تم ارتكاب خرق جسيم للدستور والنظام الداخلي لمجلس نواب الشعب ومصادرة لإرادة نواب الشعب ولحقهم المكفول دستوريا في التشريع.وطالبوا بالالتزام بالفصل 68 من الدستور والفصلين 73 و123 من النظام الداخلي.
وفي هذا الإطار صرح النائب محمد علي مقرر لجنة الحقوق والحريات لـ«الصحافة اليوم» ان مبادرة النواب لتعديل المرسوم 54 مازالت قابعة في رفوف المجلس ومكتب المجلس لم يكلف نفسه النظر فيها ولا إحالتها الى لجنة الحقوق والحريات. ليضيف ان هناك عدم احترام واضح للآجال القانونية، إذ كان من المفروض ان يتم تمرير المبادرة الى اللجنة في صورة خلوها من إشكالات تقنية او شكلية في حدود 15 يوما من تاريخ ايداعها. ليعتبر ان مكتب المجلس ورئيس البرلمان بصفة خاصة له تقدير آخر لم يفهمه النواب، يجعله لا يلتزم لا بالنظام الداخلي للبرلمان ولا بالدستور، باعتبار انه من حق النواب تقديم مبادرة تشريعية ومناقشتها داخل اللجان المختصة التي لها صلاحية الموافقة على تمريرها للجلسة العامة من عدمه.
وأوضح محدثنا ان النواب متمسكون بحقهم في تمرير مبادرتهم التشريعية لتعديل المرسوم 54 من منطلق ان عمل البرلمان مرتبط بالشأن العام وان هذا المرسوم يمثل مثار جدل في الساحة السياسية وفي الساحة الإعلامية وحتى في الشارع التونسي وذلك بسبب العدد الكبير للمتضررين منه. وهو ما دعا النواب المدافعين عن فكرة التنقيح الى البحث عن تحقيق التناسب كمبدإ دستوري، وذلك بأن تكون العقوبة مناسبة لنوعية الجرم، خاصة وان العقوبات المنصوص عليها في المرسوم هي عقوبات متشددة وفيها استسهال للعقوبة السجنية.
ليضيف النائب ان النقاش العام حول هذا المرسوم أكد انه أصبح عائقا امام الديمقراطية وامام الحرية كمكسب تحقق بعد الثورة وسالت من اجله دماء الشهداء. وان كان هناك ما يستوجب تنظيم الحريات فان ذلك يكون بقوانين منظمة لا بقوانين تلغيها. ذلك ان التونسيين بعد 25 جويلية 2021 كان من بين آمالهم تثبيت المسألة الديمقراطية والحرية واعطائها بعدها الاجتماعي في انسجام تام مع المواثيق الدولية، غير ان المرسوم 54 مثل للأسف تراجعا عما هو مأمول من هدوء سياسي ومن اطمئنان على عدم التراجع عن مكاسب الثورة. وبالتالي يحاول النواب من خلال اقتراح التنقيح تطوير أداء التشريع للحفاظ على المكاسب وخلق نوع من الثقة والابتعاد عن هاجس الخوف الذي بات يملأ نفوس التونسيين وفق تعبيره.
وترمي التنقيحات المقترحة الى الملاءمة بين القانون التونسي والقوانين والمواثيق الدولية التي تمثل اعلى رتبة وأكثر صلابة في القانون. وتشمل التنقيحات في هذا الاتجاه الفصول 5 و9 و10 و12 و21 و22 و23. في حين ان الفصل 24 فان المطلوب هو حذفه بشكل نهائي من المرسوم 54، نظرا لأحكامه المشددة واستعماله للتضييق على حرية التعبير وباعتبار وجود تشريعات أخرى في القانون التونسي يمكن اعتمادها مثل المرسومين 115 و116 ومجلة الاتصالات والمجلة الجزائية.
وبالمناسبة شدّد النائب محمد علي على ان النواب أصحاب المبادرة التشريعية لتعديل المرسوم 54 متشبثون بحقهم الدستوري في التشريع وتمرير مبادرتهم الى اللجان المختصة، مؤكدا انه ليس من حق مكتب البرلمان مصادرة حق النواب أو التصويت على تمرير أي مبادرة تشريعية مقدمة من النواب على التصويت الداخلي بين اعضاء مكتب المجلس. وبالتالي أكد على ضرورة تمرير المبادرة الى لجنة الحقوق والحريات للمصادقة عليها وتمريرها إثر ذلك الى الجلسة العامة لتكون لها الكلمة الفصل.
ضعف مشاركة الشباب في الانتخابات الرئاسية 2024: نسبة تستحق القراءة والتمحيص من أجل تفادي العزوف عن التصويت
تمثل الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 مثالا واضحا لغياب الشباب كناخبين وناخبات. وقد بينت الإح…