2024-06-02

من منطلق تحقيق المصلحة المشتركة:  تونس تنوّع من شراكاتها لدفع الاستثمار والتنمية

تعمل الحكومة ومختلف هياكل الدولة منذ فترة على تسريع نسق جلب الاستثمار ودفع التنمية من خلال تنويع شراكات التعاون مع مختلف الدول العربية والخليجية والغربية ودول شرق آسيا وهو ما يتجلى في كثافة مشاركة بلادنا في اللقاءات الأخيرة سواء الإقليمية أو الدولية أو العربية وأيضا تلك اللقاءات الثنائية في إطار اجتماعات اللجان المشتركة مع مختلف الدول التي تربطنا بها علاقات تعاون وشراكة قائمة ومتواصلة.

فتونس التي لها وزن استراتيجي وتاريخي تعمل هذه الفترة على وضع موطئ قدم وفرض نسقها لدعم مختلف شراكاتها بهدف دفع التنمية والاستثمار باعتبارها وجهة مفضلة لعدد هام من دول العالم انطلاقا من الدول العربية والخليجية وصولا إلى دول  من القارة الأوروبية والقارة الآسيوية وفي مقدمتها جمهورية الصين الشعبية وروسيا وغيرها من الدول الشريكة والصديقة والتي تجمعنا معها علاقات تعاون وتوحّدنا المواقف والرؤى المشتركة من كبرى القضايا الإقليمية والدولية.

فقد تزامن اختتام الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي الذي توّج بعقد شراكة استراتيجة بين تونس والصين وإمضاء اتفاقات للتعاون الاقتصادي والفني و3 مذكرات تفاهم لإنشاء فريق عمل للإستثمار وتقوية التعاون الإنمائي والنهوض بتفعيل مبادرة التنمية العالمية وفي مجال التنمية الخضراء ومنخفضة الانبعاث الكربونية، تزامن مع توقيع مذكرة تفاهم بين الجمهورية التونسية والمجمع السعودي «أكوا باور» أول أمس الجمعة والتي تتعلق بإنجاز مشاريع الهيدروجين الأخضر المدمج للطاقات المتجددة.

وتتنزل هذه الاتفاقية في إطار الإعداد لبنية تحتية متطورة لإنتاج الهيدروجين الأخضر مدمجة للطاقات المتجددة في بلادنا بقدرة إجمالية تناهز 12 جيغاواط من الطاقات المتجددة.

وفي سياق تفعيل الاتفاقيات التي وقّعتها بلادنا مع عدد من الدول ، تولى المدير العام للجسور والطرقات بوزارة التجهيز والإسكان صلاح الزواري، الأربعاء 29 ماي 2024، إمضاء محضر جلسة مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي JICA، للانطلاق في مشروع التعاون الفني التونسي- الياباني في مجال صيانة المنشآت الفنية،وذلك في إطار التعاون الفني بين وزارة التجهيز والإسكان والوكالة اليابانية للتعاون الدولي.

ويندرج هذا المشروع ضمن اتفاقية التعاون الفني بين الحكومتين التونسية واليابانية التي تم امضاؤها خلال القمة الإفريقية اليابانية الثامنة TICAD 8 التي تم تنظيمها في تونس خلال شهر أوت 2022.

فبينما نحن نتابع زيارة الدولة الأولى من نوعها لرئيس الجمهورية قيس سعيد إلى جمهورية الصين الشعبية ونتائج المشاركة في الاجتماع الوزاري العاشر لمنتدى التعاون الصيني العربي المنعقد بالعاصمة السياسية بكين من 28 الى 01 جوان الجاري والاستقبال الرسمي المشرّف لرئيس الجمهورية من قبل نظيره شي جين بينغ والتي أسفرت عن عقد شراكة استراتيجية الأولى من نوعها في تاريخ العلاقات التونسية الصينية ومجمل مذكرات التفاهم والاتفاقيات الممضاة بين الجانبين في مختلف المجالات والقطاعات، تستعد بلادنا هذه الأيام أيضا للمشاركة في المنتدى التونسي التركي للأعمال والشراكة الذي تحتضنه مدينة اسطنبول يوم 5 جوان المقبل، لأوّل مرة بعد تعديل اتفاق التبادل الحرّ القائم منذ 2005 ، أواخر سنة 2023.

وتفيد المعطيات أن ما يناهز 300 مسؤول حكومي ورجل أعمال من تونس وتركيا سيشاركون في هذه التظاهرة التي ستنعقد تحت إشراف وزيري التجارة بكل من تونس وتركيا إلى جانب مشاركة للهياكل والمؤسسات العمومية المهتمة بملفات الاستثمار والسياحة في محاولة لتحريك عجلة التعاون خارج معادلة الميزان التجاري لتشمل تحفيز الاستثمار والسياحة.

ويبرز أيضا سعي بلادنا إلى دفع الاستثمار والتنمية في مختلف القطاعات من خلال المشاركة القيّمة لوزيرة الاقتصاد والتخطيط فريال الورغي السبعي في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الافريقي للتنمية(BAD)  التي انعقدت بالعاصمة الكينية نيروبي يومي 28 و 29 ماي الجاري. أو من خلال مختلف التنقيحات التي أدخلت على مجلة الاستثمار ومجلة الصرف من قبل الحكومة والأطراف ذات العلاقة وغيرها من المشاريع ذات العلاقة بهدف التحفيز على الاستثمار ودفع التنمية ببلادنا.

ومثّلت اللقاءات الثنائية التي قامت بها وزيرة الاقتصاد والتخطيط فريال الورغي السبعي والتي جمعتها برئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية Akinwumi Adesina ، وغيرها من اللقاءات الأخرى فرصة هامة لإعطاء لمحة عن تطور الوضع الاقتصادي في تونس خلال الفترة الأخيرة وما سجله من مؤشرات إيجابية وقدرة على الصمود في ضوء تواصل التأثيرات الخارجية وتداعيات التغيرات المناخية وهو ما من شأنه أن يساهم في مزيد تحفيز مختلف الأطراف والجهات المانحة على الاستثمار في بلادنا وتمويل مختلف البرامج والمشاريع العمومية ذات الأولوية وهو ما يتضح جليّا  من خلال تأكيد حرص رئيس مجموعة البنك الإفريقي للتنمية على مواصلة البنك دعم تونس في مسارها الإصلاحي والتنموي واستعداده لدراسة مختلف المشاريع ذات الأولوية الوطنية التي تحتاج إلى التمويل.

ونعتقد أن مختلف هذه المشاركات الناجعة لبلادنا في مختلف المنتديات والمؤتمرات الإقليمية والدولية بالتوازي مع تنفيذ البرامج الحكومية في علاقة بجلب الاستثمار ودفع التنمية من شأنه أن يأتي بالنتائج المرجوة خاصة وأن كل المتغيّرات الإقليمية والدولية الأخيرة تخدم مصالح الدولة التونسية وشعبها خاصة بعد التوجّه الذي اتخذته بلادنا في علاقة بتنويع الشركاء الاقتصاديين وربط علاقات تعاون مع الأطراف المانحة وعدم الاقتصار على الشريك التقليدي الممثل في الاتحاد الأوروبي وتفعيل الدبلوماسية الاقتصادية.

وما على بلادنا وفق هذا الطرح وفي السياقات الجديدة الحالية إقليميا ودوليا سياسيا واقتصاديا إلاّ أن تحسن تحديد أولوياتها في المستقبل وتعمل على التحرك بالسرعة والنجاعة المطلوبتين سواء في إطار علاقة التعاون والشراكة الإستراتيجية الجديدة مع جمهورية الصين الشعبية لحسن الاستفادة من مختلف برامج التعاون وفي مقدمتها مبادرة «الحزام والطريق» كإطار عام للتعاون أو منتدى التعاون الصيني العربي ومنتدي التعاون الصيني الإفريقي أو مختلف آليات وبرامج التعاون والشراكة الدولية الأخرى مع مختلف الدول الشريكة والصديقة في إطار ثنائي أو متعدد الأطراف وفق مبدإ المصلحة المشتركة واحترام استقلالية القرار الوطني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

هجرة المهندسين التونسيين : ظاهرة خطيرة تستدعي حلولا عاجلة

لا يختلف اثنان اليوم حول ارتفاع ظاهرة هجرة المهندسين في السنوات الأخيرة وما تمثله من خطورة…