في لقائه بالرئيس الصيني وفي احتفالية استقبال خاصة بالرئيس قيس سعيد : إقامة علاقات شراكة استراتيجية بين البلدين والعمل على بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية
كانت زيارة رئيس الجمهورية ومشاركته في المنتدى العربي الصيني العاشر إلى جانب عدد من الزعماء العرب مناسبة هامة بالنسبة لتونس للتعبير بصوت عال عن مواقفها من عديد القضايا بصوت عال في ظل مناخ عالمي متقلب يحكمه ميزان غير عادل قائم على ابتزاز العالم القوي للضعفاء.
وقد مثلت هذه الزيارة فرصة للتأكيد على ثوابت تونس وتصورها للمواثيق الدولية وللمنظومة الكونية لحقوق الانسان التي قال رئيس الجمهورية إنها «لا يجب أن تبقى مجرد قواعد في نصوص قانونية داخلية أو في صكوك دولية لا أثر لها في حيز الواقع والتطبيق» لأن «الإنسان هو ذات بشرية في الشمال وفي الجنوب والشرق والغرب والحقوق التي يجب أن يتمتع بها يجب أن تكون هي ذاتها في كل أصقاع العالم».
الزيارة حملت أيضا اعلانا عن إقامة شراكة استراتيجية بين تونس والصين، جاء ذلك أمس خلال استقبال خاص أقامه الرئيس الصيني شي جين بينغ لرئيس الجمهورية بالقصر الرئاسي الصيني واجريت خلاله محادثات بين وفدي البلدين اختتمت بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات.
وتتواصل زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس سعيد للصين على هامش المنتدى العربي الصيني العاشر والتي حملت عنوانين بارزين الأول التأكيد على متانة العلاقات التونسية الصينية والثاني التأكيد على موقف تونس «الثابت والراسخ المتعلق بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقه السليب في كل أرض فلسطين وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف» كما ورد في كلمة الرئيس الخميس.
وخلال جلسة عمل موسعة بحضور أعضاء وفدي البلدين توجّه خلالها بالشكر للرئيس الصيني على الدعوة لأداء زيارة دولة إلى الصين، أعرب رئيس الجمهورية عن يقينه بأن هذه الزيارة ستعطي دفعا قويا للعلاقات المتينة التي تجمع بين تونس والصين منذ ستة عقود والتي شهدت العديد من الإنجازات والمشاريع ترجمت الإرادة الراسخة في أن تكون الروابط بين البلدين والشعبين متميزة ووطيدة.
وجدّد رئيس الجمهورية التأكيد على موقف تونس الداعم لوحدة الصين ولممارستها لسيادتها على كل أراضيها مقابل تمسكها باستقلال قرارها الوطني النابع من إرادة شعبها وترفض أي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية.
احترام متبادل
وبخصوص العلاقات بين البلدين بيّن رئيس الجمهورية أن تونس والصين يتقاسمان العديد من المبادئ والقيم ويجمعهما تاريخ مشترك وبإمكانهما إطلاق مشاريع تعاون وشراكة أوسع وأشمل في عدة مجالات، معربا عن رغبة تونس في صنع تاريخ جديد خاصة عبر بلورة شراكات عملية مع الجانب الصيني لتنفيذ جملة من المشاريع التنموية ذات الأولوية في بلادنا خاصة في قطاعات الصحة والبنية التحتية والاقتصاد الأخضر والنقل والتحول الطاقي وتهيئة المنشآت الرياضية والتكنولوجيا الحديثة.
وأضاف أن هذه الزيارة ستكون فاتحة مسيرة تدعيم ما تم إنجازه ثنائيا وإطلاق مشاريع تنموية واستثمارية جديدة وواعدة للجانبين.
وكان اللقاء أيضا فرصة لتأكيد رئيس الجمهورية مرة جديدة على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته كاملة السيادة على كل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، معتبرا أن المجتمع الإنساني يتطلع إلى عالم أكثر عدلا وأن ما تقوم به قوات الاحتلال الغاصب من جرائم ومجازر يومية بحق الشعب الفلسطيني الأعزل على مرأى ومسمع المجتمع الدولي لا يمكن أن يتواصل ولا بدّ من إعادة الحقوق المسلوبة إلى أصحابها.
ديناميكية جديدة
ومن جانبه، أشار الرئيس الصيني إلى أن زيارة رئيس الجمهورية إلى بيكين ستضفي ديناميكية جديدة على العلاقات الثنائية وستعزز الجهود المشتركة من أجل تكريس الصداقة التاريخية لتعميق التعاون العملي في كافة المجالات خاصة منها البنية التحتية والطاقات المتجددة والصحة والتنمية المستدامة والفلاحة.
وقال «لقد أعلنا اليوم عن إقامة شراكة استراتيجية صينية-تونسية، والتي ستفتح مستقبلا أكثر إشراقا لعلاقاتنا».
وأضاف شي أن الصين تدعم تونس في اتباع مسار تنموي يناسب ظروفها الوطنية ودفع عملية الإصلاح بشكل مستقل والحفاظ على مستقبلها في يديها بكل قوة.
ونوّه بموقف تونس بخصوص المسائل الحيوية الداخلية الصينية، مشددا، في ذات السياق، على دعم الصين للقيادة التونسية وخياراتها الوطنية ورفضها لكل محاولات التدخل في الشأن الداخلي التونسي.
وأكد الرئيس الصيني استعداد بلاده لمواصلة دعم التنمية في تونس وتعزيز ولوج المنتجات التونسية إلى السوق الصينية وتطوير فرص التعاون والشراكة في قطاعات الشباب والتعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا، فضلا عن تشجيع السياح الصينيين على اختيار الوجهة السياحية التونسية.
وأعرب عن استعداد الصين لتعزيز تضافر استراتيجيات التنمية مع تونس، وتعميق التعاون في مجالات مثل تشييد البنية التحتية والطاقة الجديدة، وتعزيز محركات نمو جديدة للتعاون في الرعاية الطبية والصحية، والتنمية الخضراء، والموارد المائية، والزراعة وغيرها من المجالات، وتعزيز تعاون الحزام والطريق عالي الجودة بين البلدين لتحقيق المزيد من النتائج، مرحبا بدخول المزيد من المنتجات التونسية عالية الجودة إلى السوق الصينية.
وحث شي الجانبين على العمل مع بلدان الجنوب لتعزيز التضامن والتنسيق، وممارسة التعددية الحقيقية، والدعوة إلى عالم متعدد الأقطاب يتسم بالمساواة والتنظيم وعولمة اقتصادية شاملة ومفيدة عالميا، وتحقيق التنمية المشتركة.
وأعرب عن استعداد الصين للعمل مع تونس من أجل بناء منتدى التعاون الصيني-العربي ومنتدى التعاون الصيني-الإفريقي بشكل جيد، وضخ زخم جديد في تنمية العلاقات الصينية-العربية، وبناء مجتمع مصير مشترك رفيع المستوى بين الصين وإفريقيا بشكل مشترك.
توقيع اتفاقيات
أشرف الرئيسان على مراسم التوقيع على اتفاقيات تعاون بين تونس والصين وهي كالتالي:
– اتفاق تعاون اقتصادي وفني.
– مذكرة تفاهم حول انشاء فريق عمل للاستثمار.
– مذكرة تفاهم بشأن تقوية التعاون الانمائي والنهوض بتفعيل مبادرة التنمية العالمية.
– مذكرة تفاهم في مجال التنمية الخضراء ومنخفضة الانبعاثات الكربونية.
– اتفاق تعاون بين الإذاعة الوطنية التونسية والهيئة الصينية للإذاعة والتلفزيون.
– اتفاق تعاون بين وكالة تونس أفريقيا للأنباء ووكالة أنباء شينخوا الصينية.
– مذكرة تفاهم بين التلفزة التونسية ومجموعة الصين للإعلام
الحق الفلسطيني
وتأتي تصريحات رئيس الجمهورية أمس لتعيد تأكيد ما قاله الخميس خلال مشاركته في أشغال المنتدى العربي الصيني حين شدد على «موقف تونس الثابت والراسخ المتعلق بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقه السليب في كل أرض فلسطين وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».
وأشار إلى أن «المجتمع الانساني بدأ ينتفض في كل مكان ضد هذا العدوان وهذه الجرائم البشعة، التي ترتكب كل يوم في حق شعب سلب لا من أرضه فقط بل حتى من حقه في الحياة»، داعيا المجتمع الدولي لأن «يلحق بما ينادي به المجتمع الانساني، الذي انطلق في التشكل كما لم يتشكل من قبل».
وكان منتدى التعاون الصيني-العربي، دعا الخميس، إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة، والعمل على التوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووقف الحرب ومعارضة التهجير القسري للشعب الفلسطيني.
يذكر أن المنتدى تأسس عام 2004، بمبادرة من الرئيس الصيني الراحل هو جين تاو، خلال زيارته لمقر جامعة الدول العربية في القاهرة آنذاك. ويضم المنتدى إلى جانب الصين، 22 دولةً عضوا في الجامعة العربية، ويهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون وتدعيم السلام والتنمية.
وسعت بكين لتوطيد علاقاتها مع البلدان العربية في السنوات الأخيرة ورعت العام الماضي اتفاق تقارب بين طهران والرياض. واستضافت بكين الشهر الماضي كلا من حركة حماس، وفتح لإجراء «محادثات معمّقة وصريحة بشأن دعم المصالحة بين الفلسطينيين.
العدوان على غزة : قصف مكثف على الشمال يحول دون وصول المساعدات
الصحافة اليوم (وكالات الانباء) استهدف جيش الاحتلال الصهيوني شمال قطاع غزة بقصف مكثف وأغلق …