2024-05-31

جولة في فضاءات صالون الابتكار في الصناعات التقليدية في دورته الـ40 :  تـــنـــوّع وجـــودة في المـــنـــتـــوج الـــتـــقـــلـــيـــدي

قبل دقائق من فتح أبواب صالون الابتكار في الصناعات التقليدية بقصر المعارض بالكرم أمام الزوار انهمكت الحرفية كافية الوحيشي في ترتيب قفافها ومظلاتها المصنوعة من «السعف» مع الحرص على ان تكون كل قطعة في مكانها حتى يتمكن الحريف من اختيار ما يروق له، «انا مكونة وحرفية مختصة في الالياف النباتية وخاصة «سعف النخلة» انطلقت مشاركتي في المعارض على المستوى المحلي منذ سنة 2012 في الحامة ثم في قابس وعلى المستوى الخارجي شاركت في معارض بالمغرب  ثم شاركت في معرض بقصر المعارض بالكرم وسوسة والمهدية وصفاقس وأخيرا بالساحلين وها انا اليوم اجدد العهد مع قصر المعارض بالكرم من خلال صالون الابتكار في الصناعات التقليدية في دورته الاربعين» تقول كافية لـ«الصحافة اليوم» اثناء زيارة لمختلف فضاءات الصالون امنها الديوان الوطني للصناعات التقليدية بحر الأسبوع الحالي .

ويجد الزائر لصالون الابتكار في الصناعات التقليدية أجود ما جادت به قريحة الحرفيين من مختلف ولايات الجمهورية وعددهم يفوق ألف مشارك في اختصاصات متنوعة ومميزة تمثل عصارة عمل وجهد سنوات من الخبرة والتكوين تحت اشراف الديوان الوطني للصناعات التقليدية عبر الدورات التكوينية التي يشرف عليها ويحرص  على ان تشمل جل الاختصاصات ويبدو ان تأجيل موعد الدورة الأربعين للصالون من شهر مارس الفارط الى موعده الحالي بين 24 ماي و 2 جوان 2024 قد اثر على عدد الزوار على اعتبار ان العائلة التونسية تعيش على وقع الامتحانات الوطنية. وتقول كافية في هذا الخصوص «هناك تراجع كبير في حرفائنا الذين تعودنا عليهم وللأسف فان فترة انعقاد الدورة الجديدة تزامنت مع انشغال العائلات التونسية بالامتحانات وعلى اعتبار المصاريف التي تتحملها العائلة التونسية للدروس الخصوصية التي تثقل كاهلها لا سيما مع اقتراب موعد عيد الأضحى». وقد ارتبط صالون الابتكار في الصناعات التقليدية بالكرم بارتفاع الأسعار في المنتجات التقليدية المعروضة وهذا يعود أساسا إلى جودتها وجودة المواد الأولية وندرتها أحيانا وفي مجال تخصصها تجد الحرفية كافية الوحيشي صعوبة في تامين «سعف النخلة» خاصة بعد تراجع هذه المادة جراء الحرائق التي طالت عددا من الواحات إلا أن أسعار المنتجات التقليدية على اختلاف أنواعها من منسوجات وفخار وألياف نباتية لا تحددها ندرة وارتفاع المواد الأولية فحسب من وجهة نظرها  وانما ارتفاع كلفة المشاركة في الصالون وأيضا مصاريف التنقل والكراء والأكل والشرب وغيرها من المصاريف التي ترهق الحرفي .

وبعد مرور أيام على افتتاح صالون الابتكار في الصناعات التقليدية بدأت الحركة نشطة نسبيا داخل فضاءات وأروقة الصالون التي تمتد على نحو 13الف متر مربع وقد لاقى تنوع المنتوج التقليدي استحسان عدد من الزوار الذين استطلعت «الصحافة اليوم» آراءهم وقد لمست الطالبة مريم تومي «ماجستير ديزاين» تطورا في الابتكارات التقليدية على العديد من المحامل مقارنة بالسنة الفارطة وهذا ما حملته منتجات الحرفية روضة الرابحي وهي حرفية من ولاية توزر تمثل عصارة نحو 23سنة في مجال «سعف النخلة» اين طوعت مختلف أجزاء النخلة من «السعفة والليفة» و«الجريدة» الى حقائب ومظلات عصرية ومعلقات جدارية ومحامل للشمع ولمادة الصابون «احب حرفتي واشجع الشباب على اتقانها لأنها مصدر للإبداع والابتكار واحاول جاهدة تطويع المادة الأولية لصنع منتوجات جديدة تتماشى مع الحياة اليومية للحريف التونسي والاجنبي وقد حصلت على جائزة مؤخرا في مسابقة للابتكار على المستوى الجهوي بعد ان استوحيت مقعدا وفي الان نفسه «قفة» يمكن ان تضع فيها ربة المنزل أي مستلزمات سواء ملابس او لعب أطفال» .

تجمع تجاري ومهني

ويشكل الصالون الوطني للابتكار في الصناعات التقليدية الذي بلغ من العمر عتيا تجمعا تجاريا ومهنيا للحرفيين يضم الحرفيين القدماء الذين أمضوا السنوات الطوال في اختصاصاتهم والباعثين الشبان والجدد المستثمرين في القطاع منهم خريجو المؤسسات الجامعية المحدثة الذين يحرص الديوان الوطني للصناعات التقليدية على ادماجهم عبر التاطير والمرافقة ضمن برامج وندوات موجهة لفائدتهم بهدف تطوير وهيكلة نشاطهم في مجال تطويع المخزون الحرفي الأصيل وتوظيف المواد الأولية المحلية بالاعتماد على مناهج الابتكار والتجديد ويعد فضاء الباعثين الجدد بالصالون المنتظم سنويا ضمن فعاليات التظاهرات واجهة تعكس نجاعة وفاعلية خدمات التاطير والمرافقة .

وعلى الرغم من حداثة عهدها في مجال صنع «الفضيات» الذي يمتد على أربع سنوات خلت الا ان المصوغ الذي تتقنه الحرفية خضراء بلقاسم من جزيرة جربة من ولاية مدنين أبهر كل الحرفاء المارين بجوار فضائها «هذه اول مشاركة لي في صالون الابتكار بالكرم وسأحرص على تجديد العهد مع الحرفاء وتلبية طلباتهم في صنع قطع من المصوغ خفيفة مستوحاة من التراث التقليدي بالجهة وتطويعه مع ادخال لمسات عصرية تتناسب مع الشباب» وبسبب ارتفاع أسعار الذهب فان المصوغ من الفضيات المغطى بالذهب صار بديلا للحريف التونسي خاصة وان أسعاره مناسبة واضافت الحرفية خضراء قطعا من المصوغ التقليدي الخاص بجزيرة جربة منها «المحبوب» و«الليرة» في صنع قلائد واقراط جميلة بلمسة عصرية .

وفيما سجلت خضراء بلقاسم مشاركتها الأولى في الصالون هاهي الحرفية وفاء الرزقي تجدد العهد مع صالون الابتكار في الصناعات التقليدية بعد مشاركتها الأخيرة التي تعود الى سنة 1998«بعد عدة مشاركات على المستوى المحلي بولاية قبلي وتكوين استمر لسنوات في مجال التطريز اليدوي أسست شركة خاصة وكونت عددا من الحرفيات»تقول وفاء التي تدين بالفضل الى الحرفية عائشة عبيد التي أشرفت على تأطيرها ومساعدتها على بعث مشروعها الخاص وعودتها الى المشاركة على المستوى الوطني من خلال بوابة صالون الابتكار في الصناعات التقليدية .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

اطلاق مشروع «المخبر الرقمي» بمركز التوثيق والارشيف للديوان الوطني للأسرة والعمران البشري: نحو ارساء ادارة الكترونية حديثة

تعمل تونس على تسريع التحول الرقمي وهي عملية أضحت ضرورية لأي مؤسسة تسعى الى التكيف مع التغي…