2024-05-26

لا بد من تغيير الممارسات الانتاجية للتوفيق بين التنوع البيولوجي والتنمية: إطلاق المرحلة الثانية من مشروع «التنوع البيولوجي 2030» بتونس

قد تبدو المسألة ظرفية، أو طارئة وغير معروفة للكثيرين، لكنها اصبحت أمرا واقعا قطعت فيه تونس أشواطا لا بأس بها من المرحلة الاولى، وتستعد الان للمرحلة الثانية من مشروع التنوع البيولوجي 2030 التي ستركز على “تنفيذ اتفاق كونيمينغ-مونتريال من خلال تشجيع التغيرات في الممارسات الانتاجية التي توفق بين التنوع البيولوجي والتنمية” والتي سيتم تنفيذها حتى نهاية 2026.

وقد التزمت تونس خلال المرحلة الاولى بممارسة البنود الواردة في هذه الاتفاقية خصوصا من ناحية تطبيقاتها على الارض من خلال التركيز على حماية التنوع البيولوجي خلال العمليات الانتاجية، حتى لا يكون الانتاج على حساب الطبيعة وحتى يتم الحفاظ على كل العناصر خلال العملية الانتاجية.

البداية كانت في مجال المياه حيث التزم كل من الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه والغرفة الوطنية لمنتجي المياه المعلبة، “بوضع سياسات لحماية المواقع الطبيعية التي تحتضن العيون الطبيعية مع ضبط حدود فورية وقريبة للحماية واخرى بعيدة ضمن مجال عيون المياه.” حتى لا يقع استنزاف تلك المواقع والعيون، ويكون مصيرها النضوب أو تختفي من الخارطة البيولوجية تماما، كما وقع في السابق مع عدد كبير من منابع المياه التي بتنا نسمع عنها مجرد حكايات اقرب الى الاساطير، ولم يبق منها حتى آثار تدل عليها.

في نفس المجال، أي حماية التنوع البيولوجي أمضى قطاع الاسمنت على الاتفاقية واتخذ الالتزام في قطاع الاسمنت، الذي يعد 6 مصانع، ويعتبر قطاعا ملوثا، شكل “وعد بتطوير ونشر المعارف حول التنوع البيولوجي على مستوى مناطق الاستغلال وفي مجال إعادة تهيئة المنظومات والمشاهد الطبيعية بعد استغلال المقاطع.” وهو ما وقع فعلا في عديد الدول في العالم حيث أصبحت المواقع التي كانت في وقت سابق مخصصة لانتاج الاسمنت، حدائق عامة ومحميات طبيعية ومواقع يطيب فيها العيش، وهذا بامكان قطاع الاسمنت ان يركّزه في تونس، ولا يتطلب امكانيات ضخمة، فقط ارادة ثابتة في الالتزام بحماية التنوع البيولوجي والعناية بالبيئة.

أما القطاع المصرفي وهو المساهم الثالث من تونس في هذه الاتفاقية بعد قطاعي المياه والاسمنت، بإدماج معايير بيئية، “تعزّز التنوع البيولوجي، في قرارات الاستثمار وتقييم المخاطر. ولعلّ أحدث التزام في هذا الصدد، هو الشراكة الاستراتيجية المبرمة، يوم الأربعاء، بين بنك خاص والصندوق العالمي للطبيعة بهدف حماية البيئة ومكافحة التغيرات المناخية والحفاظ على التنوع البيولوجي.”

هذه القطاعات الثلاثة من تونس التي التزمت بما جاء في الاتفاقية ستتولى بالتنسيق فيما بينها،بـ “تطوير مشاريع انتقالية نحو ممارسات إيجابية للطبيعة، أو حتى الحلول القائمة على الطبيعة، والتي سيتم تقديمها إلى الممولين المحتملين الى جانب برمجة إجراءات أخرى كجزء من مبادرة التنوع البيولوجي 2030”.

ويتضمن هذا الاطار تنفيذ أربعة أهداف شاملة في افق 2050 “تركز على النظام الإيكولوجي وسلامة الأنواع، بما في ذلك وقف انقراض الأنواع التي يسببها الإنسان، والاستخدام المستدام للتنوع البيولوجي والتقاسم العادل للمنافع والتنفيذ والتمويل” وفق ما جاء في تقرير الصندوق العالمي للطبيعة لشمال افريقيا، الذي بيّن أن المرحلة الثانية من الاتفاقية ستعمل على “تشريك الفاعلين للاتفاق حول آليات السياسات العامة القطاعية التي سيتم اعتمادها للحفاظ على التنوع البيولوجي، ولكن أيضًا على الممارسات الإنتاجية والمقاربات التحويلية التي سيتم تنفيذها على مستوى المنطقة النموذجية من أجل المساهمة في تنفيذ اتفاقية كونمينغ-مونريال”.

وتعتبر هذه المبادرة الأولى لإشراك القطاع الاقتصادي الخاص بشكل مباشر في الجهود المبذولة للحفاظ على التنوع البيولوجي والتراث الطبيعي.

ويسعى هذا الاطار الى تحقيق جملة من الأهداف بحلول عام 2030، وتتعلق، خاصة، “بالحفاظ على 30 بالمائة من الأراضي والبحار والمياه الداخلية وإصلاح 30 بالمائة من النظم الإيكولوجية المتدهورة وخفض معدلات إدخال الكائنات الغازية إلى النصف”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لا بد من الرهان على الحزم الاداري والردع القانوني: الوعي المواطني وحده لا يكفي لحماية البيئة والمحيط

عادة ما يتداول التونسيون في موسم الاصطياف خصوصا، صورا ومشاهد وفيديوهات لمجموعات شبابية او …