2024-05-26

الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬لازالا‭ ‬يحتلان‭ ‬صدارة‭ ‬الاهتمام‭:‬ أي‭ ‬وضع‭ ‬للبنية‭ ‬الأساسية‭ ‬بعد‭ ‬سبعين‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬الاستقلال؟

قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬موضوع‭ ‬البنية‭ ‬الاساسية‭ ‬من‭ ‬المواضيع‭ ‬التي‭ ‬مازالت‭ ‬تستقطب‭ ‬الاهتمام‭ ‬لدى‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬خاصة‭ ‬وقد‭ ‬باتت‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ‬المحسومة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬سياسة‭ ‬دولة،‭ ‬منظمة‭ ‬وممنهجة‭ ‬منذ‭ ‬سبعة‭ ‬عقود‭ ‬تقريبا،‭ ‬وما‭ ‬يزيد‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬فهو‭ ‬تحسين‭ ‬وتطوير‭ ‬وليس‭ ‬انجازا‭.‬

لكن‭ ‬المسالة‭ ‬عكس‭ ‬ذلك‭ ‬تماما،‭ ‬لان‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬يبقى‭ ‬هو‭ ‬الاساس‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الازمنة،‭ ‬لانها‭ ‬هي‭ ‬حمّالة‭ ‬التنمية‭ ‬وهي‭ ‬قاطرة‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬القفز‭ ‬عليها‭ ‬حتى‭ ‬بالذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬مبتكرات‭ ‬التقدم‭.‬

آخر‭ ‬الاحصاءات‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬تقول‭ ‬ان‭ ‬القطاعين‭ ‬اللذين‭ ‬ركزت‭ ‬عليهما‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬منذ‭ ‬انبعاثها‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬ستة‭ ‬وخمسين،‭ ‬أي‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة،‭ ‬لا‭ ‬يزالان‭ ‬بكل‭ ‬المقاييس‭ ‬المعتمدة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬يتأخران‭ ‬اشواطا‭ ‬كثيرة‭ ‬عن‭ ‬نظرائهما‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬المتقدمة،‭ ‬وحتى‭ ‬المماثلة‭ ‬لوضعنا‭.‬

صحيح‭ ‬أن‭ ‬تونس‭ ‬كانت‭ ‬سبّاقة‭ ‬في‭ ‬هذين‭ ‬المجالين،‭ ‬بل‭ ‬وساهمت‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والافريقية،‭ ‬ووصل‭ ‬اشعاع‭ ‬المعلمين‭ ‬والاطباء‭ ‬والكوادر‭ ‬التونسية‭ ‬الى‭ ‬كل‭ ‬اصقاع‭ ‬العالم،‭ ‬لكن‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬الداخل‭ ‬توقف‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحدود،‭ ‬وتجاوزتنا‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬كنا‭ ‬نبني‭ ‬مدارسها‭ ‬ونلقّح‭ ‬لفلاحيها‭ ‬ورعاتها،‭ ‬باشواط‭ ‬كبيرة‭ ‬وبقينا‭ ‬نحن‭ ‬حيث‭ ‬نحن،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تخبّط‭ ‬السياسات‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الاخيرة‭ ‬وكثرة‭  ‬المتدخلين‭ ‬في‭ ‬القطاعين،‭ ‬وتتالي‭ ‬برامج‭ ‬الاصلاح‭ ‬التي‭ ‬كل‭ ‬منها‭ ‬ليهدم‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬ويحاول‭ ‬ان‭ ‬يبني‭ ‬حسب‭ ‬برنامجه،‭ ‬لكنه‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬يذهب‭ ‬قبل‭ ‬حتى‭ ‬بداية‭ ‬البناء،‭ ‬وهكذا‭ ‬دواليك‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والفوضى‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬في‭ ‬خسارات‭ ‬عديدة‭ ‬للقطاعين،‭ ‬مضافا‭ ‬لها‭ ‬نزيف‭ ‬الهجرة‭ ‬للكوادر‭ ‬الطبية‭ ‬والتعليمية،‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬مخيفا‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬السكوت‭ ‬عنه‭.‬

في‭ ‬التقرير‭ ‬الرابع‭ ‬والعشرين‭ ‬حول‭ ‬مؤشرات‭ ‬البنية‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬الذي‭ ‬نشره‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للاحصاء‭ ‬على‭ ‬موقعه‭ ‬الالكتروني،‭ ‬نكتشف‭ ‬حقائق‭ ‬صادمة،‭ ‬لعل‭ ‬أهمها‭ ‬ان‭ ‬االمستشفيات‭ ‬العمومية‭ ‬التونسية‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬سريرين‭ ‬لكل‭ ‬100‭ ‬ساكن‭ ‬فقطب‭  ‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬لا‭ ‬يفي‭ ‬بالحاجة،‭ ‬بل‭ ‬لا‭ ‬يقترب‭ ‬مجرد‭ ‬اقتراب‭ ‬من‭ ‬المأمول‭ ‬صحيا‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬التقرير‭ ‬يشرح‭ ‬ذلك‭ ‬باعتباره‭ ‬تطورا،‭ ‬لافتا‭ ‬الى‭ ‬ان‭ ‬عدد‭ ‬الاسرة‭ ‬بالمستشفيات‭ ‬العمومية‭ ‬زقد‭ ‬تطور‭ ‬من‭ ‬15574‭ ‬سريرا‭ ‬سنة‭ ‬1994‭ ‬الى‭ ‬22888‭ ‬سنة‭ ‬2022‭ ‬متوقعا‭ ‬ان‭ ‬يصل‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الى‭ ‬22164‭ ‬سريرا‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬اي‭ ‬بمعدل‭ ‬1.9‭ ‬سرير‭ ‬لكل‭ ‬100‭ ‬ساكنس‭.‬

وتستقطب‭ ‬تونس‭ ‬الكبرى‭ ‬ثلث‭ ‬الاسرة‭ ‬بـ‭ ‬6679‭ ‬سريرا‭ ‬وولايات‭ ‬الوسط‭ ‬الشرقي‭ ‬نسبة‭ ‬24‭ ‬بالمائة‭ ‬ب5638‭ ‬سريرا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬عدد‭ ‬الاسرة‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬الغربي‭ ‬1440‭ ‬سريرا‭.‬

وقد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬تونس‭ ‬افريقيا‭ ‬ان‭ ‬التقرير‭ ‬قد‭ ‬تناول‭ ‬زمؤشرات‭ ‬البنية‭ ‬الاساسية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الصحة‭ ‬والتربية‭ ‬والتكوين‭ ‬والتعليم‭ ‬العالي‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬والشباب‭ ‬والرياضة‭ ‬والثقافة‭ ‬والسياحة‭ ‬والطفولة‭ ‬وكذلك‭ ‬المؤشرات‭ ‬بالتزود‭ ‬بالماء‭ ‬الصالح‭ ‬للشراب‭ ‬والربط‭ ‬بشبكات‭ ‬الكهرباء‭ ‬والتطهير‭ ‬وتكنولوجيات‭ ‬الاتصال‭ ‬والبريد‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الإنجازات‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬النقل‭ ‬وتهيئة‭ ‬المناطق‭ ‬الصناعية‭ ‬حتى‭ ‬موفى‭ ‬سنة‭ ‬2022‭.‬س

وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬البنية‭ ‬الاساسية‭ ‬لازالت‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬نقص‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬مقوماتها‭ ‬الاساسية،‭ ‬وتتطلب‭ ‬تركيزا‭ ‬خاصا‭ ‬من‭ ‬الاجهزة‭ ‬التنفيذية‭ ‬لمزيد‭ ‬دعمها‭ ‬وتطويرها‭ ‬حتى‭ ‬تكون‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬تحديات‭ ‬الاستثمار‭ ‬التي‭ ‬يراد‭ ‬جلبها‭ ‬وفي‭ ‬مستوى‭ ‬رهانات‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬التي‭ ‬يراد‭ ‬تحقيقها‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لا بد من الرهان على الحزم الاداري والردع القانوني: الوعي المواطني وحده لا يكفي لحماية البيئة والمحيط

عادة ما يتداول التونسيون في موسم الاصطياف خصوصا، صورا ومشاهد وفيديوهات لمجموعات شبابية او …