2024-05-22

مع تواصل موجة هجرة الأدمغة : توصيات ببعث هياكل لتنمية الاستثمارات العلمية والتكنولوجية

يتواصل نزيف هجرة الأدمغة من مختلف القطاعات وفي مقدمتها قطاعات المهندسين والأطباء والقطاعات شبه الطبية…ويؤكد المختصون والمشرفون على الهياكل المهنية على ضرورة  تحسين قدرة الاقتصاد الوطني على استيعاب الآلاف من خريجي الكليات والمعاهد العليا المختصة في تكوين هذه الإطارات.

وقد أظهرت دراسة أعدّها المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجية ارتفاع نسق هجرة الأطباء ومهنيي الصحة بشكل عام استنادا إلى أرقام نشرتها الوكالة التونسية للتعاون الفني، مما يدعم ما نبّهت إليه عمادة الأطباء التي أعلنت على لسان كاتبها العام أنّ 1500 طبيب غادروا تونس في سنة 2023.

  كما تشير التقديرات إلى مغادرة 4000 طبيب تونسي في غضون الثلاث سنوات الأخيرة، بحثا عن ظروف عمل أفضل أمام ما يعيش على وقعه  القطاع الصحي العمومي من مشاكل مختلفة لم تجد طريقها إلى الحل النهائي إلى حد الآن لتحفيز كفاءاتنا الطبية وشبه الطبية لعدم مغادرة البلاد والعدول عن فكرة الهجرة التي عموما تكون بسبب البحث عن فرص عمل أفضل سواء من الناحية المادية في علاقة بالأجور أو ظروف العمل وتطوير المهارات.

وتشير آخر الأرقام أنه تم تسجيل هجرة 39 ألف مهندس من تونس في الفترة الأخيرة، بمعدل 6500 مهندس سنويا و49 بالمائة منهم من اختصاص إعلامية أي انه مع استثناء المهندسين المهاجرين والمتقاعدين والذين غيروا مهنتهم بعد التخرج فإننا لا نجد سوى ما بين 3 أو 4 مهندسين لكل 1000 ساكن والذي يعتبر معدلا ضئيلا جدا مقارنة بدول أخرى  التي نجد فيها ما بين 12 و13 مهندسا على كل ألف ساكن .

في المقابل تتعالى الدعوات إلى أهمية دفع العجلة الاستثمارية وتنقيح التشريعات لإطلاق يد المستثمر التونسي والأجنبي  للانتصاب في تونس وتحقيق التنمية المطلوبة الكفيلة بخلق الثروة وتحريك عجلة الاقتصاد لما يتوفر داخل تونس من إمكانيات بشرية ويد عاملة مختصة في شتى المجالات بإمكانها لعب دور محفز لجلب  المشاريع والاستثمارات عوض التفريط في هذه الكفاءات لصالح اقتصاديات أجنبية متطورة.

وفي هذا السياق كان رئيس المنتدى التونسي للمعرفة والتنمية البشرية أحمد فريعة قد أكد  أن للمهندس دورا مهما في كل الحضارات والمجتمعات القديمة والحديثة وفي الدفع نحو التنمية  داعيا إلى اتخاذ إجراءات لتدعيم هذا الدور من خلال بعث  صندوق للابتكار في مجال الهندسة إلى جانب  توفير التمويلات الخاصة به لتشجيع الابتكار والبحث في صفوف  المهندسين وتعميم استخدام الرقمنة في مراحل التكوين ومراجعة شروط طلبات المناقصة التي تطلقها هياكل الدولة ومنح المهندسين الشبان فرص العمل ضمنها وإنشاء لجنة وطنية لليقظة التكنولوجية والعلمية.

في المقابل حذّر عميد المهندسين التونسيين كمال سحنون، من أن نزيف هجرة المهندسين متواصل، وأن معضلة هجرة الكفاءات في تونس مستمرّة مؤكدا خلال جلسة عقدتها لجنة التربية في مجلس نوّاب الشعب الأسبوع الفارط أن ما ينجر عن هجرة المهندسين من إهدار للإمكانيات البشرية بعد كل التكاليف التي بذلتها المجموعة الوطنية والتي تقدّر بحوالي 650 مليون دينار، وهي تكاليف أولوية باعتبار الدور الكبير للمهندسين في خلق الثروة داخل أرض الوطن حيث يتخرج في تونس ما بين 8000 و8500 مهندس بين المؤسسات العمومية والخاصة.

ومن جانبه اعتبر محمد ناصر عمار رئيس المجلس الإستراتيجي في تصريح إعلامي أن هجرة الكفاءات التونسية من الطب والهندسة هي خسارة للمجموعة الوطنية ككل موضحا أن هجرة المهندسين في اختصاص تكنولوجيات الاتصال  والذكاء الاصطناعي وعلوم «الداتا» تعاني منها تونس وعدة دول لان هناك طلبات مكثفة في سوق الشغل  العالمية على هذا الاختصاص وخاصة من  دول لا تركز في تكوينها على  مختصين في هذه المجالات وتستقطب بذلك هذه الكفاءات لمواكبة ثورة الذكاء الاصطناعي.

كما أشار إلى  أنه حان الوقت لطرح ملف هجرة الأدمغة التونسية للنقاش بجدية وخلق مناخ يمكّن من المحافظة عليهم   ويحفّزهم على البقاء بتونس وذلك بتسهيل ولوجهم للمنصات الالكترونية العالمية التي تمكّنهم من فتح مؤسسات والعمل عن بعد دون الهجرة بالضرورة ومتابعة المهندسين لأعمالهم في الولايات المتحدة الأمريكية والصين وغيرهما من تونس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

النائب عزالدين التايب لـ»الصحافة اليوم»: زيارة رئيس البرلمان الجزائري لتونس سيكون لها بعد اقتصادي هام

يؤدي رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري إبراهيم بوغالي زيارة رسمية إلى تونس على رأس وفد بر…