2024-05-19

يمكنها‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬بديلا‭ ‬قارا‭ ‬وثابتا‭:‬ السياحة‭ ‬البديلة‭ ‬ومفهوم‭ ‬الاحتياط‭ ‬لكل‭ ‬المواسم

تشكّل‭ ‬السياحة‭ ‬رافدا‭ ‬هاما‭ ‬من‭ ‬روافد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني،‭ ‬بل‭ ‬كثيرا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬احد‭ ‬الرهانات‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬التنمية،‭ ‬وكثيرا‭ ‬ما‭ ‬سخّرت‭ ‬لها‭ ‬الدولة‭ ‬كل‭ ‬الامكانيات،‭ ‬ووضعت‭ ‬لها‭ ‬التشريعات‭ ‬واعطتها‭ ‬من‭ ‬الامتيازات‭ ‬ما‭ ‬حرمت‭ ‬منه‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى‭ ‬عديدة‭.‬

لكن‭ ‬بالمقابل‭ ‬يبقى‭ ‬السؤال‭ ‬المطروح‭ ‬دائما،‭ ‬هل‭ ‬اوفت‭ ‬السياحة‭ ‬بالامال‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬معلقة‭ ‬عليها‭ ‬وهل‭ ‬حققت‭ ‬طموحات‭ ‬من‭ ‬دعموها‭ ‬ومن‭ ‬راهنوا‭ ‬عليها؟

الجواب‭ ‬بالتأكيد‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬الا‭ ‬نسبيا،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الارقام‭ ‬متفاوتة‭ ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬متناقضة‭ ‬بين‭ ‬ما‭ ‬يصرّح‭ ‬به‭ ‬المشتغلون‭ ‬بالقطاع‭ ‬وأصحاب‭ ‬النزل‭ ‬ووكالات‭ ‬الاسفار‭ ‬وبين‭ ‬الارقام‭ ‬الرسمية‭ ‬لدخل‭ ‬العملة‭ ‬الصعبة‭ ‬وحجم‭ ‬التعاملات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

لكنها‭ ‬بالتأكيد‭ ‬ايضا‭ ‬لا‭ ‬تفي‭ ‬بالحاجة‭ ‬ولا‭ ‬تسدّ‭ ‬رمق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‭ ‬المتعطش‭ ‬للسيولة‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬وأغلب‭ ‬مداخيلها‭ ‬تذهب‭ ‬في‭ ‬مسالك‭ ‬لا‭ ‬نعلمها،‭ ‬وما‭ ‬يدخل‭ ‬منها‭ ‬لخزانة‭ ‬البلاد‭ ‬التونسية‭ ‬أقل‭ ‬بكثير‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬المؤمّل‭ ‬والمنتظر‭.‬

القائمون‭ ‬على‭ ‬الشأن‭ ‬السياحي‭ ‬يعرفون‭ ‬هذا‭ ‬جيدا‭ ‬ويعرفون‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬بكثير،‭ ‬ويعرفون‭ ‬خاصة‭ ‬مسالة‭ ‬المواسم‭ ‬والتاثيرات‭ ‬الداخلية‭ ‬والخارجية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬تستجد‭ ‬في‭ ‬اي‭ ‬وقت‭ ‬ولاي‭ ‬سبب‭ ‬من‭ ‬الاسباب‭ ‬وتقضي‭ ‬على‭ ‬موسم‭ ‬كامل‭ ‬وعلى‭ ‬ملايين‭ ‬الانتظارات‭ ‬والاحلام‭.‬

لذلك‭ ‬يبدو‭ ‬ان‭ ‬النية‭ ‬قد‭ ‬باتت‭ ‬تتجه‭ ‬فعلا‭ ‬نحو‭ ‬إرساء‭ ‬سياحة‭ ‬بديلة‭ ‬تكون‭ ‬على‭ ‬الاقل‭ ‬ضامنا‭ ‬لاستمرارية‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬وتقضي‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الانقطاعات‭ ‬الموسمية‭ ‬التي‭ ‬تضر‭ ‬كثيرا‭ ‬بالفنادق‭ ‬وبالمشتغلين‭ ‬فيها،‭ ‬وتخلق‭ ‬دائما‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التخبط‭ ‬وعدم‭ ‬الجاهزية‭ ‬للاستقبال‭ ‬عند‭ ‬العودة‭ ‬المفاجئة‭ ‬خاصة‭.‬

كما‭ ‬أنها‭ ‬تضمن‭ ‬استمرارية‭ ‬الخدمة‭ ‬السياحية،‭ ‬وتخلق‭ ‬تقاليد‭ ‬جديدة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬مبدإ‭ ‬الضيافة‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬السنة‭ ‬وللجميع‭ ‬دون‭ ‬تفريق‭ ‬ولا‭ ‬تمييز،‭ ‬وهي‭ ‬التقاليد‭ ‬التي‭ ‬تفتقر‭ ‬اليها‭ ‬سياحتنا‭ ‬للاسف،‭ ‬والتي‭ ‬لازالت‭ ‬الى‭ ‬اليوم‭ ‬تميّز‭ ‬بين‭ ‬المواطن‭ ‬والاجنبي،‭ ‬في‭ ‬طرق‭ ‬المعاملة‭ ‬وفي‭ ‬التكاليف‭ ‬وفي‭ ‬الخدمة‭ ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬أثمان‭ ‬الحجوزات،‭ ‬وتعامل‭ ‬التونسي‭ ‬على‭ ‬انه‭ ‬نكرة‭ ‬او‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬ان‭ ‬يدخل‭ ‬الفنادق‭ ‬او‭ ‬يقيم‭ ‬فيها‭ ‬او‭ ‬يتمتع‭ ‬بخدمتها،‭ ‬رغم‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬الارقام‭ ‬تفيد‭ ‬بان‭ ‬التونسي‭ ‬اكثر‭ ‬استهلاكا‭ ‬وأكثر‭ ‬انفاقا‭ ‬في‭ ‬الفنادق‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬نظرائه‭ ‬الاجانب‭.‬

آخر‭ ‬دراسة‭ ‬خصصت‭ ‬للسياحة‭ ‬البديلة‭  ‬أعدتها‭ ‬الجامعة‭ ‬التونسيّة‭ ‬لوكالات‭ ‬الأسفار‭ ‬بالشراكة‭ ‬مع‭ ‬الجمعية‭ ‬الالمانية‭ ‬لمنظمي‭ ‬الرحلات،‭ ‬بغاية‭ ‬زتشخيص‭ ‬الوضع‭ ‬وتصوّر‭ ‬الحلول‭ ‬لتجاوز‭ ‬الصعوبات‭ ‬الإدارية‭ ‬والقانونية،‭ ‬التّي‭ ‬تواجه‭ ‬المهنيين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬السياحة‭ ‬البديلةس،‭ ‬خلصت‭ ‬الى‭ ‬ضرورة‭  ‬إصدار‭ ‬مجلّة‭ ‬موحّدة‭ ‬للسياحة‭ ‬وتبسيط‭ ‬الإجراءات‭ ‬لفائدة‭ ‬تطوير‭ ‬السياحة‭ ‬البديلة‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬وستبسيط‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتعلّقة‭ ‬بإدارة‭ ‬السياحة‭ ‬البديلة‭ ‬وإحداث‭ ‬مشاريع‭ ‬حاصلة‭ ‬على‭ ‬العلامة‭ ‬في‭ ‬المجالس‭.‬

الدراسة‭ ‬أكدت‭ ‬أهميّة‭ ‬إصدار‭ ‬مجلّة‭ ‬موحدة‭ ‬للسياحة‭ ‬تضم‭ ‬بابا‭ ‬خاصّا‭ ‬بالسياحة‭ ‬البديلة‭ ‬والمستديمة‭ ‬زيسمح‭ ‬بوضع‭ ‬حد‭ ‬للإجراءات‭ ‬المعقّدة‭ ‬والطويلة‭ ‬الحالية‭ ‬ويضمن‭ ‬التناغم‭ ‬بين‭ ‬التشريعات‭ ‬والإجراءات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الفاعلين‭ ‬في‭ ‬القطاعس‭.‬

‭ ‬والتعويل‭ ‬على‭ ‬السياحة‭ ‬البديلة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حصره‭ ‬في‭ ‬العناية‭ ‬بالسائح‭ ‬التونسي‭ ‬والمغاربي‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬ايضا‭ ‬في‭ ‬استنباط‭ ‬طرق‭ ‬جديدة‭ ‬لجلب‭ ‬السياح‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬الاصناف،‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬مصادر‭ ‬جديدة‭ ‬للسياح،‭ ‬واستنباط‭ ‬بدائل‭ ‬سياحية‭ ‬غير‭ ‬تقليدية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬خلق‭ ‬المناسبات‭ ‬والمهرجانات‭ ‬والمواسم‭ ‬التي‭ ‬تغري‭ ‬السياح‭ ‬بالعودة‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الصورة‭ ‬النمطية‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الرمال‭ ‬والشمس‭ ‬والبحر،‭ ‬والتي‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬علامة‭ ‬مميزة‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬أصبحت‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬التبلد‭ ‬والسذاجة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الاستقطاب‭ ‬القوي‭ ‬والمنافسة‭ ‬الشرسة‭ ‬على‭ ‬سوق‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬اهم‭ ‬الاسواق‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تنضب‭ ‬ولا‭ ‬تنضب‭ ‬مداخيلها‭ ‬طالما‭ ‬اننا‭ ‬نعرف‭ ‬كيف‭ ‬نوظفها‭ ‬ونستفيد‭ ‬من‭ ‬خبراتنا‭ ‬المتراكمة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لا بد من الرهان على الحزم الاداري والردع القانوني: الوعي المواطني وحده لا يكفي لحماية البيئة والمحيط

عادة ما يتداول التونسيون في موسم الاصطياف خصوصا، صورا ومشاهد وفيديوهات لمجموعات شبابية او …