2024-05-16

في انتظار إصلاح شامل للمنظومة المالية والبنكية : الوضع الاقتصادي الصعب يقتضي مطابقة المجلة التجارية للقوانين المالية الدولية

تتزايد الدعوات الموجهة إلى مجلس نواب الشعب من أجل التسريع في تغيير التشريع وإلغاء العقوبات السالبة للحرية في قانون الشيكات بدون رصيد وذلك عبر تنقيح الفصل 411 من المجلة التجارية او اسقاطه باعتبار نتائجه المأساوية على نشاط آلاف المؤسسات الاقتصادية الصغرى والمتوسطة التي تعطلت أو أفلست بعد إيقاف المشرفين عليها في قضايا الصكوك بدون رصيد على معنى الفصل 411 من المجلة التجارية. ويعتبر تنقيح هذا الفصل ضمانا لحق الطرفين المتعاملين بالصك دون عقوبات سالبة للحرية وتفعيلا للعقوبات البديلة والتتبع المدني وإجراء فيه احترام للمواثيق الدولية لحقوق التونسيات والتونسيين ودعم للنسيج الاقتصادي وللاقتصاد التونسي عموما. وبالنظر إلى أنه يعتبر أحد  مكبلات الحياة الاقتصادية وعاملا من العوامل التي جرمتها وعطلت تطورها، وسعيا لإيجاد حلول لتداعيات جريمة اصدار شيك دون رصيد على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، قدم نواب الشعب مبادرة بمقترح القانون عدد 08/2024 المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك بدون رصيد. وهي مبادرة تعزّز دور النائب في القيام بدوره التشريعي والتفاعل مع مطالب المواطنين وتعمل على المساهمة في دفع الحياة الاقتصادية في البلاد.

وفي تفاعل مع ذلك ونظرا لاهمية هذا الموضوع عقدت لجنة  التشريع العام مساء الجمعة 10ماي 2024 جلسة استماع حول مقترح القانون المتعلق بالعفو في جريمة إصدار شيك بدون رصيد استمعت خلالها إلى النواب المبادرين الذين بينوا أن رفع العقوبة السجنية على من تعذر عليه الوفاء بقيمة الشيك كورقة تجارية توثق معاملة تجارية يعد أمرا ضروريا وذلك لعدة اعتبارات أهمها الوضع الإقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد، مضيفين أن القانون يستوجب أن يكون التشريع الوطني متطابقا مع المواثيق الدولية التي صادقت عليها تونس، من ذلك المادة 11 من العهد الدولي الخاص بحقوق الانسان التي تنصّ على أنه «لا يجوز سجن أي انسان لمجرد عجزه عن الوفاء بالتزام تعاقدي».

كما أشاروا إلى أنّ الواقع يؤكّد أن سجن صاحب الشيك بدون رصيد لا يمكّن الدّائن المستفيد من استرجاع أمواله حيث أن سجن مصدّر الشيك بدون رصيد لا يمكنه من العمل على تسديد دينه ويصبح عبءا ثقيلا على الدولة. وقدّم النواب المبادرون بمقترح القانون جملة من الإحصائيات والمعطيات تتعلّق بعدد الشيكات دون رصيد وحجمها، و عدد المساجين في قضايا الشيك دون رصيد ،إضافة إلى عدد المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي أغلقت أبوابها وأفلست للفترة من 2017-2021  نتيجة رفض المؤسسات البنكية تمويلها ومعاضدتها الأمر الذي كان له تأثير مباشر على تراجع نسب النمو الاقتصادي.

كما اكّدوا ضرورة التدخّل العاجل لوضع حدّ لهذه الوضعيات الاقتصادية والاجتماعية  المتردية ،من خلال دعم المبادرة التشريعية المعروضة من قبل النواب.كما أبرزوا أنه لا علاقة  لهذه المبادرة التشريعية بمشروع القانون المزمع احالته والمتعلق بإصلاح منظومة الشيك ككل.ودعا عدد من النواب إلى تسريع المصادقة على مقترح القانون المتعلق بالعفو العام في جريمة إصدار شيك دون رصيد،تبعا للتداعيات الاقتصادية و الاجتماعية لهذه الجريمة و التي تؤكّدها الأرقام والاحصائيات التي وقع عرضها من قبل جهة المبادرة، في انتظار تنقيح ومعالجة كافة الأحكام المتعلقة بالشيك صلب المجلة التجارية، علاوة على أن العقوبة السجنية أثبتت فشلها في معالجة وإيجاد الحلول لكل هذه الإشكاليات.

كما أشاروا  إلى أن عديد الدول التجأت إلى تطبيق  العفو العام في جريمة الشيك دون رصيد وعيا منها بالوضعيات والظروف الصعبة التي أدّت الى ارتكاب هذه الجرائم وتفهّما لوضعيات مرتكبيها دون الإضرار بالدائنين أصحاب الحقوق.ومن جهة أخرى، دعا عدد من النواب إلى ضرورة التعاطي مع المسألة وفق معطيات وإحصائيات دقيقة ورسمية، تمكّن من معالجة المسالة بكل موضوعية بما يضمن مكانة الشيك الاقتصادية من ناحية وحقوق الدائن والمدين من ناحية أخرى.

وأشار عدد من النواب إلى العفو العام في جريمة الشيك دون رصيد الذي وقع إصداره في مناسبات سابقة على غرار مرسوم سنة 2011 ،وتساءلوا عن مدى توفّر دراسات تتعلّق بتقييم نتائجه.ودعوا الى ضرورة توفير إحصائيات دقيقة حول حجم الشيكات وقيمتها ومصدّريها الحقيقيين والمتضررين منها،إضافة الى التحرّي وضبط العدد الحقيقي للمساجين بسبب جريمة إصدار شيك دون رصيد.وتساءل عدد من اعضاء اللجنة عن إمكانية الفصل بين مقترح العفو العام المعروض على أنظار اللجنة من ناحية ومشروع القانون الذي سيحال على أنظار مجلس نواب الشعب والمتعلق بإصلاح منظومة الشيك صلب المجلة التجارية وآثار ذلك على الواقع الاقتصادي.وبحسب عبد الرزاق حواص الناطق الرسمي باسم الجمعية الوطنية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة فإن كلا من مشروع قانون الشيكات ومبادرة العفو العام على المحكومين في قضايا الشيكات دون رصيد يجب أن يصدرا بالتوازي وبسرعة لإيقاف النزيف معتبرا أن تنقيح قانون الشيكات اذا ما تم سيمثل ثورة تشريعية.ووفق النائب نزار الصديق هناك شبه إجماع على الرغبة في تمرير هذه المبادرة خلال جلسة الاستماع في لجنة التشريع العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

من أجل تحقيق الأمن الغذائي..

 لا شك أن ارتفاع الصادرات الفلاحية التونسية وتحسّن عائداتها  وهو ما أكدته الارقام الاخيرة …