2024-05-12

تواترت النداءات والشعارات والانتقادات: ما الذي يعطّل «الثورة التشريعية»؟

في أوج الحملة الانتخابية لمجلس نواب الشعب قبل زهاء سنتين استعمل كثير من المترشحين مقولات وشعارات بعضها مألوف وبعضها الآخر مستجد ولعلّ من بين أهم ما قيل حينها أننا مقدمون على «ثورة تشريعية» تنسي التونسيين فشل البرلمانات السابقة وها نحن بعد تنصيب البرلمان وقيام حكومتين تقريبا ما نزال في نفس المكان، وبدأت بعض القراءات والآراء تؤشر إلى خلل ما يعطّل الانفجار الثوري التشريعي إن جاز القول.

ويمكن القول أن أكثر من يشعر بالمسؤولية في هذا المجال ويريد تحقيق الهدف هو رئيس الجمهورية قيس سعيد الذي أكد لرئيس الحكومة أحمد الحشاني عندما استقبله الخميس الماضي 2 ماي الجاري على أن «الشعب التونسي ينتظر ثورة تشريعية في كل المجالات تستجيب لمطالبه وانتظاراته».

وفق البلاغ الصادر في الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية، فإن اللقاء تناول سير العمل الحكومي بوجه عام وعددا من مشاريع القوانين والأوامر التي تُعرض على مجلس الوزراء للتداول فيها قبل عرضها على مجلس نواب الشعب وهذا هو جوهر العمل في الوظيفة التنفيذية في تكامل وانسجام مع الوظيفة التشريعية حسب الدستور الجديد، فما الذي يؤخّر كي لا نقول يعطّل «الثورة» ولا يتفاعل مع حرص ساكن قرطاج.؟.

ليس ذلك فحسب، وبالعودة دائما إلى ما صدر عن رئيس الدولة، فهناك تشديد متجدّد على ضرورة تطهير الإدارة من الذين اندسّوا داخلها ومن الذين آثروا البقاء في مكاتبهم وكأنهم جالسون في قاعات الانتظار..!

وبالفعل ثمّة بطء شديد في «تطهير الإدارة» والبتّ في الشهائد المزوّرة والانتدابات العشوائية التي حصلت بعد ملحمة 14 جانفي 2011 غير المكتملة كما أراد الرئيس قيس سعيد وهي نقطة يستغلها خصومه وبدأ هذا البطء في إثارة القلق في أوساط نواب الشعب.

لقد كشف عدد من النواب في الفترة الماضية على الجهود التي بذلوها داخل الوظيفة التشريعية والكمّ الهائل من مشاريع القوانين التي بادروا بإعدادها وانتظارهم لتفاعل الحكومة ووصول مشاريع قوانين تسهم في تحقيق الثورة التشريعية.

ونتذكّر جيّدا كيف ارتفعت بعض الأصوات تحت قبة البرلمان لانتقاد وزراء في الحكومة بحدّة وتحدث البعض أيضا عن برود العلاقة بين النواب وأعضاء الوظيفة التنفيذية وامتناع الوزراء أو تردّدهم في استقبال سكان باردو.

وهذه الأيام أصبح الحديث بأكثر وضوح من باب تبرئة الذمّة بطبيعة الحال خاصة مع بدء الحديث عن سحب الوكالة، وتحميل المسؤولية، وهنا يعلن النائب ومقرّر لجنة التشريع العام ظافر الصغيري على سبيل المثال خلال ظهوره مساء الخميس 9 ماي في إحدى التلفزات الخاصة، أن أداء الحكومة وتباطؤها في إحالة عدد من مشاريع القوانين ذات الأهمية إلى المجلس على غرار مشروع مجلة الصرف الذي تم تمريره في مجلس وزاري منذ أكثر من شهر يثير الاستغراب، وتساءل كيف يمكن بهذا الشكل حلّ مشاكل آلاف المواطنين والمستثمرين والباعثين الشبان من التونسيين.

وليست هي المرة الأولى التي ينتقد فيها أحد نواب الشعب أداء الحكومة فقد سبق أن اتهم النائب الطاهر بن منصور عن حزب حركة الشعب الحكومة بـ«غياب الرؤية والتصورات في العمل» وهو ما يضرّ حسب رأيه بعمل البرلمان وكشف أنّ النوّاب ترقّبوا إحالة العديد من مشاريع القوانين المهمة في العديد من المجالات غير أنّ ذلك لم يحصل فانجرت عن ذلك عديد الصعوبات والعراقيل في الدور النيابي.

تجدر الإشارة إلى أن البرلمان صادق منذ انتصابه على عشرات مشاريع القوانين الواردة من الحكومة كثير منها تعلّق باتفاقيات مالية وقروض وهناك في الوقت الحاضر أيضا عشرات المقترحات من النواب تهمّ كثيرا من المجالات والقطاعات كنقص طب الاختصاص والمسؤولية الطبية ومراجعة المرسوم 54 والصكوك دون رصيد وغيرها.

هذا وقد يزداد الأمر تعقيدا وتكون له تداعيات على الثورة التشريعية عند استكمال إرساء الغرفة الثانية وبدء عمل الوظيفة التشريعية بشكل متكامل مع الوظيفة التنفيذية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

لتحقيق التنمية الاقتصادية، السلم الاجتماعي والإشعاع الدولي : التونسيون بالخارج طرف رئيسي في المعادلة

كشف مدير عام ديوان التونسيين بالخارج خلال شهر مارس الماضي أن عدد الجالية التونسية بالخارج …