في انتظار المصادقة على مجلتي الصرف والاستثمار : الإصلاحات الكبرى بين التخطيط والتنفيذ
طرحت الحكومات المتعاقبة على حكم تونس منذ سنة 2011 جملة من الإصلاحات الكبرى بهدف تحسين الأداء الاقتصادي للدولة وخلق الثروة ودفع التنمية بصفة عادلة في مختلف مناطق البلاد و خاصة في المناطق الداخلية والحدودية التي عاشت عقودا من التهميش ونقصا في الاندماج الاقتصادي لكنها تخلفت عن تحقيق هذه الإصلاحات في مجملها.
وتعلقت هذه الإصلاحات بإحداث ثورات تشريعية على مستوى النصوص ذات الصلة بمناخات الاستثمار وتنظيم القطاع الموازي و إدماجه في الاقتصاد المنظم والقطع مع اقتصاد «الريع» وترسيخ إصلاح ضريبي مهيكل إلى جانب القيام بمراجعات على مستوى مجلة الصرف و مجلة الاستثمار والعمل على رقمنة الإدارة …كلها إصلاحات ما يزال عدد كبير منها يتلمس طريقه نحو التنفيذ.
في المقابل تراهن الدولة على القيام بخطوات مهمة باتجاه تحقيق جزء من هذه الإصلاحات في انتظار المصادقة على مجلة الصرف ومجلة الاستثمار الجديدتين حيث تخطط السلطات التونسية للوصول الى نمو الاقتصاد بنسبة 3 بالمائة في أفق سنة 2025 و 2026 وذلك من خلال دعم الاستثمار وتحفيز الإنتاج الى جانب انتهاج عدة خطوات من بينها التحكم في نفقات التأجير لتتراجع نسبة الأجور من اجمالي الناتج المحلي الاجمالي من 16,4 بالمائة سنة 2020 الى 14٫4 بالمائة سنة 2024.
وتعمل تونس بالتوازي مع ذلك على الاقتصاد في نفقات التسيير والتحكم في نفقات الدعم للنزول من 6٫8 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي سنة 2020 الى 3٫8 بالمائة سنة 2024.
وتأتي كل هذه الفرضيات والتوجهات الكبرى للفترة 2022 – 2024 بهدف حصر عجز الميزانية دون اعتبار الهبات والمصادرة في 5٫3 بالمائة سنة 2024 مقابل 8٫3 بالمائة سنة 2021.
ويرى عدد من الخبراء الاقتصاديين أن الفرصة سانحة أمام تونس اليوم لإحراز تقدّم مهمّ من أجل تحسين آفاق النمو في البلاد من خلال الاستفادة من المنافع التي يمكن أن يحقّقها الشروع في عملية إصلاحٍ اقتصادي.
وذلك بالتوازي مع محاولات الاتحاد الأوروبي ومجلس التعاون الخليجي إعادة توطين عمليات إنتاج سلاسل القيمة العالمية ذات الأهمية الإستراتيجية في مناطق مجاورة، وتتمتّع تونس بموقع يخوّل لها الاستفادة من هذه الظاهرة وهو ما يجعل من تطبيق الإصلاحات الاقتصادية خطوة باتجاه تعزيز الازدهار الاقتصادي، وهنا يصبح الرهان على الإصلاحات الداعمة للنمو مُغريًا أكثر من ذي قبل.
كما يمثل إصلاح دعم الطاقة ركيزة أساسية في تحقيق الإصلاحات الكبرى في البلاد خاصة وأن تكلفة دعم الطاقة أصبحت باهظة ومثقلة لميزانية الدولة التي يمكن توجيهها للاستثماروخلق الثروة إذ بلغ مستوى دعم الطاقة في المتوسط 2.1% من إجمالي الناتج المحلي خلال العقد الماضي، وقفز إلى 5.3% في عام 2022. ومن شأن الإلغاء التدريجي لدعم الطاقة أن يساعد ليس في معالجة أزمة الاقتصاد الكلي والمالية العامة فحسب، بل يمكن أن يؤدي أيضا إلى تحسين أداء قطاع الطاقة وتحفيز إنتاج الطاقة المتجددة.
و قد انطلقت تونس فعليا في تجسيد برامج ومشاريع لتوليد الطاقة انطلاقا من الطاقات المتجددة و تقليص العبء على الطاقة التقليدية إلى جانب العمل على الترفيع من مردودية القطاعات الحيوية و التي تجلب قدرا هاما من العملة الصعبة على غرار قطاع الفسفاط الذي يمثل أهم ركائز الاقتصاد الوطني وهو قطاع يتطلب مراجعات و هيكلة تزيد من مردوديته الاقتصادية ومن مساهمته في إدخال العملة الصعبة لخزينة الدولة والتي هي الآن في أمس الحاجة إليها إلى جانب الدعوة إلى تشجيع التونسيين بالخارج على فتح حسابات بالعملة الصعبة وتمتيعهم بالفوائد المترتبة عن ذلك بالإضافة الى التخفيض في الأداء على أرباح المؤسسات المصدرة كليا لاسترجاع قدرتها التنافسية وإقرار عفو جبائي تام على الأموال المتداولة بالعملة الصعبة في الأسواق الموازية.
كما يقترح البعض الآخر صياغة برنامج إصلاحات كبرى للوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية ومناخ الأعمال لكن بمقاربة مختلفة عن مضمون الإصلاحات التي وقع التوافق حولها في أكتوبر 2022 مع صندوق النقد الدولي والتي يمكن أن تقنع الصندوق بجدواها على مستوى الوصول الى الأهداف الكبرى التي تمكّن البلاد من تحسين معدلات النمو الاقتصادي وتحسين المقدرة الشرائية للمواطن التونسي.
الديبلوماسي السابق عبد الله العبيدي لـ«الصحافة اليوم» : توقيع جملة من الاتفاقيات بين تونس والكويت يفتح آفاقا واعدة للشراكات المثمرة
وقّعت تونس والكويت على إثر انعقاد اللجنة العليا المشتركة التونسية الكويتية على 14 اتفاقية،…