نتفق جميعا على أن ظاهرة قتل النساء لم تعد حالات معزولة بل أصبحت ظاهرة جد خطيرة تقف وراءها أسباب متعددة ومتنوعة وهو ما تثبته آخر أرقام وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن التي تفيد بأن قتل النساء تضاعف في تونس 4 مرات بين 2018 و2023 وهي أرقام «مفزعة» تستوجب الانتباه والإسراع باتخاذ خطوات عملية مع الأطراف الشريكة في المجتمع المدني التي تعنى بالقضايا النسوية والمختصين في المجال لإيجاد حلول للتصدي لتفاقم هذه الظاهرة وانتشارها وللحد من مخاطرها وتبعاتها على الأسرة والمجتمع وحماية النساء من العنف والقتل المسلّط عليهن.
وتأتي أرقام جمعية أصوات نساء الأخيرة لتؤكد بالحجة والبرهان مدى الخطورة التي أصبحت تمثلها جرائم قتل النساء في المجتمع التونسي في السنوات الأخيرة حيث تؤكد أرقام الجمعية إحصاء وتوثيقا أن جرائم قتل النساء سنة 2023 قد بلغت 25 جريمة ومن بين الضحايا نجد أن 13 قتلن على يد أزواجهن فيما 3 نساء قتلن من طرف آبائهن و4 نساء قتلن من قبل أقاربهن و5 قتلن من طرف مجهول.
إن مختلف هذه الأرقام والإحصائيات سواء تلك التي نشرتها وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن أو نتائج التوثيق الميداني وإحصائيات جمعية أصوات نساء وجمعية المرأة والمواطنة بالكاف بمثابة دق ناقوس الخطر إزاء هذه الظاهرة وإطلاق صافرة الإنذار الأخيرة والتي تستدعي تلقي كافة الأطراف المعنية هذه الرسالة «مضمونة الوصول» والتحرك ضمن فريق عمل مشترك لضبط استراتيجية شاملة لإيقاف مزيد انتشار هذه الظاهرة التي يمكن أن تعصف بالاستقرار المجتمعي والتوازن الأسري وترفع من نسبة الجريمة في المجتمع التونسي.
إن حجم خطورة ظاهرة قتل النساء يترجمه إقرار وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن عبر نشرها للإحصائيات الأخيرة على موقعها الرسمي بانتشار جرائم قتل النساء وخطورتها – 69 جريمة قتل ارتكبت في 19 ولاية خلال الفترة الممتدة من 01 جانفي 2018 إلى 30جوان 2023- و تؤكده أيضا الجمعيات التي تشتغل على هذه الظاهرة على غرار جمعية أصوات نساء وجمعية المواطنة بالكاف واللتين أكّدتا في تقريرهما الأخير بأن سنة 2023 سجلّت موجة مفزعة من جرائم قتل النساء ببلوغها 25 جريمة.
ونعتقد أن غياب سياسة جزائية عقابية واضحة في علاقة بجرائم قتل النساء من شأنه أن يساهم في مزيد انتشار هذه الظاهرة الخطيرة وإفلات مرتكبي هذا النوع من الجرائم من العقاب.
كما هو معلوم فإن القانون التونسي لا يعترف بقتل النساء كجريمة مستقلة، حيث يعتبر القانون 58 لسنة 2017 والمتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة والذي دخل حيز التنفيذ في 16 فيفري 2018 الاعتداء على حياة المرأة أو قتل المرأة بمثابة «عنف جسدي» فحسب الفصل 3 من هذا القانون فان العنف المادي هو « كل فعل ضار أو مسيء يمس بالحرمة أو السلامة الجسدية للمرأة أو بحياتها كالضرب والركل والجرح والدفع والتشويه والحرق وبتر أجزاء من الجسم والاحتجاز والتعذيب والقتل» وهو ما يعني أن القتل وفق هذا النص يعد شكلا من أشكال العنف وليس جريمة قائمة بذاتها.
ونرى أن استفحال جرائم قتل النساء في السنوات الأخيرة والأرقام «المفزعة» التي نشرتها وزارة المرأة أو تلك الجرائم التي ما انفكت تسلط عليها الضوء مختلف الجمعيات التي تعنى بـ «الجندرة» ومختلف القضايا النسوية وحقوق النساء بالإحصاء والمتابعة والرصد في تقاريرها يستدعي الذهاب في اتجاه القيام بـ «ثورة» تشريعية بخصوص جرائم قتل النساء ومزيد تنقيح التشريعات ذات العلاقة لحماية النساء ضحايا العنف وضمان عدم الإفلات من العقاب.
فمعالجة ظاهرة قتل النساء وفق رأينا تنطلق بضبط سياسة جزائية واضحة لضمان عدم الإفلات من العقاب ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم «الشنيعة» وإنفاذ القانون وتفعيل سياسة الردع ، بالتوازي مع معالجة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى انتشار واستفحال هذه الظاهرة في مختلف مناطق البلاد و تعزيز مجال التعهد والحماية لضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي والوقاية من وقوع جرائم قتل عبر خطة اتصالية وتحسيسية شاملة وتعميم مختلف الخدمات الموجّهة للنساء والفتيات ضحايا العنف والعمل على تحسينها باستمرار وفق خطة شاملة بالشراكة مع مختلف الجمعيات النسوية والأطراف المعنية في مختلف مناطق البلاد.
اليوم بكافة ولايات الجمهورية التونسية: تونس تنتخب رئيسها..
يتوجه التونسيون داخل البلاد اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 إلى كافة مراكز الاقتراع للتصويت في ا…