2024-05-10

حكيم قبطني مدير عام مدرسة بحوث تكنولوجيات المياه ببرج السدرية لـ«الصحافة اليوم» : لا بد من المرور من فلاحة مستهلكة للمياه إلى فلاحة ذكية

اختتمت  أمس الخميس  فعاليات الصالون الدولي للانشطة والتكنولوجيات المياه WATER EXPO 2024 في دورته الرابعة والتي امتدت على مدى يومين. ومثلت هذه التظاهرة التي تمت تحت إشراف وزارتي التعليم العالي والبحث العلمي ووزارة الفلاحة والموارد المائية وبالشراكة مع مركز بحوث وتكنولوجيات المياه موعدا هاما جمع الفاعلين من عديد الوزارات مع أهم الخبراء الجامعيين المختصين في المجال وعدد من المؤسسات الرائدة في القطاع لتبادل الخبرات والتعرف على مستجداته اضافة الى العمل على مزيد التحسيس والتوعية بخطورة معضلة الشح المائي الذي تعاني منه تونس منذ سنوات نتيجة للتغيرات المناخية وسوء إدارة الموارد المائية. وقد تم خلال فعاليات هذا الصالون عرض نتائج البحوث العلمية التي تم إنجازها في هذا الصدد وطرح الحلول المتطورة والذكية والناجعة من خلال استعراض أهمّ المشاريع والتجارب والتقنيات التكنولوجية المحدثة في قطاع الماء.

ولا يخفى أن إشكال الشح المائي بدأت تظهر تداعياته على قطاع اقتصادي هام يعتمد بالأساس على الماء وهو القطاع الفلاحي الذي يستأثر بأكبر نسبة من الموارد المائية وما لذلك من علاقة وطيدة بالأمن الغذائي للتونسيين. كما تم خلال هذه الدورة تقديم عديد المداخلات القيمة والدراسات الهامة من طرف ثلة من أهم الخبراء الجامعيين المختصين في المجال وعدد من المؤسسات والهياكل الرائدة في القطاع.

ضمن هذا السياق وفي علاقة بتداعيات شح المياه في تونس على القطاعات الاقتصادية وعلى النمو الإقتصادي والحلول المعتمدة قال حكيم قبطني أستاذ التعليم العالي ومدير عام مدرسة بحوث تكنولوجيات المياه ببرج السدرية لـ«الصحافة اليوم» أن تونس تعيش فترة شح مائي مرتبط بالتغيرات المناخية التي تمظهرت في نقص في هطول الأمطار مع ارتفاع الحرارة، موضحا ان عدم توفر المياه السطحية من سدود وبحيرات جبلية ولّد استنزافا للموارد الجوفية الذي يتواصل منذ 20 عاما علما و أن 75% من المياه المعتمد عليها في تونس هي مياه جوفية هذا إضافة الى ان أغلب الموائد المائية وخاصة المتواجدة في الشريط الساحلي تتضمن نسبة تملح تفوق 5و6 غ في اللتر الواحد معتبرا أن هذا يؤثر بدون شك على التربة وعلى إنتاجية النبات. وفي هذا الصدد وبخصوص الفلاحة التونسية قال إنها تستأثر بأكثر من 80% من الموارد المائية، وقد تضررت كثيرا سواء من جهة نقص المياه أو من جهة ملوحة المياه الجوفية.

ونظرا لخطورة هذا الوضع دعا المتحدث إلى ضرورة اعتماد عديد الحلول والاستثمار فيها والتعاون من أجل تنفيذها لمجابهة هذا الإشكال المتفاقم والمحافظة على المياه باعتبارها موردا محدودا وذلك بترشيد استهلاك المياه الجوفية واستعمال موائد جوفية أخرى عميقة لتمكين المياه الجوفية في الموائد المائية السطحية من الاستراحة لمدة معينة وتغذيتها بموارد مائية سطحية في المواسم التي تهطل فيها الأمطار بكثرة للتقليص من ملوحتها.وهو حل ممكن تطبيقه وفق ما ذكره. أما بالنسبة للمياه السطحية فقد ذكر المختص في المجال أن نسبة التبخر عالية وأن المياه بصدد التقلص بحكم قلة الأمطار وهو ما تثبته النماذج المعدة لسنة 2050 من حيث ارتفاع الحرارة ونقص الأمطار بنسبة تتراوح بين 14 و25%. ويتطلب ذلك في تقييمه المحافظة أكثر على كميات الأمطار من التبخر من خلال المرور من السدود السطحية إلى السدود الباطنية خاصة وأن الكميات المتبخرة من الأمطار هامة وتقدر بملايين الأمتار المكعبة خاصة في الصيف.وفي إجابته عن التمويلات الكبيرة لتفعيل هذه الحلول أوضح أن مهمة البحث العلمي اقتراح الحلول الناجعة بينما الاستثمار فيها وتمويلها وتنفيذها ممكن عبر التعويل مثلا على التمويل الدولي او على مساهمة الدول الكبرى كما جاء في قمة المناخ الأخيرة في مجال الحد من التغيرات المناخية خاصة وأن تونس ليست سببا مباشرا أو مسؤولا عن هذه التغيرات،غير انه اشترط في المقابل أن تكون تونس مستعدة لهذا وأن تكون مشاريعها ومبادراتها العلمية والتقنية والبحثية جاهزة في انتظار الحصول على التمويل والانطلاق في تطبيقها على أرض الواقع. ومن جهة ثانية وبالنسبة للمياه المعالجة التي يقترح البحث العلمي توسيع استعمالاتها على غرار عديد الدول المشابهة لنا قال المتحدث أن استغلال المياه المعالجة هو في حدود 8% فقط في تونس منها 5% لملاعب الصولجان. مبرزا انها غير مستغلة في الفلاحة بمعنى أن300 مليون متر مكعب من المياه المعالجة التي توازي 2 سدود هي غير مستغلة. وارجع ذلك الى أن محطات المعالجة رغم مجهود الدولة مازالت في مستوى أقل من المواصفات العالمية الثلاثية. واقترح المتدخل في هذا الإطار انجاز محطات معالجة صغيرة بحلول طبيعية وبأقل كلفة في مناطق ريفية لمجموعة من الفلاحين فهي أفضل واكثر نجاعة،قائلا ان البحث العلمي والمقالات العلمية المنجزة في هذا الخصوص أعطت نتائج ممتازة. من جهة أخرى أكد أستاذ التعليم العالي على ضرورة تحسين استعمال المياه من خلال الانطلاق في تجديد القنوات خاصة وان هناك تسربات هامة في قنوات المياه تصل إلى حوالي 40% من كميات تقدر ب800 مليون متر مكعب في السدود.وهي تمثل اشكالية حقيقية في نظره سيما وأنها أعلى بكثير من المعدل العالمي للتسربات الذي هو في حدود 15%. ومن الحلول الأخرى التي اقترحها الخبير هو المرور من فلاحة مستهلكة للمياه إلى فلاحة ذكية أقل إستهلاك للمياه. وبناءا على ماسبق تتضح أهمية الاعتماد على البحث العلمي واعتماد الحلول التي توصل اليها لاستدامة الموارد المائية في تونس .وتبقى هذه الحلول متوفرة في انتظار تنفيذها وفي انتظار دعمها أيضا بتغيير التشريعات عبر إصدار مجلة جديدة للمياه التي تشهد حاليا لمساتها الاخيرة وذلك بهدف إصلاح حوكمة الملك العمومي للمياه، وتكريس آليات التصرف المندمج والمستدام، والتأقلم مع التغيرات المناخية، اضافة الى المحافظة على الموارد المائية وتثمينها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

خلال ندوة لجمعية الإقتصاديين التونسيين : البيروقراطية والجباية أهم أسباب تفاقم الاقتصاد الموازي

شرعت جمعية الإقتصاديين التونسيين بالتعاون مع معهد البحوث المغاربية المعاصرة في تنظيم سلسلة…