حوالي 450 ألف متقاعد تحت الحدّّ الأدنى: «المتقاعدون» يطالبون بمراجعة جراياتهم..!
لا شك أن تواصل ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية اللافت منذ سنوات وضعف الرواتب والجرايات عمّق من معاناة المواطنين بمختلف فئاتهم، حيث شمل ارتفاع الأسعار أغلب منتجات الخضر الطازجة واللحوم الحمراء والبيضاء وكذلك الأدوية ومعاليم الكراء والنقل والفواتير مما أثار سخطا لدى المواطنين الذين تراجعت مقدرتهم الشرائية بشكل حاد.
ولعل فئة المتقاعدين هي الفئة الأكثر هشاشة وتأثرت بشكل موجع عندما يصعب عليها إيجاد عمل إضافي بعد الإحالة على شرف المهنة لمجابهة غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار المتواصل مقارنة بقيمة الجراية.
فالمتقاعدون يعيشون ظروفا صعبة أمام تراجع مقدرتهم الشرائية وعدم قدرتهم على مجاراة نسق ارتفاع أسعار كل المواد الاستهلاكية والخدمات خلال السنوات الأخيرة، وفي هذا السياق وصف عبد القادر الناصري الكاتب العام للجامعة العامة للمتقاعدين المنضوية تحت لواء الاتحاد العام التونسي للشغل في تصريح لـ «الصحافة اليوم» واقع المتقاعدين في تونس بالسيئ والكارثي، وأوضح بأنهم يعيشون أوضاعا مأساوية ترمي بهم إلى الفقر والخصاصة وذلك بسبب معاشات التقاعد الهزيلة.وأضاف الناصري في ذات السياق بأنه بات من الضروري اليوم أن تقوم دوائر القرار بتسريع تحسين وضع المتقاعدين المعيشي، بعدما سببت الضغوط المعيشية انهيار القدرة الانفاقية لنحو 1.2 مليون متقاعد، الأمر الذي ينعكس سلبا على قدرتهم على الحصول على رعاية صحية جيدة.
ولفت محدثنا إلى ارتفاع أسعار الأدوية وتكاليف العلاج مقابل عدم قدرة العديد من المتقاعدين على توفير أبسط هذه التكاليف والحال أن حوالي 40 بالمائة من هذه الفئة يحصلون على رواتب قد لا تكفي لشراء الخبز»، مشيرا إلى أن كبار السن يعانون أمراض الشيخوخة ويحتاجون إلى مصاريف علاج مكلفة، وما يتقاضونه يحرمهم حقوقا أساسية، وأهمها الحق في العلاج والحق في الصحة.
إلغاء القانون عدد 43 لسنة 2007
وأكد عبد القادر الناصري الكاتب العام للجامعة العامة للمتقاعدين في نفس الإطار على أن وضع المتقاعد التونسي سيّئ في ظل الوضع الاقتصادي الصعب وغلاء المعيشة، مشيرا إلى أن نسبة كبيرة من جرايات المتقاعدين أقل من الأجر الأدنى المضمون، و50 بالمائة من القيمة المادية لهذه الجرايات تقل عن المنحة التي تسندها الدولة للعائلات المعوزة، معتبرا أن ذلك يُعدّ مهانة ومسّا من كرامة المتقاعدين وفق وصفه.
وأضاف الناصري أن متقاعدي الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية يطالبون بإلغاء القانون عدد 43 لسنة 2007 المتعلق بتنقيح وإتمام القوانين المنظمة للجرايات المسندة بعنوان أنظمة التقاعد والعجز والباقين على قيد الحياة في القطاعين العمومي والخاص والأنظمة الخصوصية، باعتبار أنه يلزم المتقاعدين بعد الترفيع في جراياتهم بدفع المساهمات المستوجبة على ذلك بدلا من مشغّلهم مشدّدا على أن هذا القانون «جائر» وكارثي ويعدّ بدعة حيث لا يوجد مثيل له في جميع أنحاء العالم حسب تقديره.
ويشار إلى أن الرئيس قيس سعيد كان قد أصدر أمرا منذ سنة 2022 تم على ضوئه تعليق العمل بقانون 43، كما تناول رئيس الجمهورية موضوع التعديل الآلي للجرايات للمتقاعدين خاصة في القطاع الخاص، وهنا بين عبد القادر الناصري أن الجامعة العامة تطالب في باب أول بإصدار قانون يقضي بإلغاء هذا القانون الجائر رسميا حتى لا يقع التراجع فيه في المستقبل.
وأضاف كنا ننتظر قرارا بتعديل الجرايات تجسيدا لخطاب رئيس الدولة في غرة ماي بمناسبة الاحتفال بعيد الشغل إلا أنه لم يتم هذا الأمر. وتابع محدثنا بأننا على ثقة بأن يترجم خطاب الرئيس إلى إجراءات على أرض الواقع ومنح فئة المتقاعدين حقوقهم بما يضمن لهم كرامة العيش وفق تعبيره.
وأكد كاتب عام الجامعة العامة للمتقاعدين أن هناك مؤشرات ومعطيات تفيد بإمكانية إقرار الزيادات لفائدة المتقاعدين بالقطاع الخاص خلال الأيام القريبة القادمة. حيث ستـتم الزيادة في الأجر الأدنى المضمون وهو ما سينعكس على تعديل جرايات المتقاعدين بالقطاع الخاص الذين يصل عددهم الى 800 ألف متقاعد.
صيحة فزع!!!
هم يعَدّون من أكثر الشرائح تضررا جراء الغلاء وتراجع الخدمات العامة بسبب الجرايات الضعيفة التي يحصلون عليها، علما أن نسبة كبيرة منهم لا تتجاوز رواتبهم الشهرية الحد الأدنى للأجور هذا ما شدد عليه لطفي الرياحي رئيس الجمعية التونسية لإرشاد المستهلك مبينا أن المتقاعدين في تونس فئة فقيرة وتزداد فقرا من عام إلى آخر مع ارتفاع الأسعار وحاجة كبار السن إلى الخدمات الصحية التي باتت مكلفة جدا.
وقال الرياحي في تصريح لـ «الصحافة اليوم» إن على جميع الأطراف المتدخلة العمل من أجل تحسين وضعية المتقاعدين حتى لا يعودوا إلى الشارع للاحتجاج نتيجة غياب الأفق في تحسين أوضاعهم، ولا سيما من يحصلون على رواتب دون الأجر الأدنى المضمون.
وأضاف أن الوضع المالي الصعب يؤثر على متقاعدي القطاع الخاص الذين يحصلون على جرايات ضعيفة، بل أيضاً على متقاعدي الوظيفة الحكومية، ما يجعلهم في حاجة للحصول على مساعدات منتظمة من أقاربهم أو البحث عن عمل لتوفير مصدر دخل إضافي.
وتطرق الرياحي إلى أن المتقاعدين هم أيضا أرباب أسر ويعيلون أبناءهم العاطلين عن العمل، وحتى أحفادهم وهذا الأمر بات عسيرا أمام غلاء الأسعار.
يذكر أن الجامعة العامة للمتقاعدين كانت قد نفذت سلسلة من التحركات الاحتجاجية للمطالبة بإقرار الزيادات لفائدة المتقاعدين بالقطاع الخاص والزيادة في الأجر الأدنى المضمون وحلحلة بعض الملفات العالقة الأخرى لفائدة المتقاعدين بالقطاعين العام والوظيفة العمومية.
ووفقاً لبيانات رسمية كشف عنها معهد الإحصاء الحكومي تعود لعام 2021، يحتاج أكثر من 40 في المائة من المتقاعدين في تونس إلى مساعدات عائلية لتأمين نفقاتهم المعيشية بسبب وضعهم المالي الصعب وغالباً ما يضطر هؤلاء إلى طلب مساعدات مالية من أبنائهم.
كما يقدَّر معدل رواتب المتقاعدين من القطاع الحكومي بـ 1200 دينار في حين لا يتجاوز في القطاع الخاص 850 دينار بحسب بيانات رسمية لوزارة الشؤون الاجتماعية.
ويبلغ عدد المتقاعدين في تونس مليوناً ومائتي ألف متقاعد، تصرف رواتبهم من صندوقين، هما الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للمتقاعدين، الذي يصرف رواتب لـ 800 ألف متقاعد من القطاع الخاص، والصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، الذي يوفر رواتب 380 ألف محال على المعاش من الوظائف الحكومية.
رئيس الغرفة الوطنية لتجار الدواجن واللحوم البيضاء ابراهيم النفزاوي لـ«الصحافة اليوم» : أزمة اللحوم البيضاء في اتجاهها للإنفراج
تعرف الأسواق التونسية خلال الآونة الأخيرة اضطرابا في التزوّد باللحوم البيضاء أرجعها رئيس ا…