في التأكيد على ضرورة مضاعفة مجهودها : دور لجنة التحاليل المالية استباقي للحيلولة دون التدفقات المالية المشبوهة
دعا رئيس الجمهورية قيس سعيد لدى لقائه أمس الأول بمحافظ البنك المركزي فتحي زهير النوري الى ضرورة مضاعفة لجنة التحاليل المالية لجهودها من اجل وضع حد للتمويلات غير الشرعية التي تستفيد منها جهات قال عنها انها «اختارت الارتماء في أحضان من يسعى في الخارج إلى زعزعة الاستقرار في تونس».
وهذه الدعوة لوضع حدّ للتمويلات المشبوهة ليست الأولى التي يطلقها الرئيس، بل تكررت في عديد المناسبات. وكان في لقاء جمعه سابقا مع وزير الداخلية وعدد من الإطارات الأمنية العليا قد تطرق إلى مسألة توزيع الأموال من قبل من وصفهم بـ «اللوبيات» في عدد من مدن الجمهورية للمشاركة في احتجاجات مدفوعة الأجر، والغاية من ذلك تأجيج الأوضاع في البلاد وزعزعة استقرارها وبثّ الفتن والإشاعات. وغالبا ما يتم ربط مسألة الأموال المشبوهة مع مسألة وجود علاقة بين الأطراف المعنية في الداخل وأطراف في الخارج.
وبالرغم من انه كان دائما محل متابعة الا ان موضوع التمويلات غير الشرعية او المشبوهة يبدو انه من المرجح ان يكون محل اهتمام استثنائي من قبل مختلف المؤسسات الوطنية المعنية بمراقبتها قصد الحد من تدفقها او قطع الطريق امام دخولها، خاصة وان بلادنا في انتظار محطة انتخابية قبل نهاية السنة الحالية. وهو ربما ما دعا رئيس الجمهورية لتذكير لجنة التحاليل المالية بضرورة مضاعفة مجهوداتها والقيام بالدور المستوجب عليها في هذا الملف.
وهنا تجدر الإشارة الى ان التمويلات المشبوهة كلما اقترنت مع اقتراب محطة انتخابية وأخرى سواء تشريعية او رئاسية، الا وازداد الحديث عنها خاصة لاقترانها بصفة تكاد تكون آلية مع الدوائر الأجنبية التي تريد ان تدعم هذا الطرف او ذاك او هذا الحزب او ذاك. وربما من هذا المنطلق ما انفك الرئيس يذكّر في كل مرة بمسألة الارتماء في أحضان الخارج والتمسح على عتبات السفارات والدوائر الأجنبية. وقد نبّه في احدى المناسبات الى ان من يؤتي مثل هذا التصرف لا تعنيه إلا الجهة التي وعدته بالدعم ولا يهتم إطلاقا لا بمصلحة البلاد ولا شعبها. كما ان سعيد في عديد المناسبات هاجم علنا نشاط بعض الجمعيات الذي وصفه بالـ «المشبوه» مع اعتبار هذه الاخيرة امتدادا لأطراف خارجية تحاول التموقع في تونس عبر هذه الجمعيات عبر تمويلها بملايين الدينارات.
وفي هذا الإطار يجدر التذكير بان محكمة المحاسبات بينت في مختلف تقاريرها الخاصة بتمويلات الحملات الانتخابية وتمويل الأحزاب وجود العديد من الإخلالات والتجاوزات، لا سيما في ما يتعلق بتمويل هذه الحملات وعدم الإفصاح عن مصادر التمويل، واستعمال أموال مشبوهة غير مصرح بها. الأمر الذي استوجب تنفيذ العقوبات التي أقرّها القانون الانتخابي من جهة وتشديد الرقابة على الأموال المتدفقة على المترشحين أشخاصا واحزابا من جهة أخرى بالإضافة الى مراقبة تمويل الجمعيات التي ثبت توظيف تمويلاتها الأجنبية في الحملات الانتخابية لأحزاب بعينها لاستقطاب الناخبين.
وبالنظر لما قد تمثله التمويلات الأجنبية المشبوهة من خطر على امن البلاد واستقرارها وعلى شفافية الانتخابات ونزاهتها وضرورة التوقي من ذلك، تأتي أهمية ضرورة ان تضاعف لجنة التحاليل المالية لجهودها للحد من هذه التمويلات وتدفقها بطرق ملتوية الذي يزداد كلما اقتربت احدى المحطات الانتخابية. وللتذكير فان هذه اللجنة محدثة بالقانون عدد 75 لسنة 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال.
وقد أسندت لهذه اللجنة إلى جانب صلاحياتها العامة في المجال مهمة تلقي التصاريح حول العمليات والمعاملات المسترابة أو غير الاعتيادية وتحليلها والإعلام بمآلها وذلك مع إمكانية الإذن مؤقتا للمصرح بتجميد الأموال موضوع التصريح ووضعها بحساب انتظار. وبالتالي فان هذه الهيئة تتولى بالتنسيق مع الهياكل العمومية المعنية بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب منوط لها القيام برصد العمليات والمعاملات المسترابة والتصريح بها. وهو ما يعني ان هذه اللجنة لها دور وقائي من تدفق الأموال الأجنبية المشبوهة التي تمثل بطريقة او بأخرى تهديدا لأمن البلاد واستقرارها، كما تمثل في المحطات الانتخابية عاملا من عوامل التأثير على نزاهتها وعلى تساوي الفرص بين المتنافسين إما في الرئاسية أو في التشريعية.
زيارة وفد عن البنك العالمي إلى تونس : متابعة سير برامج التعاون القائمة وبرنامج العمل للفترة القادمة
يزور بلادنا هذه الأيام وفد عن البنك العالمي. وقد استقبل رئيس الجمهورية قيس سعيّد أمس الأول…