جولة في أروقة معرض تونس الدّولي للكتاب : حضور قوي للناشرين التونسيين وغياب لافت لكبرى دور النشر العربية
كثيرا ما يعوّل الناشّرون في معرض تونس الدّولي للكتاب على نهاية الأسبوع وأيام العطل حيث يتاح لأكبر عدد ممكن من التونسيين زيارة المعرض واصطحاب أبنائهم لشراء قصص المطالعة والكتب المدرسية الموازية ولهذا السبب ربّما لاحظنا حركة هادئة مساء الاثنين 22 أفريل اقتصرت على عدد متواضع من الزّوار مع متابعة لافتة لعدد من الأنشطة الثقافية الموازية لحركة المعرض كثيرا ما تتشكّل من الضيوف أنفسهم وبعض أصدقائهم.
وبالنسبة إلى من هو متعوّد على زيارة هذه التظاهرة الثقافية والتجارية على مدى سنوات طويلة منذ انتقال المعرض من قصر المعارض بشارع محمد الخامس إلى فضاء الكرم فإن الواضح أنّ كبار الناشرين خصوصا من الفضاء الفرنكفوني (فرنسا خاصّة) قد تراجعوا منذ تسعينات القرن الماضي عن المشاركة في المعرض بشكل مباشر و الاكتفاء بنيابات تونسية وفي مقابل ذلك تزايد عدد النّاشرين التونسيين بصورة كبيرة جدّا مع حذف آلية الترخيص ذات الطابع الرّقابي (وكان ذلك قبل الثّورة للأمانة) وانتشار ما يعرف بظاهرة النشر على الحساب الخاص لكتاب تونسيين في مجالات مختلفة أهمّها مجال الشعر والأدب بشكل عام. وإلى جانب دور النشر العربية التي تعوّد المعرض استقبالها فقد لوحظ في السنوات الأخيرة بما في ذلك هذه الدّورة حضورا مميّزا لدور نشر خليجية مختلفة منها الرّسمي (ذو الطابع الحكومي) ومنها الخاصّ. وتأتي على رأس الدّول الخليجية اهتماما بالنشر والكتاب كلاّ من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر وكثيرا ما تكون كتبها ومنشوراتها في ورق جيد وإخراج فنّي متميّز وطباعة متطوّرة وهي باهظة في الحقيقة رغم ما يقترحونه من تخفيضات.
تضاعف عدد الناشرين التونسيين
ومع أنّنا لاحظنا تململا في صفوف الناشرين العرب في التعامل مع معرض تونس الدّولي للكتاب ونعني بذلك كبار الناشرين التقليديين في الدّورات السابقة فإن الواضح أن الارتباك الذي حصل هذه السنة بسبب التراجع عن إلغاء الدّورة ثمّ اقرارها بتدخّل رئاسي ربّما أثّر أو كان سببا في غياب عدد من دور النشر المحترمة عربيا مثل الآداب والمدى وطوبقال والشرق والطليعة وغيرهما ممّا تعوّدنا على حضورها وإثراء المعرض بإصداراتها. فمعلوم لدى العاملين بمجال النشر أن المعارض في مختلف أصقاع العالم لا تغير مواعيدها ولا تستبدلها دونما تنسيق مع شركائها والمتعاملين معها اقليميا ودوليا.
طبعا ثمّة من يفسّر هذا التراجع العام بأزمة الكتاب والمطالعة عموما وبتراجع القدرة الشرائية للتونسيين وضعف اقبالهم على شراء الكتب التي باتت مكلفة فلا تقلّ النسخة الجيّدة من أي كتاب صادر بالعربية عن الثلاثين دينارا.(بعد التخفيض). ولأنّ هذه الظواهر العامة والعارضة تكاد تكون مشتركة بين جميع الدّول العربية فإن الاتكاء عليها ليس مناسبا بالنسبة لتظاهرة رسمية دولية مثل معرض تونس الدّولي للكتاب كثيرا ما يعوّل عليها في سياق السياسات العمومية للمساهمة في تحريك الجدل الثقافي في البلاد وتنمية المطالعة والقراءة وإثراء الرّصيد المعرفي للتونسيين في كلّ الاختصاصات.
حضور رسمي قوي
وإذ لاحظنا حرصا من وزارة الشؤون الثقافية على تلافي الإرباك الذي حصل بسبب الانتقال من الإلغاء إلى إقرار التظاهرة وذلك بحضور مؤسساتها وهياكلها كلها تقريبا بمنشوراتها وحيازتها لمساحة كبيرة في المعرض (مركز النجمة الزهراء، مركز الترجمة، منشورات وزارة الثقافة، بيت الحكمة، وغيرها) فقد لا حظنا أيضا حضورا رسميا وتشريفيا لعدد من الدّول على غرار إيطاليا في مساحة كبيرة من المعرض أيضا إضافة إلى مكاتب عدد من الوزارات التونسية وبعض المنظّمات والجمعيات الوطنية .
ومع كلّ النقائص والإخلالات التي ينبغي تلافيها في المستقبل بدون شكّ فإن البرمجة الثقافية التي تمّ اقتراحها في المعرض على غاية من الثراء والتنوّع في الجلسات واللّقاءات والندوات التي لم تستثن أي مجال من المجالات المفتوحة للنقاش إضافة طبعا إلى الجوائز التي منحها المعرض للكتاب والناشرين عشية افتتاحه.
على سبيل الخاتمة
لا شكّ في أن معرض تونس الدّولي للكتاب هو مكسب وطني هام للثقافة التونسية ولكثير من المتعاملين مع هذه التظاهرة من ناشرين وكتاب وقرّاء يتقاسمون الاعتقاد بضرورة تطويره بصورة جذرية تجعله أكثر قدرة على جذب الناشرين في العالم وإغراء القرّاء بالحضور حتّى يكون بحقّ سوقا للكتاب والمعرفة ومساحة عمومية للحوار في الشؤون الثقافية والفنّية وفرصة للقاء الكتاب والمثقفين ومحاورتهم فيما يمكن أن يساهم في التقدّم بصورة إيجابية.
من عروض المسرح التونسي في المهرجانات الصيفية: “رقصة سماء” للطاهر عيسى بالعربي: عندما يخترق الحب الأزمنة والحدود
من بين الأعمال المسرحية التونسية الجديدة التي قدّمت على أركاح المهرجانات الصيفية ومنها مهر…