قروض الاستهلاك متوسطة المدى : أصبحت مطلبا يتزامن مع التضخم وغلاء المعيشة
مرت سنوات على قرار البنوك التونسية المتعلق بغلق الباب أمام منح قروض الاستهلاك قصيرة المدى لفترة 7 سنوات والاقتصار على مدة زمنية لا تتجاوز 5 سنوات وهو قرار ولئن تم اتخاذه للتحكم في مؤشرات التضخم إلاّ أنه في المقابل أصبح غير ذي جدوى في ظل ما تعيشه البلاد من موجة غلاء واستنزاف متواصل للمقدرة الشرائية .
قروض الاستهلاك والاستثمار تلعب دورًا مهمًا في التنمية الاجتماعية عبر تعزيز الاقتصاد من جهة وتوفير فرص للنمو الشخصي والاجتماعي من جهة أخرى ، إذ تساهم هذه القروض في زيادة القدرة الشرائية وتعزيز الاستهلاك ، كما تشجع على الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال توجيه هذه القروض للفئات الأقل حظا ونعني هنا بطبقة الأجراء التي لم تعد قادرة على مسايرة الواقع الاجتماعي والاقتصادي في ظل غلاء اسعار المعيشة وصعود أسعار العقارات المعدة للسكنى وغيرها من مواد البناء التي مثلت جميعها عوامل في تراجع القدرة الشرائية للموظفين وتتالي العقبات المالية أمام أجزاء بسيطة من أحلامهم .
ومهما يكن من أمر بشأن السياسات المالية المتبعة سواء لدى البنك المركزي ومن ورائه باقي المؤسسات البنكية المنتصبة بالبلاد تحت ذرائع كبح جماح قروض الاستهلاك للحد من نسب التضخم ، إلا أن الواقع اليوم يفرض بالضرورة إعادة النظر في هذا الإجراء الذي يعرقل مساعي حرفاء هذه البنوك بالظفر بمبالغ تفي بحاجياتهم الاستهلاكية بإعتبار أن توفر السيولة المالية من شأنها أن تسمح بزيادة القدرة الشرائية للأفراد والأسر وتمكنهم من شراء السلع والخدمات والمرافق الضرورية وفق جداول زمنية تتماشى وحاجياتهم وقدرتهم على الاستخلاص على غرار اقتناء المنازل والسيارات والرعاية الصحية بالإضافة إلى ذلك، تعمل قروض الاستهلاك على تعزيز الاستثمار في الانفاق الشخصي ، مما يحفز النشاط الاقتصادي ويدعم الأعمال التجارية المتداخلة.
ثمّة عديد القراءات التي تعارض توجه البنك المركزي وباقي البنوك في هذا الخصوص مردّها أن تقليص سنوات الاقتراض يؤدي بالضرورة إلى أرباح متراكمة لدى البنوك بأسعار فائدة مرتفعة فيما يعجز الأجير عن توفير ولو نصف مبلغ مسكن شعبي متواضع على فترتين كل فترة تبلغ 7 سنوات في احتساب القروض الشخصية الاستهلاكية وبالتالي ربح نصف الفترة الزمنية التي تضبطها البنوك لمنح قروض المساكن على سبيل المثال والتي أغلبها لا تقل عن 15 سنة فيما تبلغ أقصاها 25 سنة كاملة .
وبات خيار التمديد في سنوات الاقتراض إلى أكثر من 5 سنوات أمرا مهماً نظرا لمزايا هذا التوجه في توليد الدخل والحد من ارتهان الموظفين للبنوك على فترات قصيرة بنسب فائدة تعتبر الأعلى في النظام البنكي بالمنطقة العربية .
كما أن توفير السيولة المالية لطبقة هامة من المجتمع تسهم بالضرورة في تعزيز النمو الاقتصادي إذ أنه ووفقا لأغلب نظريات الاقتصاد فإنه كلما زاد الاستهلاك ، يتزايد معه الطلب على السلع والخدمات ، مما يحفز الإنتاج ويشجع على الاستثمار في القطاعات المختلفة لتكون حلقة متكاملة في الإنتاج والاستهلاك وتحريك عجلة النمو الاقتصادي والاجتماعي ، وعلاوة على تحسين القدرة الشرائية ، يمكن للأفراد الحصول على قروض الاستهلاك لتلبية احتياجاتهم الفورية أو للاستثمار في مشاريع تحسن مداخيلهم على المدى المتوسط سيما مع سهولة الحصول على هذه القروض كما كان في السابق إذ عادةً ما تكون القروض الميسرة أقل تعقيدا من باقي القروض طويلة المدى رغم نسب فائدتها المرتفعة .
مشروع الانتقال الطاقي بالمؤسسات العمومية : توجّه لاستدامة الموارد الطاقية وتخفيف الأعباء المالية
تواصل بلادنا تنفيذ مشروع «الانتقال الطاقي في المؤسسات العمومية» الذي سيشمل 22 وزارة، وتهدف…