تعيش معتمديتا جبنيانة والعامرة من ولاية صفاقس  وضعية احتقان غير مسبوقة مع توافد كثيف لمهاجرين من افريقيا جنوب الصحراء مع تدخل امني ومع حملات فايسبوكية اختلط فيها الحابل بالنابل وتداول فيديو لم يتسن حتى اللحظة التثبت من صدقيته وجدته يفيد بأن الأمن انسحب وترك الاشتباك قائما بين المواطنين والوافدين.

واللافت أن هذا يحدث قبيل قدوم رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني مرة أخرى الى تونس وبالتحديد غدا الأربعاء 17 أفريل الجاري للتباحث مع السلطات التونسية بشأن ملف الهجرة غير النظامية الذي يؤرق الاوروبيين وتحديدا إيطاليا تماما مثلما يشكل صداعا مزعجا لبلادنا.

وهذا ما يجعل بعض  التحاليل تذهب في اتجاه ان التمركز الكبير للمهاجرين في معتمديتي العامرة وجبنيانة هذه الأيام بالذات وتضاعف أعدادهم بشكل كبير ليس عملية بريئة او تلقائية.

فوفق مصادر إعلامية ومواطنية متطابقة يمكن القول ان الكثافة الكبرى لأعداد المهاجرين في هذين المعتمديتين والتي تضاعفت عديد المرات في الأيام الأخيرة ظاهرة غريبة ومحيرة فعلا. فالازدياد الذي حدث على امتداد شهر تقريبا غير مسبوق وفق هذه المصادر التي تؤكد ان المهاجرين لقوا كثيرا من التعاطف والتعاون من قبل أبناء الجهة في البداية لكنهم اصبحوا عبءا ثقيلا في الأيام الأخيرة مع كثرتهم وتعقد مشاكلهم اليومية التي أصبحت أمنية وصحية وبيئية واجتماعية. ولم يعد من الممكن التعايش مع ارتدادات هذه الإشكاليات المتشابكة وهو ما قاد الى احتقان في المنطقة.

طبعا القراءة الأولى تفيد بأن ارتفاع درجات الحرارة في النصف الثاني من مارس وتواصل ذلك ما عدا التقلبات التي حدثت في الأيّام القليلة الماضية شجع الوافدين على التواجد بكثافة تمهيدا لاجتياز الحدود خلسة عبر التنسيق مع منظمي الحرقة.

لكن ثمة ما يمكن ان يقال في قراءة أعمق قليلا من الأولى وهي ان هناك خيوطا خفية تحرك هؤلاء المهاجرين والهدف هو الضغط على تونس بالتزامن مع قدوم ميلوني.

هذا بالإضافة الى ان هناك معطيات مهمة مفادها ان البرلمان الأوروبي صادق في الأسبوع الأول من افريل الجاري على معاهدة اللجوء والتي جاء في احد بنودها ان دراسة ملفات اللجوء من هنا فصاعدا لن تتم في بلدان الوصول أي على الأراضي الأوروبية بل سيتم التثبت منها في بلدان العبور للضفة الجنوبية للمتوسط وتحديدا تونس وربما ليبيا أي ان عملية الفرز بشان الحصول على اللجوء ستكون على الأراضي التونسية.

ومن المتوقع ان يكون هذا الموضوع محل تباحث من قبل ميلوني مع السلطات التونسية وتفيد بعض المعطيات التي نوردها بكل تحفظ انه ستقام مخيمات على الحدود التونسية الليبية لهذا الغرض بالتحديد وسيكون مصير هؤلاء المهاجرين إما الحصول على لجوء في أوروبا او العودة الى بلدانهم الاصلية ومن المنتظر ان يقوم الاتحاد الأوروبي بمساعدة تونس ماديا ولوجستيا في هذا الاطار.

ويبدو ان هذا لا يروق كثيرا للمهاجرين غير النظامين الذين يؤثرون  الهجرة الى الشمال  والبحث عن فرص ما في القارة العجوز. ولذلك ارتفعت حدة الاحتقان في منطقتي العامرة وجبنيانة من ولاية صفاقس بهدف الضغط وازعاج السلطات التونسية.

والحقيقة تصريحات المراسلين الصحافيين وبعض شهود العيان من هذه المنطقة تفيد بان الوضعية لم تعد تحتمل. فالتواجد الكبير والمكثف لهؤلاء المهاجرين غير النظاميين أصبح مشكلة خطيرة وينبغي التسريع في مجابهتها لأن لها تداعيات شائكة. فحسب الشهود هناك عنف متواتر مابين هؤلاء الوافدين يحدث خاصة في الليل اذ غالبا ما تنشب بينهم خلافات تؤدي الى تبادل العنف ويقود هذا الى تدخل أمني وتدخل الإسعاف وهذا فيه انهاك للقوات الأمنية الموجودة في المنطقة وهي عدديا لا تستطيع تغطية كل الشغب والعنف الذي يحدث في المنطقة. وكذلك المستشفى المحلي هناك وسيارات الإسعاف والاستعجالي لا تستطيع استيعاب هذه الأعداد الكثيفة وبالتالي أصبحوا عبءا على المواطنين.

هذا بالإضافة الى تنامي عدد الولادات في صفوف المهاجرين وعجز المستشفى عن توفير الخدمات الطبية لهم نظرا لمحدودية طاقة هذه المؤسسة الاستشفائية.

ودائما وفق التصريحات الواردة من هناك يبدو أن هناك مخاطر صحية كبيرة خاصة مع وجود حالات سل وسيدا في صفوف المهاجرين وهذا ما يضاعف الخشية والتوجس في صفوف المواطنين.

بالنسبة للمخاطر البيئية تتمثل طبعا في مشاكل متصلة بالنظافة مع وجود حشود كبيرة في العراء  بالإضافة الى قطع أشجار الزيتون وهذه معضلة أخرى لبناء بعض  الاكواخ الخشبية.

وهذا ما يفسر اليوم حالة التوتر العالي في هذه المنطقة والتي من المهم الآن حسمها بشكل نهائي من قبل السلطات التونسية عبر النقاش  مع الجانب الإيطالي في كل تفاصيل الأزمة وبالوضوح اللازم ومع مراعاة المصلحة العليا لتونس وشعبها وبعيدا عن رجم بلادنا بتهم العنصرية وما يحف بها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

النداء الأخير : أيها التونسيون ..إلى صناديق الاقتراع..!

يتوجّه التونسيون كما كان منتظرا  اليوم الى مراكز الاقتراع ليختاروا من سيدير شؤون البلاد لم…