المصادقة على مشروع إحداث ديوان تنمية الجنوب : دفع التنمية والتشغيل وتحقيق الاستقرار الاجتماعي
يعدّ هاجس التنمية خاصة في المناطق الهشة من أوكد أولويات الدولة في هذه الظرفية الاقتصادية الدقيقة التي تمر بها البلاد ولعله ما يفسر التسريع في المصادقة على مشروع أمر يتعلق بإحداث ديوان تنمية الجنوب والصحراء حيث وافق مجلس الوزراء في اجتماعه، المنعقد أول أمس بإشراف رئيس الحكومة، أحمد الحشّاني، على مشروع أمر يتعلّق بإحداث ديوان تنمية الجنوب والصّحراء وبضبط تنظيمه الإداري والمالي وطرق تسييره.
ويهدف بعث هذا الديوان الجديد إلى ضمان حسن توجيه الاستثمار العمومي للتوظيف الأمثل لكل الامكانيات والموارد الطبيعية والبشرية لولايات الجنوب لمزيد تنمية هذه المناطق وحسن ادماجها في الحركية الاقتصادية الوطنية.
وللوقوف على أهمية إحداث هذا الديوان وانعكاساته الاقتصادية على الأقاليم الجنوبية تحدثت «الصحافة اليوم» إلى الخبيرة الاقتصادية خلود التومي التي أشارت إلى أنه بالنظر إلى الوضعية الاقتصادية الراهنة وضعف الميزانية الموجهة للتنمية ولجوء الدولة للبنك المركزي من أجل تمويل الميزانية يعد تنفيذ دواوين تنموية في هذه الجهات أو غيرها عملية صعبة لكن إذا ما كانت هناك إرادة لتركيز مشروع تنموي هام بمنطقة الجنوب التونسي فعلى الدولة عمليا التفكير في خطوط تمويل لهذا المشروع.
وأشارت التومي إلى أنه يمكن إدراج هذا المشروع في نطاق الشراكة مع البنك الدولي في برنامجه لسنوات 2025-2023 والتوجه لشركاء آخرين على غرار البنك الإفريقي للتنمية أو حتى التفكير في شراكات بينية حول المشروع مع دول شقيقة وصديقة لتونس حيث يصعب في الوقت الراهن التوجه للدوائر الدولية المانحة نتيجة التصنيف الائتماني لتونس والذي هو الآن في حالة مستقرة لقدرة تونس على سداد ديونها الخارجية لكنها في المقابل قد استهلكت مخزونها من العملة الصعبة.
وأكدت التومي أنه على المدى المتوسط والبعيد سيكون لهذا المشروع انعكاس تنموي مهم على منطقة الجنوب التونسي معتبرة أن تنمية هذه المناطق هي أمر مهم وضروري سيساهم في إشعاع هذه المناطق اقتصاديا إلى جانب خلق الثروة وخلق مواطن الشغل وتحقيق نوع من الاستقرارالاجتماعي المستدام بها.
كما دعت من جهة أخرى إلى إعادة تنشيط مختلف المحركات الاقتصادية الأولية التي ستكون لها انعكاسات إيجابية لا فقط على الجنوب بل على باقي ولايات الجمهورية.
وتجدر الإشارة إلى أن إحداث هذا الديوان جاء بإذن من رئيس الدولة، قيس سعيّد، بمناسبة زيارته إلى منطقة النويّل من معتمدية دوز خلال شهر مارس 2024، لإضفاء المزيد من النجاعة على سياسات التنمية الجهوية، وتطوير العمل التنموي في الإقليمين الرابع والخامس. ويأتي إحداث هذا الديوان إستئناسا بديوان تنمية رجيم معتوق، الذي أحدث بموجب قانون المالية لسنة 1989.
وخلال الاجتماع الوزاري أشارت وزيرة الاقتصاد والتخطيط، فريال الورغي، في عرضها بشأن ديوان تنمية الجنوب والصحراء إلى أنّه سيكون مؤسسة عمومية ذات صبغة غير ادارية يتمتع بمرونة ادارية ومالية، وسيخضع لإشراف وزارة الاقتصاد والتخطيط وسيكون مقره بمدينة توزر.
وتتمثل مهام الديوان، في تطوير الواحات والزراعات البيولوجية وتثمين الغطاء النباتي الصحراوي وتربية الماشية، خاصّة، منها الابل فضلا عن تطوير الطاقات البديلة والمتجددة (الطاقة الشمسية والجيوحرارية) إلى جانب تنمية الصناعات المرتكزة على المواد المحلية وخاصة منها صناعات البلور انطلاقا من رمال الصحراء وصناعات الجبس إلى جانب تطوير مشاريع تندرج ضمن السياحة البديلة وخاصة منها السياحة الصحراوية واحداث مناطق سياحية جديدة من شأنها تثمين المخزون الطبيعي والحضاري والتراثي للمناطق المعنية.
كما سيعمل الهيكل التنموي الجديد على تنمية المناطق التجارية بالمناطق الحدودية خاصة وتطوير المشاريع التجارية القائمة على المنتجات المحلية.بالاضافة الى ذلك، سيساهم الديوان في خلق عناقيد انتاج ما بين الولايات، تساعد على احداث أقطاب تنموية تنافسية بالولايات الداخلية، للحد من التفاوت الجهوي، والهجرة وخلق مواطن الشغل وجعل المجال الصحراوي أكثر جاذبية للاستثمار والاستقرار.
نسق حثيث لدفع الاستثمار والتنمية..
تنتظر تونس دفعا استثماريا قويا لتحقيق نقلة اقتصادية تنشط على إثرها كل محرّكات التنمية وال…