بعض مضامين الدراما التونسية خلال شهر رمضان : تشرع للعنف …تلقي بإسقاطاتها على الأسرة والمجتمع!!!
دأبت القنوات التونسية على تقديم وجبات يومية من الأعمال الدرامية المختلفة خلال أيام شهر رمضان المبارك من كل عام، وأصبح الشهر الفضيل موسما سنويا يتبارى فيه المنتجون وكتاب السيناريو في تقديم أفضل ما لديهم خلال هذا المهرجان السنوي، وتسعى القنوات الفضائية إلى جذب المشاهدين، وتحقيق أعلى نسبة مشاهدة بما ينشط معه سوق الإشهار، وتسويق المنتج الدرامي نفسه بغض النظر عن مضمون هذا العمل أو ذاك، وما يحمله من رسائل ومضامين. وبعيدا عن نوعية الأعمال الدرامية ومضامينها وأهدافها ونوعياتها، أو حتى نجاحها وفشلها على الصعيد الجماهيري، فإن كثيرا من أصوات النخبة التونسية المعنية بالشأن الثقافي وبالصناعة التلفزيونية بالخصوص تعالت ورفعت شعارات التنبيه والتحذير من مخاطر ما تطرحه كثير من هذه الأعمال، ويرى معظم المتابعين أن هناك أعمالا درامية تتضمن رسائل ومضامين تتعارض مع منظومتي الأخلاق والقيم، كما أشار البعض إلى الآثار السلبية التي يخلفها محتوى بعض الأعمال الدرامية على صعيد الأسرة وترابطها وتماسكها أو على صعيد المجتمع.
أثارت جدلا واسعا مؤخرا وأعادت إلى السطح مسألة المضامين التي تحملها الأعمال الدرامية في تونس، وتعالت أصوات المتخصصين الذين سارعوا إلى إثبات وجود علاقة سلبية مباشرة ما بين ما تطرحه كثير من الأعمال الدرامية، وما تتعرض له الأسرة من مشاكل وأزمات. وقد تباينت الآراء ما بين مؤيد ومعارض حول تأثير الدراما التليفزيونية على مفهوم وحقيقة الترابط الأسري، والتواصل بين أفراد الأسرة الواحدة، وسلوك الشباب والأطفال واتجاهاتهم ونظرتهم إلى الحياة، وسلوكهم مع الآخر وفي المجتمع، وانعكاسها أيضا على سلوكياتهم اليومية.
وأثارت بعض المسلسلات التونسية التي تم بثها على القنوات التلفزيونية التونسية الكثير من الانتقادات، بلغت حد التعبير الصريح عن الاستياء وحتى الإدانة وأجمع الكثيرون من النقاد والإعلاميين والكتاب وعامة الناس على أن هذه المسلسلات أساءت بصفة خاصة للمرأة التونسية وصوّرتها في الكثير من السيناريوهات إما خائنة لزوجها أو عاهرة، وهي تشرب الخمر وتنجب الأطفال في الحرام، كما تضمنت هذه المسلسلات الكثير من مشاهد العنف والتعذيب والقتل، فظهرت الأسرة التونسية في مظهر العائلة المتفككة تسودها الخيانة والغدر والكذب والميوعة.
و ألقت هذه المضامين التي غلبت على معظم الأعمال الدرامية بظلالها على المجتمع و أثرت في الفئة الأكثر هشاشة داخل المجتمع وفي هذا الإطار أبرز سامي قلال مختص نفساني و باحث في علوم الإجرام أنه بالرغم من أهمية الدور الذي تؤمنه وسائل الإعلام إلا أن العديد من الدراسات تقر بوجود علاقة بين مضامين العنف والجريمة في وسائل الإعلام والسلوك العدواني والانحراف لدى الأطفال والمراهقين.
و قال أن حسب نظرية التعلم الاجتماعي (من أهم مؤسسيها “ باندورا”) يوجد خمس (5) آليات نفسية يمكن من خلالها افتراض أن العنف المقدم عبر وسائل الإعلام يؤدي إلى حدوث تغيير في القيم واتجاهات وسلوك المشاهد وهي أولا الكف عن الكبح و ثانيا الإثارة في حين تتمثل الآلية الثالثة حسب الأستاذ قلال في التقليد أو المحاكاة أما الآلية الرابعة فهي إضعاف الحساسية يعني أن تكرار عرض برامج العنف يؤدي إلى التقليل من الاستجابة العاطفية تجاه العنف ويزيد من قبول العنف في الحياة اليومية.وخامسا وأخيرا التفريغ بمعنى أن كبت الانفعالات وعدم تفريغها أو تصديقها هو السبب الرئيسي لكثير من الاضطرابات النفسية والسلوكية.
ضعف الموارد لتطوير الصناعة الدرامية!!!
يمثل الإنتاج الدرامي قطاعا مهما من الإنتاج الإعلامي الذي يهتم به قطاع عريض من فئات المجتمع المختلفة لا سيما الشباب الذي تتعدد دوافعه لمشاهدة ومتابعة الدراما من حيث الترفيه والتعلم واكتساب المعرفة والتفاعل مع الآخرين وفهم قضايا اجتماعية، والتعرف على أنماط اجتماعية جديدة إلى جانب عنصري الترفيه والتسلية بطبيعة الحال، ووسط هذا الزخم الهائل من الإنتاج ربما نجد خللا مجتمعيا من حيث التأثير، وزيادة الفجوة بين الأجيال، أو نرى انفصال الشباب عن مشكلاتهم الواقعية مما يعطل طرق العلاج والتنمية، أو نرى أعمالا تعرض نماذج ساخرة من الشخصيات الإنسانية، وتقدم أشكالا وقيما سلبية أو جديدة لأفراد الأسرة الواحدة، ونرى بالتالي أن كل طرف يذهب في اتجاه مخالف، أو تتباين الاتجاهات، أو عدم الاتفاق حول المضمون، أو المحتوى، وبالتالي قد يسبب هذا الاختلاف شروخا فكرية وثقافية بين أبناء الأسرة الواحدة، والمشكلة أن كثيرا من الجمهور يجهل ثقافة الاختلاف، أو أن البعض من الشباب يتبنى كثيرا من الأفكار أو القيم الخاطئة ويعتبرها منهجا له في الحياة. في هذا السياق اعتبر صلاح الدين الدريدي أن التلفزيون صناعة ثقيلة تتطلب العدة والعتاد والمال بلا حساب، ولكن إشكالية التلفزة في تونس تتمثل أساسا في ضعف الموارد لتطوير الصناعة الدرامية حسب قوله والنتيجة موسمية إلا نتاج الدرامي خاصة خلال رمضان.
وأبرز الدريدي أنه بالرغم من الثورة وبالرغم من انبعاث هيكل تعديلي رقابي الهايكا، وكذلك رغم الخبراء…فإنه لا شيء تغير ودار لقمان بقيت على حالها.
وأضاف أنه لم تتغير الصناعة التلفزيونية رغم هامش الحرية السائد فقد ظلت محكمة بثنائيات الثقافة التونسية البلدية والبدوية، في السلطة وظلم السلطة، في التاريخ الرسمي والتاريخ الشعبي الخ…
و اعتبر أنه في كل الأحوال هنالك الغث والسمين خاصة على خلفية غياب مريب للنخبة والمثقفين في دفع حركة الانتاج الدرامي مشيرا الى أن تونس تمر حاليا بأسوأ مراحل تاريخها الثقافي فالإبداع معطل والجمهور ثقافته محدودة وسطحية ويقبل على الدراماالخليجية والتركية والمصرية وغيرها..
وبخصوص تأثيرات الدراما في تونس على الشباب و الأطفال من خلال تقديم نماذج و أفعال و شخصيات تؤسس لثقافة العنف و الاستهتار بيّن أستاذ الإعلام صلاح الدين الدريدي في هذا الإطار أنه لا يمكن أن ننكر ما يمكن أن تسهم به الأعمال الدرامية من تأثيرات إيجابية وأهمها على الجانب الثقافي والمعرفي ودورها في تنمية الخيال وتقديم مضمون إعلامي هادف ومفيد، لكن الخطورة تكمن في أننا نجد غالبية الدراما تقدم نماذج يعتبرها الصغار قدوة ومثلا أعلى، وهي نماذج تجري وراء التقليد الغربي، والموضة والقيم السطحية أو الانحلالية، ولا يمكن إنكار أو حجب تأثيرها السلبي على الأطفال وتفادي ذلك بالجلوس معهم وإقناعهم بأنها مجرد تمثيل، وأكد أنه يشجع الأعمال التي تحترم عقلية المشاهد، فالدراما نوع خطير من الغزو الفكري للشباب وللمجتمع بشكل عام، وتستطيع أن تؤثر في التفكير والسلوك والتعامل مع الآخرين، وعادة ما نرى أنها تنمي لدى الصغار والمراهقين غير الناضجين الرغبة الدائمة في الاستقلال والذاتية، بل تنشر مفاهيم مغلوطة عن الحرية والنجاح وكيفية مواجهة الضغوط والتعامل معها بما لا يتناسب وثقافة وقيم المجتمع.
لوضع حدّ لنقص وفقدان بعض المواد الغذائية : تكثيف الرقابة و تجديد آلياتها.
مازالت السوق التونسية تسجل ندرة في عدد من المواد الغذائية الأساسية خلال هذه الفترة يرافقها…