2024-03-26

مقاومة تداعيات شح المياه على القطاع الفلاحي : إعطاء الأولوية للإنتاج المتأقلم مع التحولات المناخية لتحقيق السيادة الغذائية

رغم التحسن الطفيف الذي شهدته نسبة إمتلاء السدود والتي بلغت 37.3 بالمائة إلى حدود منصف الشهر الجاري إلا أن أزمة المياه ما تزال مطروحة وهي أزمة قديمة لم يقع التعاطي معها بالجدية اللازمة لتجنب ما وصلت إليه تونس من فقر مائي و ما أفرزه ذلك من إنعكاسات سلبية على القطاع الفلاحي وعدة قطاعات إقتصادية مرتبطة في إنتاجها بالمياه. فقد شهد موسم الحبوب الأخير تراجعا في الإنتاج بشكل غير مسبوق وصل إلى 60 في المائة إلى جانب تراجع إنتاج عديد المنتوجات الفلاحية نتيجة مطالبة صغار الفلاحين بعدم غراسة أراضيهم، خاصة بالنسبة للغراسات المستهلكة للماء، وهذا ما أثر   بشكل كبير ومباشر على موارد رزقهم من ناحية وقلص الإنتاج الوطني من الخضر والغلال الفصلية الأساسية من ناحية أخرى الأمر الذي أدى إلى  ارتفاع كبير في الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين  لتطرح مسألة الأمن الغذائي الذي بات مهددا .

كما ألقت أزمة المياه بظلالها على التونسيين إذ تشير الأرقام إلى أن أكثر من 300 ألف مواطن تونسي يشكون من نقص المياه، معظمهم يعيشون في القرى والأرياف، رغم أن ولاياتهم  توفر المياه الصالحة للشرب لغالبية المدن ليصبح  نصيب الفرد في تونس من المياه أقل من 450 مترًا مكعبًا، وهي نسبة أقل من عتبة ندرة المياه، والتي تصل إلى 1000 متر مكعب حسب تقديرات المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

ويرى المرصد التونسي للمياه أنه رغم الإجراءات الإستعجالية التي اتخذتها الدولة إزاء تراجع منسوب السدود ونقص المياه إلا أنها تبقى حلولا يصفها بالترقيعية مقترحا في هذا الصدد جملة من الحلول من خلال بيان إصدره في الغرض بمناسبة الإحتفال باليوم العالمي للمياه  الذي يوافق يوم 22 مارس من كل سنة . وطالب المرصد في هذا الإطار بالتخلي عن سياسة الحلول الظرفية والترقيعية لمعالجة الوضع المائي في تونس من خلال العمل على رسم سياسات عمومية جديدة في إطار حوار تشاركي بين جميع الفاعلين من هياكل عمومية ومنظمات مهنية وطنية ومجتمع مدني وأحزاب سياسية  تأخذ بعين الاعتبار حاجيات الشعب الأساسية من ناحية والتحولات المناخية من ناحية أخرى.

كما طالب المرصد التونسي للمياه  بالإسراع بفتح حوار جدي ومفتوح مع كل أطياف المجتمع لإعداد مجلة مياه جديدة قادرة على تلبية الحاجيات المائية للتونسيات والتونسيين حاضرا ومستقبلا وبإعادة النظر في خارطة الإنتاج الفلاحي مع إعطاء الأولوية للإنتاج المتأقلم مع التحولات المناخية وندرة المياه، والقادر على تحقيق السيادة الغذائية على المدى المتوسط والبعيد.إلى جانب العمل على  وضع خطة عمل وبرامج متابعة ومساندة للفلاحين الصغار خاصة لجعلهم قادرين على التكيف الاستباقي مع التحولات المناخية على مستوى الإنتاج واستعمال المياه للري وتعبئة الموارد المالية اللازمة للاستثمار في مجال الماء من بنى تحتية وتجديد قنوات وغيرها من التجهيزات القادرة على التقليص من ضياع المياه وضمان استدامة التزويد. إضافة إلى وضع سياسة عمومية تحفيزية لتجميع مياه الامطار بالمناطق العمرانية مع التخلي عن الإجراءات والشروط البيروقراطية التي تم اتباعها أخيرا في هذا المجال ووضع برامج مستقبلية لبناء ثقافة مواطنية للماء لدى كل افراد الشعب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الاستثمار في السياحة الإستشفائية : تونس تتطلع لتكون الوجهة الأولى للسياحة الطبية في أفق 2034

تعتبر السياحة الاستشفائية في تونس من القطاعات الواعدة والهامة التي تساهم منذ سنوات بشكل لا…