مرة أخرى لا تفوّت السلطة الفلسطينية المناسبة للتأكيد على أنها فوّتت فرصة تاريخية على الفلسطينيين للتوحد أمام مستعمر غاشم مستبد يتغذى من انشقاق أبناء البلد الواحد.

الخميس وبعد أيام من اعلان رئيس الوزراء السابق محمد اشتية استقالته عيّن محمود عباس حليفه المقرّب رجل الاعمال الفلسطيني محمد مصطفى رئيسا للوزراء مكلفا إياه بحسب البيان الجديد بالتحضير لانتخابات جديدة تشمل كل المناطق الفلسطينية.

صحيح أن تغيير رئيس الوزراء الفلسطيني كان يأتي في ظل ضغوطات داخلية وخارجية متصاعدة تطالب بضخ دماء جديدة في السلطة الفلسطينية التي لم يكن لها أي تأثير في الحرب الدائرة في غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي مكتفية ببيانات التنديد والاستهجان وبالدعوات المتكررة لوقف إطلاق النار التي لا يتجاوز صداها أسطر البرقيات الإخبارية التي تنقلها.

مباشرة بعد الإعلان الجديد عن تكليف مصطفى برئاسة الوزراء أملا في أن يكون رجل المرحلة وان يكون المنقذ والموحد، ردت الفصائل الفلسطينية مؤكدة أن «الأولوية الوطنية القصوى الآن هي مواجهة العدوان الصهيوني الهمجي وحرب الإبادة والتجويع التي يشنّها الاحتلال ضدَّ الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، والتصدّي لجرائم مستوطنيه في الضفة الغربية والقدس المحتلة وخاصة المسجد الأقصى وللمخاطر الكبيرة التي تواجه القضية الوطنية وعلى رأسها خطر التهجير الذي ما يزال قائماً».

وأضافت أن «اتّخاذ القرارات الفردية والانشغال بخطوات شكلية وفارغة من المضمون كتشكيل حكومة جديدة من دون توافق وطني هي تعزيزٌ لسياسة التفرّد وتعميق للانقسام في لحظة تاريخيّة فارقة، أحوج ما يكون فيها شعبنا وقضيته الوطنية إلى التوافق والوحدة، وتشكيل قيادة وطنية موحّدة تحضّر لإجراء انتخابات حرّة ديموقراطية بمشاركة جميع مكوّنات الشعب الفلسطيني».

إن تعيين رئيس وزراء فلسطيني جديد في هذا الظرف بالذات هو مؤشر على مدى الأزمة التي تتخبط فيها السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس والتي ترفض الإقرار بأنها أحد أسباب ما وصل إليه الوضع اليوم من خلال تعنّتها وتمسكها بالسلطة ورفضها المغادرة في التوقيت المناسب.

ليس من شك في ان الرئيس عباس الذي كان هاجم حماس في بداية الحرب متناسيا ان الظرف لا يسمح بتصفية الحسابات الداخلية على حساب مصالح شعبه في هذا التوقيت بالذات ويرفض تحمل جزء من المسؤولية في ما حدث بعد ان كان واحدا من عناصر الفرقة والانقسام في الداخل الفلسطيني.

مرة أخرى تثبت السلطة الفلسطينية ان هناك فجوة بينها وبين شعبها ففي الوقت الذي كان فيه الكل يتطلع لخطوات وإجراءات حقيقية تساعدهم في محنتهم كان الحل اليتيم الذي جادت به هو تغيير اسم باسم من ذات العائلة السياسية دون أي محاولة حقيقية وجدية للمّ الشمل الفلسطيني.

في حقيقة الامر يتحمل الرئيس عباس نصيبا كبيرا مما يحدث اليوم في غزة فطيلة السنوات الماضية لم يكن وهو الرئيس المفترض به أن يكون موحدا وجامعا الا عنصرا من العناصر المساهمة في الانقسام والفرقة داخل الجسد الفلسطيني فاتحا المجال أمام الاحتلال ليستغل هذا الانقسام ويوظفه داخليا وخارجيا وكانت النتيجة الطبيعية لذلك مزيد اضعاف الموقف الفلسطيني وما نتج عنه من تغييب للقضية الفلسطينية ومحاولة لطمسها.

قد لا يكون تغيير رئيس وزراء بآخر سوى القشة الأخيرة التي تحاول السلطة الفلسطينية الحالية بقيادة عباس التمسك بها في مواجهة عاصفة حرب غزة لكن الأكيد ان تغيير اسم باسم لن يكون قارب النجاة المنشود وأن رياح العاصفة سترحل بالجميع قبل هدوئها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

الهجوم الجديد على الكيان الصهيوني هل قررت طهران أخيرا نزع قفازاتها؟

لمدة أشهر طويلة حاولت إيران أن تتجنب الدخول في حرب ضد الكيان الصهوني رغم كل محاولات جرها ل…