2024-03-12

أسهم غياب نص قانوني ينظّمها في التشكيك في نزاهتها ومصداقيتها : هل تكون استطلاعات الرأي ضمن أولويات البرلمان قبيل الانتخابات الرئاسية؟

بعد مدة وجيزة من انطلاق الحديث عن الانتخابات الرئاسية والتأكيد سواء من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد أو من قبل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن اجرائها بين سبتمبر واكتوبر القادم، عاودت عمليات سبر الآراء لرصد نوايا التصويت ومنسوب الثقة الى الصدور. وعلى الرغم من أهمية الدور الذي تلعبه قبيل المواعيد الانتخابية في توجيه الرأي العام الا انه الى اليوم لا يوجد قانون ينظم عمليات سبر الآراء.

وقد أسهم غياب النص القانوني المنظم لقطاع استطلاعات الرأي في إحداث فوضى خاصة إذا ما تعلق الامر بالمشهد السياسي والانتخابات، حيث كانت هذه العمليات محل تشكيك في نزاهتها وشفافيتها ومصداقيتها. ما دعا طيفا واسعا من السياسيين والمجتمع المدني الى التحرك في اتجاه دعوة مجلس نواب الشعب السابق إلى سنّ قانون ينظم قطاع سبر الآراء ويضع حدا لما فيه من تجاوزات، غير انه لم تتم الاستجابة الى هذه الدعوة. ومع انتظار محطة انتخابية بمستوى الانتخابات الرئاسية يبدو ان ما تقاعس عن إنجازه البرلمان السابق يجب ان يتداركه البرلمان الحالي. علما وان هناك مقترحات مشاريع قوانين تخص تنظيم قطاع سبر الآراء واستطلاعات الرأي ولكنها ما تزال في أدراج مكاتب البرلمان.

وفي علاقة بهذه المسألة أبرز نبيل بالعم رئيس الغرفة الوطنية لمكاتب استطلاع الرأي في تصريح لـ«الصحافة اليوم»  انه عندما نتحدث عن إطار قانوني لعمليات سبر الآراء فان ذلك ليس له أي معنى بل ان المسألة تتعلق بنشر نتائج سبر الآراء وهو ما يهم الإعلام ولا يهم المكاتب التي أنجزت استطلاع الرأي الذي عادة ما يكون بطلب من طرف وسائل الإعلام حول مسألة ما منها الانتخابات.

وبالتالي حسب محدثنا فإنّ مكاتب الدراسات تقوم بدورها الموكول لها في مستوى إعداد الاستبيان والإحصاء لا غير، فيما تتولى وسائل الإعلام سواء مكتوبة او مرئية نشر النتائج وتحليلها. ليؤكد على أن مكاتب الدراسات واستطلاع الرأي لها إطارها القانوني الذي تعمل صلبه وهو المجلة التجارية، كما أنها تتناول محاور ومواضيع مختلفة بما في ذلك الانتخابات التي يبقى الإشكال حولها في مستوى النشر الذي هو من مشمولات الإعلام وليس من مشمولات مكاتب الدراسات. ليذكر ان شركته تعاملت مع عديد المؤسسات الإعلامية وكان ذلك بطلب منها وفي إطار عقد مبرم بينهما لتتولى هذه المؤسسات عملية النشر. بما يعني في تقديره أن ما يجب ان ينظم بنص قانوني هو عملية نشر النتائج في الإعلام لا عمليات سبر الآراء في حد ذاتها.

من جهته أوضح النائب بالبرلمان عبد الرزاق عويدات أن عمليات سبر الآراء كانت تطرح إشكالا للنواب ولكل الناشطين السياسيين خاصة في الفترة ما بين 2019 و2021، حيث أصبحت أشبه بالبورصة من ناحية «تصعيد» أسماء و«إنزال» أسماء اخرى ما أحدث حماسة لدى السياسيين والمجتمع المدني بصفة عامة وكان هناك حراك في اتجاه وضع إطار قانوني لهذا القطاع من أجل تنظيمه والحد من الفوضى التي شابته آنذاك، ولكن بعد 25 جويلية وتراجع نسق عمليات سبر الآراء تراجعت تلك الحماسة وتقريبا توقف الحديث عن مسألة التقنين التي كانت مطروحة بشدة من قبل. وحسب تعبيره فانه باعتبار أن السنة الحالية من المنتظر ان تشهد قبل نهايتها الانتخابات الرئاسية فإن ذلك مناسبة للتذكير بضرورة الرجوع الى مسألة النظر في مشروع قانون يضع الإطار القانوني لعمليات سبر الآراء نظرا لأهميتها قبيل المواعيد الانتخابية في توجيه الرأي العام.

من جهته أكد أمين الغالي رئيس مركز الكواكبي للتحولات الديمقراطية على ان عمليات سبر الآراء هي مظهر محمود من مظاهر الممارسة الديمقراطية باعتبارها إحدى آليات تعبير المواطنين عن خياراتهم بكل حرية. ليؤكد في المقابل على أن تتسم هذه العمليات بالنظام. ليعبر عن أسفه لما اتسم به قطاع استطلاعات الرأي خلال السنوات الماضية من فوضى وعدم حرص البرلمانات السابقة على ادراجه ضمن أولوياتها باعتبار ان هذه الفوضى كانت في خدمة بعض الفاعلين السياسيين واستغلوها لفائدتهم. وبالتالي كان هناك تقاعس في مستوى المجلس التشريعي على تعديل المشهد بقانون لسبر الآراء.

وبالرغم من أهمية تنظيم استطلاعات الرأي الا ان المتحدث استبعد ان تكون ضمن أولويات البرلمان الحالي، خاصة مع تراجع عدد عمليات سبر الآراء حول نوايا التصويت في الانتخابات التي كانت في السابق عملية شهرية تتهافت وسائل الإعلام على نشرها. ليستطرد ويعبر عن تخوفه من وضع تنظيم هذا القطاع ضمن أولويات البرلمان ويتم التوجه ربما نحو التضييق عليه او ربما منعه. في الأثناء حسب تقديره يمكن لهيئة الانتخابات ان تصدر من جهتها قرارا ترتيبيا يضيّق على عمليات سبر الآراء. وهنا أكد المتحدث على أهمية هذه العمليات التي تعتبر مسألة محمودة ديمقراطيا وهي تستوجب التنظيم، على ان يكون ذلك دون تضييق. وأضاف الغالي «شخصيا ان خيّرت بين الإبقاء على عملية غير منظمة ولكنها مظهر من مظاهر الديمقراطية وبين منعها فإنني سأختار الإبقاء على هذه العملية غير المنظمة لأن منعها لا يخدم الديمقراطية المنشودة».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

أثبتت جدارتها وقدرتها على العمل في إطار مقاربة تجمع بين الأمن والتنمية : المؤسسة العسكرية عنوان بناء وتشييد..

مثّل اللقاء الذي جمعه أمس الأول بوزير الدفاع خالد السهيلي مناسبة اطلع خلالها رئيس الجمهوري…