وزارة التربية تدخل على الخط على إثر حادثة عنيفة في إحدى المدارس : هل تكون هذه الصدمة التي تجعلنا نستفيق ؟
يبدو ان حادثة الاعتداء العنيف جدا على تلميذ من قبل زميله في رحاب القسم بإحدى مدارس ولاية صفاقس، والتي اسفرت عن إيقاف معلّمة ومدير المدرسة ماتزال تثير الجدل بعد حالة الغضب الشديد من قبل المربّين الذين اعربوا عن استيائهم الشديد من عملية الإيقاف وهددوا بالتصعيد.
والجديد في هذه الواقعة ان وزارة التربية قد دخلت على الخط من خلال تصريحات السيد محمد علي البوغديري وزير التربية الذي اكد في تصريح اعلامي ان وزارته تتابع عن كثب تداعيات هذه الواقعة الخطيرة عبر مندوبيتي التربية صفاقس 1 و2. وعبّر الوزير عن تعاطفه العميق مع الطفل المتضرر وعائلته.
وليس هذا فحسب إذ يبدو ان هذه الواقعة محل متابعة أيضا من قبل رئيس الجمهورية قيس سعيد والتي تحدث فيها وفق ما جاء في تصريحات وزير التربية مع وزيرة العدل السيدة ليلى جفال. ويبدو ان هناك مساع اليوم لإيجاد مخرج قانوني يضمن للطفل المتضرر حقه كاملا وحقوق اسرته تماما مثلما يضمن للمربين كرامتهم وكذلك الشأن بالنسبة الى الأسرة التربوية بأكملها. وهذه المعادلة صعبة وشائكة بالتأكيد بالنظر الى ملابسات الواقعة وحيثياتها وخاصة سنّ الطفلين والفضاء الذي جدّت فيه.
ولعلّه من المهم هنا التذكير بخطورة ظاهرة العنف في الفضاء المدرسي وبالتأكيد وزارة التربية مدعوة الى مضاعفة الجهد من اجل تأمين مناخ سليم للتلاميذ للتعلّم بأمان داخل حرم المؤسسة التربوية. والأكيد ان هناك اخلالات كبيرة في صلب المنظومة التربوية ما فتئت تتفاقم خاصة في العقد الأخير. ولذلك كانت النتائج كارثية على مستوى جودة التعليم بعد ان تراجعت بلادنا في اغلب التصنيفات المعدة لهذا الغرض وسبقتنا في الترتيب بلدان كنا نتفوق عليها بأحقاب بل كانت تحاول الاقتداء والتعلم من تجربتنا في ستينات القرن الماضي على غرار كوريا الجنوبية.
كما ان المؤسسة التربوية أصبحت طاردة لأبنائها ونسب التسرّب من الدراسة خطيرة جدا فقد تجاوز عدد المنقطعين عن التعليم في عشر سنوات المليون تلميذ. وهم من ألقت بهم المدرسة خارج أسوارها ووجدوا انفسهم فريسة سهلة لكل أنواع الانحراف وفي مقدمتها المخدرات. مع العلم ان المافيا التي تتاجر بالسموم في بلادنا أصبحت كما تطرقنا لذلك في مقال سابق تراهن على الأطفال القصّر لترويج بضاعتها بشكل أيسر وبعيدا عن الملاحقة القانونية، وهذه من التهديدات الخطيرة.
مع العلم ان هناك مشروعا طرح في فترة من الفترات يقوم على فكرة ان تسترجع المدرسة ابناءها أي منح فرصة ثانية للذين انقطعوا عن الدراسة لكنها قبرت مثل عديد المشاريع التي أعلن عنها في السنوات العشر الأخيرة ولم تر النور جراء الارتباك السياسي.
والآن يبدو ان الوضع بلغ درجة كبيرة من الخطورة واستفحل العنف بشكل مفرط وغير مسبوق وعليه فإن وزارة التربية مطالبة اليوم وبشكل استعجالي بإيجاد الخطط الذكية والجدّية لمجابهة هذه الظاهرة وقطع دابرها والتسريع بإنشاء المجلس الأعلى للتربية الذي اقترحه رئيس الجمهورية والذي سيكون منطلقا للإصلاح التربوي الذي طال انتظاره. وهو الكفيل بإعادة البريق الى المؤسسة التربوية التي فقدته رمزيا وفعليا سواء من خلال تآكل البنى التحتية لمدارسنا التي مرت عقود دون أن تخضع للصيانة والتعهد او من خلال تراجع مكانتها الرمزية والاعتبارية في المجتمع بعد ان تعطل المصعد الاجتماعي ولم يعد التعليم في تونس يقوم بالأدوار التي كان يتكفل بها في العقود الأولى من عمر دولة الاستقلال.
نقول هذا دون ان ننسى ان عملية التعليم ماتزال تحظى بأهمية كبرى في المجتمع التونسي وان المواطن يتكبد الكثير من الصعاب اليوم من أجل تأمين تعليم أبنائه رغم كل التحديات والتغيرات الى حدثت في تونس. وبالتالي فإن الاشتغال على النهوض بالمؤسسة التربوية ينبغي ان يكون «فعلا مجتمعيا» تقوم الدولة باللبنات الأولى له وتضع له الأسس ليكون بمثابة المشروع المجتمعي كما كان في بداية بناء دولة الاستقلال.
ولتكن الحادثة العنيفة التي شهدتها احدى مدارس صفاقس والتي صرح بشأنها وزير التربية ما كنا بصدد تحليله، الصدمة التي تجعلنا جميعا نستفيق.
العائدون من سوريا.. مـــاذا سنعدّ لهم..؟
سقط نظام بشار الأسد في سوريا وثبت أن بيته أوهن من بيت العنكبوت وان جيشه فقد العقيدة والثب…