2024-03-02

حول تعاطي الإعلام الأجنبي مع تونس : خطاب ملتبس ومغالطات بالجملة والتفصيل..!

ما الذي يحدث هذه الأيام؟ وهل يمكن القول إن الحملة الانتخابية للاستحقاق الرئاسي بدأت قبل أوانها؟ وبماذا ينبئ هذا الحراك الذي نتابعه داخليا وخارجيا؟ وهل يمكن الحديث عن توظيف لوسائل الإعلام خارجيا للتشويش على المسار برمته؟ وماذا عن المال الفاسد هل سيلعب الأدوار ذاتها كما حدث من قبل؟
أسئلة كثيرة يستوجب طرحها في هذه السنة الانتخابية المفصلية التي تحف بها الكثير من المناخات التي ينبغي أن نتوقف عندها بوضوح وجلاء.
فمنذ أن تم الإعلان عن الاستحقاق الرئاسي القادم والذي من المنتظر أن يكون في الخريف القادم فحتى الآن لم يتم تحديد الموعد بشكل دقيق وجاء هذا على لسان رئيس الهيئة العليا للانتخابات فاروق بوعسكر.
وقد جاء الأمر نفسه على لسان وزير الخارجية السيد نبيل عمار وقبل ذلك تكلم رئيس الجمهورية قيس سعيد وكانت تلك رسائل واضحة موجهة للداخل والخارج لوضع النقاط على الحروف بشكل نهائي وقطع دابر بعض السرديات التي أصبحت تروّج في منابر إعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي.
ومع هذا الإعلان انطلقت بعض الأصوات داخليا وخارجيا وتكثفت المبادرات والحقيقة أن هذا الأمر في ظاهره طبيعي على أساس أن الترشح للانتخابات الرئاسية حق دستوري لكل المواطنين التونسيين الذين تتوفر فيهم الشروط المعلومة.
لكن في باطن هذا الحراك الكثير من نقاط الاستفهام التي ينبغي استجلاؤها ومن بينها بوادر عودة المال الفاسد ليلعب دورا ما في هذا الاستحقاق الانتخابي بالإضافة إلى المراهنة على الاستقواء بالأجنبي وتوظيف الإعلام لخدمة أجندات محددة وتحديدا توجيه الرأي العام داخليا والإساءة إلى تونس خارجيا.
ولأنه بالمثال يتضح الحال فإنه لا ضير من تقديم بعض الوقائع بهذا الخصوص. ويأتي تحقيق تلفزي من المنتظر بثه على إحدى القنوات الفرنسية مساء غد الأحد 3 مارس في مقدمة ما نحن بصدده. فهذا التقرير يحمل عنوانا صادما عن تونس هو بمثابة الوصم الذي يضع بلادنا في خانة «الديكتاتورية والفقر» ويرى مسارها بأكمله «خطوات إلى الوراء».
وبالنظر إلى توقيت بث هذا التقرير ومحتواه والمشرفين عليه والذين تؤكد الكثير من المصادر بأن حولهم الكثير من الشبهات فإننا يمكن أن نقول إن هناك حربا اعلامية انطلقت على تونس تأهبا للاستحقاقات السياسية القادمة وذلك بالتأثير المباشر في سير الأحداث وتوجيهها أيضا.
طبعا هنا نقول بكل وضوح إن الإعلام الفرنسي بكل أطيافه قد فقد مصداقيته منذ أمد بعيد ولعل صاحب التقرير كان أحرى به أن ينجز تحقيقا عن حرب الإبادة وعن المجاعة في غزة التي يتفرج عليها ساسة العالم دون أن يحركوا ساكنا بدل أن يحوّل برنامجه التوثيقي إلى إدانة سياسية موجهة وربما مدفوعة الأجر للإساءة لتونس.
ولأننا لمسنا عن كثب سياسة المكيالين التي يعتمدها الإعلام الغربي والفاعلون السياسيون في العواصم التي تحاك فيها لعبة الأمم من خلال الامتحان الفلسطيني فإنه لم يعد من الممكن أن تنطلي علينا مثل هذه الحيل التي تحاك ضدنا. وبعد أن سحقت حرب غزة كل المرويات التي تأسست عليها الثقافة الحقوقية الغربية لم يعد من الممكن المراهنة على المنظار الذي يرى به هذا الغرب بإعلامه ونخبه وساسته العالم.
وهذا قطعا يفتح الباب لتساؤلات كثيرة بشأن تعاطي الإعلام الأجنبي مع تونس في محطات كثيرة وكيف تم توظيفه في أكثر من واقعة لتوجيه الرأي العام ولترويج المغالطات والأراجيف.
ومن المتوقع أن يكون نسق هذه التحركات حثيثا في الأشهر القليلة القادمة تزامنا مع موعد الانتخابات الرئاسية.
ويأتي هذا مع تحرك عدد من السياسيين المقيمين في عواصم أجنبية بأشكال مختلفة وقد أطلّت اللوبيات برأسها من جديد وبدا واضحا اليوم أن المال الفاسد سيكون حاضرا بقوة لاسيما بعد أن تحرك أحد السياسيين في الخارج وقد كانت له صولات وجولات في السباق الرئاسي الماضي وقد جمع بين السياسة والعمل الجمعياتي والإعلام وتلاحقه شبهات كثيرة بل هو ملاحق قضائيا. وليس هذا فقط فهناك من اختار الاستقرار في بعض العواصم الأجنبية ويلقي من حين إلى آخر بـ «نية» من هنا ومبادرة من هناك ومقترح من ناحية أخرى دون أن تكون له الشجاعة ليكون بين التونسيين ويخاطبهم مباشرة ويتوجه لهم بشكل واضح وجلي.
والأسوأ من كل هذا هو التعامل مع دوائر القرار الأجنبية من قبل بعض الفاعلين السياسيين، الذين كانت لهم أدوار متقدمة في حكم تونس قبل أن يختاروا الاستقرار في الخارج، التي تهدف إلى توجيه دفة الأمور في تونس والتأثير في مسارها السياسي ووضعيتها الاقتصادية.
في الأخير ندعو إلى ضرورة تقوية الجبهة الداخلية للإعلام الوطني وإسناد مؤسسات الإعلام العمومي بكل محامله حتى يكون مؤهلا لخوض معركته الوطنية ضدّ الإعلام الغربي الذي سقط سقطة حرّة في «امتحان غزّة»..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

إلى مراكز النفوذ في الغرب وتحديدا فرنسا بعد أن سقطت أقنعتها: تونس ليست ملفا حقوقيا..!

من المعلوم ان علاقة تونس بالآخر الغربي متعددة الأبعاد والتقاطعات بين النخب الغربية والفرنس…