2024-02-18

رغم‭ ‬كل‭ ‬الجهود‭ ‬للتقليص‭ ‬منها‭ ‬: البطالة‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭…‬والأسباب‭ ‬متعدّدة‭..!‬

مايزال‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شغل‭ ‬أو‭ ‬وظيفة‭ ‬يشغل‭ ‬بال‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬الجمهورية‭ ‬ومن‭ ‬مختلف‭ ‬الأعمار‭ ‬،‭ ‬وسواء‭ ‬كانوا‭ ‬من‭ ‬خريجي‭ ‬الجامعات‭ ‬أو‭ ‬من‭  ‬منظومة‭ ‬التكوين‭ ‬المهني‭ ‬او‭ ‬ممن‭ ‬لم‭ ‬يسعفهم‭ ‬الحظ‭ ‬في‭ ‬مواصلة‭ ‬دراستهم‭ ‬العلمية‭ ‬أوالتكوينية‭..‬كلهم‭ ‬سواسية‭ ‬اليوم‭ ‬أمام‭ ‬معضلة‭  ‬البطالة‭ ‬التي‭ ‬باءت‭ ‬معها‭ ‬كل‭ ‬المجهودات‭  ‬والحلول‭ ‬والبرامج‭ ‬المبذولة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭  ‬بالفشل‭.‬

‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭  ‬وهذا‭ ‬الشباب‭ ‬يعيش‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬انفراج‭ ‬عقدة‭ ‬البطالة‭ ‬الا‭ ‬انها‭ ‬ظلت‭ ‬تتعمق‭   ‬من‭ ‬سنة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬بسبب‭ ‬الحلول‭ ‬التي‭ ‬ظلت‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬ترقيعية‭ ‬ولا‭ ‬ترتقي‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬تطلعات‭ ‬الشباب‭ ‬المعطل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬ولا‭ ‬تستجيب‭ ‬لمتغيرات‭ ‬سوق‭ ‬الشغل‭ ‬المحلية‭ ‬والعالمية‭ . ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬معالجة‭ ‬الدولة‭ ‬للظاهرة‭ ‬بالاعتماد‭ ‬على‭ ‬البرامج‭ ‬الهشة‭ ‬والآليات‭ ‬الكثيرة‭ ‬والمعقدة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬تفاقم‭  ‬البطالة‭ ‬لأنها‭ ‬لاتعدوان‭ ‬تكون‭ ‬سوى‭ ‬معالجة‭ ‬وقتية‭ ‬اعتمدها‭ ‬المسؤولون‭ ‬في‭ ‬حقبة‭ ‬ما‭ ‬لإخماد‭ ‬غضب‭ ‬الشباب‭ ‬الثائر‭ ‬على‭ ‬الأوضاع‭ ‬وبمجرد‭ ‬انتهاء‭ ‬مدة‭ ‬العقود‭ ‬يعود‭ ‬الشاب‭ ‬المعطل‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬دكة‭ ‬البطالة‭ ‬بجرة‭ ‬قلم‭ ‬وهكذا‭ ‬استمر‭ ‬الوضع‭ ‬على‭ ‬ماهوعليه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تم‭ ‬إغلاق‭ ‬باب‭ ‬الانتداب‭ ‬في‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬التي‭ ‬أغرقت‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬بالانتدابات‭ ‬العشوائية‭ ‬وهومازاد‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬الشباب‭ ‬إلى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭.‬مما‭ ‬اضطر‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬مغادرة‭ ‬البلد‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬القنوات‭ ‬النظامية‭ ‬أوعبر‭ ‬المسالك‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬أوالوقوع‭ ‬فريسة‭ ‬الإدمان‭ ‬بجميع‭ ‬أنواعه‭. ‬وبدل‭ ‬أن‭ ‬تخصص‭ ‬الحكومات‭ ‬مبالغ‭ ‬مالية‭ ‬معتبرة‭ ‬سنويا‭ ‬في‭ ‬الميزانية‭ ‬لخلق‭ ‬المشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬التي‭ ‬تخلق‭ ‬بدورها‭ ‬مواطن‭ ‬الشغل‭ ‬وتدير‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ظلت‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الهشاشة‭ ‬كخيار‭ ‬للمعالجة‭ ‬في‭ ‬مسألة‭ ‬البطالة‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المسائل‭ ..‬وظل‭ ‬نصيب‭ ‬الأسد‭ ‬لسداد‭ ‬الديون‭ ‬الخارجية‭. ‬

ووفقا‭ ‬للأرقام‭ ‬الصادرة‭ ‬مؤخرا‭ ‬عن‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬للإحصاء،‭ ‬فقد‭ ‬سجلت‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬ارتفاعا‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬لتصل‭ ‬الى‭ ‬16,4‭ ‬بالمائة‭ ‬مقابل‭ ‬15,8‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬الثلاثي‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬السنة‭ ‬و15,2‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2022،‭ ‬وأشارت‭ ‬الاحصائيات‭ ‬ذاتها‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬البطالة‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الثلاثي‭ ‬الأخير‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬لتبلغ‭ ‬لدى‭ ‬الرجال‭ ‬13,8‭ ‬بالمائة‭ ‬مقابل‭ ‬13,4‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الثالث‭ ‬و22,2‭ ‬بالمائة‭ ‬مقابل‭ ‬21,7‭ ‬بالمائة‭ ‬في‭ ‬الثلاثي‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬السنة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للنساء‭. ‬وتسجل‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬المتراوحة‭ ‬اعمارهم‭ ‬بين‭ ‬15‭ ‬و24‭ ‬سنة‭ ‬اعلى‭ ‬مستويات‭ ‬للبطالة‭ ‬في‭ ‬تونس،‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬40,9‭ ‬بالمائة‭ ‬مقابل‭ ‬39,1‭ ‬بالمائة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬السنة‭ ‬و38,8‭ ‬بالمائة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2022‭. ‬وفي‭ ‬المقابل‭ ‬سجلت‭ ‬البطالة‭ ‬انخفاضا‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬حاملي‭ ‬الشهادات‭ ‬العليا‭ ‬لتصل‭ ‬الى‭ ‬23,2‭ ‬بالمائة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬مقابل‭ ‬23,6‭ ‬بالمائة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الثالث‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2023‭ ‬و24‭ ‬بالمائة‭ ‬خلال‭ ‬الثلاثي‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬2022‭. ‬وبلغت‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬12,3‭ ‬بالمائة‭ ‬لدى‭ ‬الذكور‭ ‬و33‭ ‬بالمائة‭ ‬لدى‭ ‬الاناث‭. ‬

ومن‭ ‬الاسباب‭ ‬التي‭ ‬ساهمت‭ ‬أيضا‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬البطالة‭ ‬تفاقم‭ ‬ظاهرة‭ ‬الانقطاع‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬مما‭ ‬خلق‭ ‬تزايدا‭ ‬في‭  ‬نسبة‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬أعمارهم‭ ‬عن‭ ‬30‭ ‬عاما‭ ‬في‭ ‬تونس‭.‬وذلك‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬دراسة‭ ‬حديثة‭  ‬أنجزها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬مكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتونس‭ ‬ومنظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬وبرنامج‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬الإنمائي‭ ‬التي‭ ‬بينت‭  ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬شاب‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أربعة‭ ‬شباب‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬غير‭ ‬متمدرسين‭ ‬وغير‭ ‬متابعين‭ ‬للتكوين‭ ‬المهني‭ ‬وغير‭ ‬ناشطين‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الشغل‭.‬

وأشارت‭ ‬الدراسة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ثلاثة‭ ‬أرباع‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬المستجوبين‭ ‬قد‭ ‬انقطعوا‭ ‬عن‭ ‬التعليم‭ ‬الثانوي‭ ‬أوالعالي‭ ‬دون‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شهائد‭ ‬علمية،‭ ‬وأن‭ ‬نحو45‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬منهم‭ ‬يجدون‭ ‬أنفسهم‭ ‬دون‭ ‬تعليم‭ ‬أوتكوين‭ ‬وبلا‭ ‬شغل‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬و‭ ‬هوما‭ ‬جعل‭ ‬الكثيرين‭ ‬منهم‭  ‬يعيشون‭ ‬ظروفا‭ ‬اجتماعية‭ ‬صعبة‭ ‬عمقتها‭ ‬ندرة‭ ‬مواطن‭ ‬العمل‭ ‬وغلاء‭ ‬المعيشة‭ ‬وجرتهم‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬جرا‭ ‬وأمثالهم‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الداخلية‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬هشاشة‭ ‬اقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬مفزعة‭ ‬إلى‭ ‬ركوب‭ ‬قوارب‭ ‬الموت‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬من‭ ‬تونس‭ ‬إلى‭ ‬المدن‭ ‬الأوروبية،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬الضريبة‭ ‬هي‭ ‬فقدان‭ ‬حياتهم‭.   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

78 بالمائة منهم يريدون العودة : هل ستنجح  تونس في استعادة  كوادرها الطبية؟

كشفت نتائج دراسة أصدرها معهد الدراسات الاستراتيجية في مارس 2024،حول هجرة مهنيّي الصحّة ان …