2024-02-16

مع‭ ‬اقتراب‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬وذروة‭ ‬الاستهلاك‭:‬ المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬تعود‭ ‬للنُدرة‭ ‬والاحتجاب‭..!‬

رغم‭ ‬الحديث‭ ‬المتفائل‭ ‬من‭ ‬مسؤولي‭ ‬الحكومة‭ ‬ووزارة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬عن‭ ‬توفر‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬وعودة‭ ‬الأسعار‭ ‬الى‭ ‬رشدها‭ ‬وإن‭ ‬بشكل‭ ‬نسبي،‭ ‬الا‭ ‬ان‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬ينفي‭ ‬عودة‭ ‬شبح‭ ‬الندرة‭ ‬والفقدان‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬اقتراب‭ ‬شهر‭ ‬الصوم،‭ ‬وما‭ ‬يعنيه‭ ‬من‭ ‬ذروة‭ ‬في‭ ‬استهلاك‭ ‬المواد‭ ‬الأساسية‭ ‬وضرورة‭ ‬توفرها‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬محدد،‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬مضاعفة‭ ‬في‭ ‬المعروض‭ ‬وتقوية‭ ‬في‭ ‬مسالك‭ ‬التوزيع‭.‬

ورغم‭ ‬ان‭ ‬الاسابيع‭ ‬الاخيرة‭ ‬شهدت‭ ‬عودة‭ ‬شبه‭ ‬كاملة‭ ‬لمادة‭ ‬الخبز‭ ‬والعجين،‭ ‬وانخفضت‭ ‬تدريجيا‭ ‬طوابير‭ ‬المنتظرين‭ ‬أمام‭ ‬المخابز،‭ ‬الا‭ ‬انها‭ ‬عودة‭ ‬لا‭ ‬تبدو‭ ‬مكتملة‭ ‬حسب‭ ‬شهادات‭ ‬المواطنين،‭ ‬وحسب‭ ‬ما‭ ‬لاحظناه‭ ‬في‭ ‬العاصمة،‭ ‬فأحيانا‭ ‬يتواجد‭ ‬الخبز‭ ‬حتى‭ ‬عند‭ ‬اصحاب‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬وبكميات‭ ‬كبيرة،‭ ‬وأحيانا‭ ‬تعود‭ ‬الطوابير‭ ‬فجأة‭ ‬أمام‭ ‬المخابز‭ ‬ويعود‭ ‬التقنين‭ ‬في‭ ‬تسليم‭ ‬الدقيق‭ ‬حسب‭ ‬طاقة‭ ‬الانتاج‭ ‬وحسب‭ ‬المنطقة‭ ‬وحسب‭ ‬أوقات‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭.‬

الا‭ ‬ان‭ ‬مواد‭ ‬استهلاكية‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬الخبز،‭ ‬بدأت‭ ‬تشكل‭ ‬شبحا‭ ‬مخيفا‭ ‬لدى‭ ‬العائلات‭ ‬التونسية‭ ‬خاصة‭ ‬الحليب‭ ‬والسكر،‭ ‬وما‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يعنيه‭ ‬فقدانهما‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬الصوم‭ ‬المبارك،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يولّد‭ ‬عادة‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬اللهفة‭ ‬لدى‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬ان‭ ‬يسارعوا‭ ‬الى‭ ‬تخزين‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬تخزينه‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬الانقطاع‭.‬

مروّجو‭ ‬مادة‭ ‬السكر،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬الفضاءات‭ ‬الكبرى‭ ‬أو‭ ‬المحلات‭ ‬التجارية‭ ‬يشتكون‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬اسبوع‭ ‬من‭ ‬انعدام‭ ‬هذه‭ ‬المادة‭ ‬بشكل‭ ‬تام،‭ ‬سواء‭ ‬لدى‭ ‬ديوان‭ ‬التجارة‭ ‬أو‭ ‬الموزعين‭ ‬الرئيسيين‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬الموانئ،‭ ‬وقد‭ ‬بدأ‭ ‬فقدانها‭ ‬ايضا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬اصحاب‭ ‬المقاهي‭ ‬والمطاعم‭ ‬وصانعي‭ ‬الحلويات‭ ‬والعائلات‭ ‬أيضا،‭ ‬خاصة‭ ‬وانها‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الاساسية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الاستغناء‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬رمضان‭.‬

هذا‭ ‬الانقطاع‭ ‬المفاجئ‭ ‬لمادة‭ ‬السكر‭ ‬جعل‭ ‬أسعارها‭ ‬ترتفع‭ ‬بشكل‭ ‬مهول‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬السوداء،‭ ‬وبات‭ ‬البعض‭ ‬يتحدث‭ ‬حتى‭ ‬عن‭ ‬سعر‭ ‬أربعة‭ ‬دنانير‭ ‬للكيلو‭ ‬الواحد‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬الدينار‭ ‬وخمسمائة‭ ‬مليم‭ ‬في‭ ‬أقصى‭ ‬الحالات،‭ ‬كما‭ ‬بات‭ ‬آخرون‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬انواع‭ ‬غريبة‭ ‬من‭ ‬السكر‭ ‬تغزو‭ ‬السوق،‭ ‬وهي‭ ‬أنواع‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬مدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬صحة‭ ‬الانسان،‭ ‬خاصة‭ ‬الاطفال‭ ‬والمرضى‭ ‬ولا‭ ‬يعرف‭ ‬أحد‭ ‬أيضا‭ ‬مصدرها‭ ‬ولا‭ ‬ضمانات‭ ‬جودتها‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمادة‭ ‬الأساسية‭ ‬الثالثة‭ ‬فهي‭ ‬الحليب،‭ ‬والذي‭ ‬يعتبر‭ ‬وجبة‭ ‬رئيسية‭ ‬لكل‭ ‬العائلات‭ ‬تقريبا‭ ‬بدون‭ ‬استثناء،‭ ‬اضافة‭ ‬الى‭ ‬ضرورته‭ ‬القصوى‭ ‬لأصحاب‭ ‬المقاهي‭ ‬والمطاعم‭ ‬وحتى‭ ‬للمؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬كالمدارس‭ ‬والمعاهد‭ ‬والثكنات‭ ‬والسجون،‭ ‬اي‭ ‬أنه‭ ‬الطبق‭ ‬الرئيسي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وجبة،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬عاد‭ ‬للتذبذب‭ ‬والغياب‭ ‬المفاجئ‭ ‬أحيانا‭ ‬والحضور‭ ‬المحتشم‭ ‬أحيانا‭ ‬أخرى‭.‬

المستشار‭ ‬الاقتصادي‭ ‬بالاتحاد‭ ‬التونسي‭ ‬للفلاحة‭ ‬والصيد‭ ‬البحري،‭ ‬فتحي‭ ‬بن‭ ‬خليفة،‭ ‬قال‭ ‬أمس‭ ‬في‭ ‬تصريح‭ ‬اعلامي‭ ‬أن‭ ‬اأزمة‭ ‬الحليب‭ ‬متواصلة‭ ‬ولم‭ ‬تنفرجب،‭ ‬ودعا‭ ‬إلى‭ ‬افتح‭ ‬ملف‭ ‬منظومة‭ ‬الألبان‭ ‬نظرا‭ ‬لأهميتها‭ ‬القصوى‭ ‬في‭ ‬البلادب‭.‬

وأرجع،‭ ‬بن‭ ‬خليفة،‭ ‬توفر‭ ‬الحليب‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬إلى‭ ‬اتزامن‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ ‬ذروة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬حيث‭ ‬تنتج‭ ‬تونس‭ ‬حاليا‭ ‬1.8‭ ‬مليون‭ ‬لتر‭ ‬يومياب،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أنهّ‭ ‬اخلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬سيكون‭ ‬الحليب‭ ‬متوفراب‭. ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬ضمانات‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬حسب‭ ‬الموزعين‭ ‬والباعة،‭ ‬فما‭ ‬يمكن‭ ‬توفره‭ ‬اليوم‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يُفتقد‭ ‬غدا،‭ ‬والمادة‭ ‬التي‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬مواقع‭ ‬الانتاج‭ ‬لا‭ ‬تكفي‭ ‬كل‭ ‬الشرائح‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ولا‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬كل‭ ‬المستهلكين‭.‬

وهو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬تدخل‭ ‬الدولة‭ ‬أمرا‭ ‬ضروريا،‭ ‬وحين‭ ‬نقول‭ ‬تدخل‭ ‬الدولة‭ ‬يعني‭ ‬ديوان‭ ‬التجارة‭ ‬الذي‭ ‬عليه‭ ‬ان‭ ‬يبحث‭ ‬عن‭ ‬موارد‭ ‬جديدة‭ ‬لتعويض‭ ‬النقص،‭ ‬لأن‭ ‬التعلل‭ ‬بتوفر‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬أو‭ ‬ضعفه‭ ‬في‭ ‬مواسم‭ ‬معينة،‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يسدّ‭ ‬الفراغ‭ ‬الموجود‭ ‬في‭ ‬السوق،‭ ‬ولا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يقنع‭ ‬المواطن‭ ‬المحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الحليب‭ ‬والسكر‭ ‬والخبز‭ ‬والدقيق‭.‬

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

متى تعي الهياكل أننا بتنا في أمسّ الحاجة لهكذا رؤية: من أجل نموذج فلاحي ملائم للتغيرات المناخية ومخاطر ندرة المياه

 رغم توالي سنوات الجفاف، ورغم تحوّل المياه في بلادنا تدريجيا الى عملة نادرة، لا تزال كثير …