2024-02-11

التمور مورد رزقهن الوحيد: نساء الواحات .. يصنعن من الضعف قوة..

مع ازدياد نسب البطالة وارتفاع أسعار الغذاء اصبح مجال التمور في الواحات موردا اساسيا للرزق بالنسبة إلى الفتيات والنساء اللاتي اصبحن  يفضلن القيام  بفرز التمور في المصانع  بأجر زهيد على الرضوخ للفقر والبطالة …

ومهما كان حجم الصابة تؤمن النسوة عملا يدويا شاقا يتصل خاصة بالفرز في معامل تصدير التمور إضافة إلى العمل اما في مجموعات داخل المنازل أوداخل وحدات صناعية صغيرة اصبحت تنتشر اليوم بشكل واسع ويمتد نشاطها كامل السنة مما يتيح الفرصة للنساء للعمل كامل فصول السنة .

وتفتح معامل التمور  أبوابها للنساء من كافة الأعمار والفئات فهن اما تلميذات أو طالبات واما ربات بيوت ومتقدمات في السن وفي بعض الاحيان نجدهن من حاملات الاعاقة. فما إن تدخل أحد هذه المعامل حتى تقع عيناك على فسيفساء من الفئات العمرية للنساء، « فلا وجود لأي شروط عمرية لتدخل للعمل   فقط الشرط الوحيد هو أن تجيد العاملة عملية فرز انواع التمور بحسب درجات جودتها  لذلك يعتبر قطاع التمور، أهمّ ثروة لأهالي المنطقة وللنساء خاصة فمنه يقتاتون وبفضله ينتصرون على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة.

وأكدت في السياق السيدة فتحية عرفاوي أصيلة منطقة بوهلال من ولاية توزر بأن مسيرتها انطلقت من الصفر وقد كانت البداية مع  جمعية تنمية المرأة بمنطقة المحاسن وجمعية المنحلة للمواطنة الفاعلة اين تلقت تكوينا في مجال تثمين التمور مكنها من معرفة أهمية هذا المنتوج الذي اعتبرته بمثابة البحر الذي يعج بالخيرات قائلة: «لقد تعلمت كيف استخرج من التمر عدة منتوجات أخرى مثل السكر والفرينة  والقهوة ومعجون التمر إلى غير ذلك من المنتوجات الغذائية التي يتم استخراجها من التمور» كما أكدت السيدة فتحية بأن التكوين الذي تلقته في مجال تثمين التمور  مكنها من الحصول على مورد رزق وجعلها تقرر الخروج من داخل جدران  المنزل لتنحت مصيرها بنفسها وتترك  أسواره  لتبحث في الافق الرحب عن الأفضل لها ولأطفالها ولاسرتها حيث استطاعت بفضل المهارات التي تعلمتها تأسيس مشروعها الخاص بها في خطوة شجاعة منها لكسر كل القيود التي كانت تعيقها .مبينة بأن العمل في مجال التمور جعلها تنحت عالمها الخاص بها ولتجعل من الضعف قوة ولتصنع من منتوج التمور منتوجات كثيرة  أخرى تساعدها على مجابهة صعوبات الحياة المعيشية.

واعتبرت السيدة نجاة سالم وهي أيضا أصيلة منطقة بوهلال  بأنها مثل كل امرأة تونسية تكافح في سبيل لقمة العيش و تقول «كنت  امكث في المنزل بدون عمل اقضي معظم  أوقاتي في تربية الصغار والاعتناء بهم لكن بمرور الوقت وبسبب كثرة المصاريف ومتطلبات الحياة اضطررت للخروج من أجل العمل» وقد كانت الفرصة المتاحة أكثر لها ككل النساء «الواحيات» العمل في مصانع التمور التي تعد باب الرزق الوحيد المفتوح في وجوههن  خاصة لمن لم يحالفهن الحظ لمواصلة دراستهن لذلك أكدت السيدة نجاة بأن العمل في مصنع التمور في الجهة فتح لها  آفاقا جديدة وجعلها تتمكن من تحقيق الاستقلالية المادية التي تطمح إليها كل امرأة وبالتالي استطاعت ان تساعد زوجها وتوفر لصغارها كل مستلزمات الدراسة وتسدد تثمن ساعات الدروس الإضافية وتمنحهم فرصة للترفيه وتجهز منزلها بكل ما ينقصه من اثاث وتجهيزات مبينة بأن المجهود الذي كانت تبذله للعناية بالأطفال والبيت أصبح مضاعفا بعد أن أصبحت تعمل لأن متطلبات الحياة أصبحت كثيرة.

جميلة عرفاوي أيضا هي سيدة مكافحة استطاعت بفضل إيمانها بقدراتها التعليمية ومهاراتها التي اكتسبتها في جميع المجالات ان تكون نموذجا للمرأة التونسيّة المناضلة في سبيل تحسين صورة المرأة واعلاء مكانتها في المجتمع فهي شابة مثقفة متحصلة على شهادة الدراسات التكنولوجية العليا في اختصاص الإدارة والاتصال وعلى شهادة تكوين في الإعلامية وشهادة في تنشيط الأطفال وشهادة مرافقة تربوية لذوي صعوبات التعلم النمائية والأكاديمية وشهادة دولية في تحفيظ جدول الضرب والحساب الذهني  ورئيسة جمعية المحاسن منذ سنة 2011 ومع وجود كل هذه الشهادات وهذا التميز الذي احاطت به جميلة نفسها الا انها ظلت على الدوام وفية ومدافعة شرسة عن كل قضايا المرأة ومناصرة من الدرجة الأولى لكل ما يخص شواغل النساء في بلدتها ومسقط رأسها منطقة المحاسن التي ظلت على الدوام غيورة عليها وفي طليعة المتشبثين بها وبعاداتها وتقاليدها لذلك تعتبر جميلة بأن النساء العاملات في مجال التمور اللاتي يتوجهن منذ الصباح الباكر إلى مصانع التمور عبر مختلف وسائل النقل الجماعي وأحيانا على ارجلهن دون وسيلة نقل هن فخر لتلك الربوع ورمز للكفاح الذي لا ينتهي ابدا المرأة العاملة في مجال التمور في نظر السيدة جميلة هي قدوة لمثيلاتها من النساء وقدوة لأبنائها تعلمهم كيف يكون النجاح وكيف يكون الوصول إلى القمة… قمة النجاح والتفوق في جميع مسارات الحياة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

القطاع الفلاحي من الحشرة القرمزية إلى ذباب الزيتون …أي مصير قادم..؟

يعتبر القطاع الفلاحي قطاعا استراتيجيّا وحيويّا، لا في تونس فقط، بل في العالم ككلّ، إذ أنّ …