2024-02-09

تونس ونُذُر الخطر المائي الداهم : هل من حلول بديلة..؟

مع تواصل أزمة الجفاف، وقلة الأمطار التي هطلت رغم ان الشتاء يوشك على نهايته، يبدو الوضع المائي في تونس سائرا نحو مزيد التعقيد، خاصة أمام وضعية السدود التي توشك على نفاد مخزونها نهائيا، والمراعي التي لم ترتو من الأمطار القليلة التي هطلت في بداية السنة الادارية، وأيضا أمام تواصل وضع الفلاحة المروية التي تزداد وضعية فلاحيها تعثّرا.
الحكومة، وتحديدا وزارة الفلاحة، اختارت ان تواصل في اقتصاد الماء، وأصدرت تنابيه الى الفلاحين بعدم زراعة الخضر والغلال التي تتطلب كثيرا من الماء، لكن ذلك لا يمكن ان يكون حلا، خاصة وان غياب هذه الزراعات يخل بالسوق الاستهلاكية من جهة، ويرفع الاسعار اكثر من جهة ثانية.
وزير الفلاحة والموارد المائية عبد المنعم بالعاتي قال يوم الثلاثاء الفارط ان «التغيرات المناخية تعد خطرا داهما يهدد الموارد المائية والانتاج الفلاحي وان تداعياتها تتسارع في ظل تزايد التحديات المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة وندرة الامطار».

وأضاف الوزير أن «تحسن وضعية السدود التي سجلت نسبة امتلاء بـ33 في المائة بعد الامطار الاخيرة، لا يجب ان تحجب وجود اشكالية على مستوى نقص مخزون الموارد المائية خاصة ان ارتفاع درجة الحراراة الى حدود 50 درجة نتج عنه تبخر 900 الف متر مكعب من المياه السطحية في تونس خلال الصائفة الفارطة».
وهو الوضع الذي دفع الحكومة التونسية الى الدعوة الى اطلاق مبادرة دولية من أجل تحول مائي مستديم، حيث قال كاتب الدولة للثروات المائية، رضا قبوج، ان تونس تعمل لأجل أن يشكل المنتدى العالمي للمياه الذي ستحتضنه مدينة بالي بأندونيسيا في ماي القادم، قاعدة لاطلاق هذه المبادرة.

وأوضح ان هذه المبادرة ترمي الى تحديد الاهداف والمبادئ لأجل تعاون يخدم المصالح المشتركة ويساعد على تفادي النزاعات المرتبطة بالمياه طبقا للقانون الدولي.
واذا كان تصريح كاتب الدولة يميل أكثر الى النزاعات المائية، ربما باعتبار اهتمام ملتقى «بالي»، فان تونس التي لا تعيش نزاعات مائية مع الأجوار، وهم تقريبا في نفس المأزق المائي، الا انها تعيش خطرا داهما، خاصة وان الزراعات المروية التي استغنت عن جزء منها السنة الفارطة، قد لا تستطيع مواصلة الاستغناء عنها، خاصة وانه ضروريات يومية تقريبا في الغذاء والمطبخ، كالطماطم والفلفل والخيار والبطيخ وغيرها.
اضافة الى الحاجة الملحة لتوفر مياه الشرب التي باتت عزيزة ونادرة خلال السنوات الاخيرة، وتحاول شركة المياه معالجتها عن طريق ترشيد الاستهلاك والتقنين غير المطول من خلال قطع المياه لبضع ساعات في الليل وفي مناطق متباعدة حتى لا تخلق أزمة انقطاع مياه بالكامل، لكن هذه الوضعية ايضا لا يمكن ان تستمر الى ما لا نهاية، ويجب على الجميع ان يعي جيدا خطورة المستقبل المائي خاصة في ظل توقعات بتواصل موجات الجفاف، سواء في تونس او في الاقليم الجغرافي الممتد على كامل ضفاف البحر المتوسط، والاتجاه نحو تصحّر المزيد من مناطق الوسط والجنوب، وتراجع كميات الامطار الناتجة عن الهطل، وأيضا القادمة من الغرب عبر الحدود الجزائرية، بما سيزيد من أزمة انخفاض المنسوب في السدود ويضاعف من أزمة الريّ والشرب.

قد يكون الوضع أقل كارثية من هذا، لكنه في كل الحالات ليس جيدا، وما على الجهات المعنية الا ان تفكر بمنطق الواقع الكارثي، حتى تعرف كيف تتصدى له بحالة الطوارئ المائية التي تستوجب اجراءات استثنائية لا بد من اللجوء اليها في وسط هذا الخطر الداهم، حتى لا تقع البلاد في المحظور وتدفع ثمن أزمات مناخية لا دخل للمواطن او الفلاح فيها.
فهل وضعت الحكومة خططا استثنائية في صورة تواصل الأزمة؟ وهل أن أجهزة الدولة وخصوصا منها الفنية والمالية مستعدة لتحلية مياه البحر واستيراد المياه العذبة اذا تواصلت الأزمة؟ كلها أسئلة من المفترض التفكير بشأنها وايجاد اجابات لها حتى لا يفاجئنا المناخ وتذهب بلادنا ضحية التغيّرات المناخية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

متى تعي الهياكل أننا بتنا في أمسّ الحاجة لهكذا رؤية: من أجل نموذج فلاحي ملائم للتغيرات المناخية ومخاطر ندرة المياه

 رغم توالي سنوات الجفاف، ورغم تحوّل المياه في بلادنا تدريجيا الى عملة نادرة، لا تزال كثير …