حدّد موعدها مبدئيا لأواخر السنة الحالية : في ضمان مناخ ملائم للاستحقاق الرئاسي
مباشرة إثر الانتهاء من التصريح بالنتائج الرسمية للانتخابات المحلية، يبدأ الإعداد للاستحقاق الرئاسي المقرر مبدئيا لأواخر السنة الحالية. الهيئة الوطنية للانتخابات، وان كانت لم تحدد بدقّة موعد هذا الاستحقاق الا ان رئيسها قال انها ستبدأ الاستعدادات لأواخر السنة، وهو ما يعني انه بالفعل سيكون في الموعد، لان الهيئة عادة ما تصرّح بما اتفقت عليه مع رئاسة الجمهورية ولا يمكنها ان تدلي بهكذا تصريح لولا انها نالت الموافقة من الرئيس نفسه، أو هو الذي اقترح الموعد.
عمليا، لم تباشر أي جهة التحضير القاعدي لعملية انتخابية بهذا الحجم، ولم يظهر الى حد الان من يعلن ترشحه، او من شرع في حملة انتخابية، وحتى رئاسة الجمهورية المعنية رقم واحد بالعملية لم تشرع في الاعداد المادي واللوجستي للعملية، بل لم تصرّح الى حد الان رسميا ان كان الرئيس قيس سعيد سيترشح أم لا.
وتبقى كل تفسيرات المتابعين ترتكز على أمرين اثنين فقط في ما يخص ترشيح قيس سعيد، الأولى هو تصريحه في زيارته لمقبرة الزعيم بورقيبة بالمنستير حين قال انه لن يسلم البلاد الى خائن او عميل، وهو ما فُهم على انه نية للترشح، والثاني هو متابعة نشاطه اليومي وخاصة زياراته التفقدية للأحياء السكنية والمؤسسات الاقتصادية والجهات والمنشآت، والتي فسّرها الكثيرون على أنها حملة رئاسية سابقة لأوانها، وتتعلق بالاستحقاق القادم أساسا، وان كان مناصرو الرئيس يعتبرونها من ضرورات العمل اليومي للرئيس ليس أكثر.
لكن، منطقيا، اذا كان الرئيس ينوي الترشح لمدة قادمة، فان ذلك يتطلب منه تحضير الارضية الملائمة والمناخ المناسب لهكذا عملية، خاصة في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي لا يبدو انها ستنصلح بسرعة، او ستتغير أيضا مواقف بعض العواصم الغربية من المسار الذي يحكم تونس حاليا، وهي بالتأكيد عواصم مؤثرة ولها دور في أي انفراج اقتصادي يمكن ان تنعم به تونس خلال السنوات القادمة.
وبالتالي فان نيّة الترشح لدى رئيس الجمهورية تتطلب منه على الاقل تهيئة البلاد لمناخ من السلم الاجتماعي، يمر حتما عبر فتح باب الحوار مع الاتحاد العام التونسي للشغل ومع سائر المنظمات الاجتماعية كاتحاد الأعراف، والفلاحين والمحامين والمرأة والشباب وحتى الطلبة والتلاميذ، لأن من شأن الحوار وحده ان يزرع الثقة بين سائر الاطراف الاجتماعية في ما بينها، وبينها وبين الدولة.
وهذا الحوار لا يبدو مستحيلا او حتى صعبا على رئاسة الجمهورية، فالاطراف جميعها تنتظر هكذا مبادرة، وكلها أعربت في مناسبات عديدة عن رغبتها في الحوار، وتقدمت بملفاتها المعلّقة، التي لا تتطلب شيئا، غير الجلوس الى مائدة واحدة، والرغبة السياسية الصادقة في معالجتها وايجاد الحلول المناسبة لها، والمتفق عليها.
كما تتطلب خطوة بهذا الحجم، انفتاحا سياسيا، يبدو ان الدولة تحاول تأجيله او تجنبه منذ الخامس والعشرين من جويلية، حيث لازمت موقفا سلبيا تجاه كل الفاعلين السياسيين، بمن فيهم من أعربوا عن رغبتهم في العمل معها وتقديم الدعم لها.
والحديث هنا عن عملية سياسية، سُمّيت بالمسار الجديد، سوف تبني نفسها بنفسها وستحقق مكوناتها السياسية من داخلها، أمر صعب ومعقد، باعتبار أن أي بناء سياسي يتطلب عقودا من الزمن، في حين ان البلاد مقدمة على استحقاق رئاسي هام في غضون أشهر، وبالتالي من الأجدر الانفتاح أكثر على المشهد السياسي، ومحاولة الاستفادة من ثرائه وتنوعه، بهدف تحقيق الأهداف المرجوّة من كل عملية انتقال سياسي.
ستكون خير تعويض للجدب الصيفي : غلال الخريف تشهد ارتفاعا ملحوظا في الكميّة والجودة
على عكس الصائفة التي مرّت تقريبا دون ان يشبع التونسيون من الغلال الموسمية التي تعودوا عليه…