2024-02-07

المرصد التونسي للاقتصاد : الترخيص للبنك المركزي لإقراض الدولة مباشرة «شرّ لا بدّ منه»

أصدر المرصد التونسي عدة توصيات بشأن الترخيص للبنك المركزي التونسي بمنح تسهيلات لفائدة خزينة الدولة بقيمة 7000 مليون دينار، معتبرا في بيان له أن مرور مشروع القانون المتعلق به شر لابد منه خاصة إذا كانت الظرفية الحالية تفرض اتخاذ إجراء التمويل المباشر لخزينة الدولة من البنك المركزي بهدف الايفاء بالتزامات خلاص الديون وتجنب خطر السقوط في وضعية تخلف عن سداد الديون وذلك عوض اعتماده كإجراء تنموي يوجه نحو الاستثمار العمومي وتحقيق الثروة. لذلك فإن الموافقة على هذا القانون والمصادقة عليه لطابعه الاستعجالي لا يجب أن تمر بدون تهيئة مجموعة من الشروط خاصة لما لهذا الإجراء من انعكاسات سلبية أهمها انخفاض احتياطي العملة الصعبة والتأثير على سعر الصرف وقيمة الدينار.

وقدم المرصد في هذا الصدد عديد التوصيات للإسراع بإتخاذ مجموعة من الإجراءات وسن إصلاحات تشجيعية ومؤسساتية مصاحبة على المديين القصير والطويل.من هذه التوصيات ما تعلق بدور البنك المركزي ومسألة السيادة النقدية حيث أكد في هذا الصدد على ضرورة إعادة النظر في قانون عدد 35 لسنة 2016 المتعلق باستقلالية البنك المركزي بهدف استعادة السيادة النقدية وعدم حصر دوره في مجابهة التضخم بل المساهمة في بناء منوال اقتصادي تنموي وسيادي، وذلك عبر عدم ارساء الاستقلالية التامةللبنك المركزي عن السلطة التنفيذية نظرا لثبوت عدم نجاعة هذا الإجراء في السعي لتحقيق هدف استقرار الاسعار والاكتفاء بتقرير الاستقلال الذاتي للمؤسسة.

وإضافة إلى ذلك ضرورة السماح للبنك المركزي من إقراض الدولة بأن يمنح لفائدة الخزينة العامة تسهيلات في شكل كشوفات أو قروض أو أن يقتني بصفة مباشرة سندات تصدرها الدولة مع تحديد سقف ومدة هذا الإجراء. كما أوصى المرصد بتعيين نائب شعب عضو لجنة مالية في تركيبة مجلس إدارة البنك المركزي بهدف تحسين الرقابة الديمقراطية وتعزيز خبرة مجلس نواب الشعب،زيادة على تنقيح قانون 72 لايقاف الإعتماد على النظام الإستثنائي لتحويل الأموال والمرابيح للشركات غير المقيمة وإخضاعها لنظام الصرف الأجنبي للبنك المركزي ومطالبتها بضخ مرابيحها ضمن احتياطي صرف البنك المركزي حين تصدرو.من جهة ثانية أوصى المرصد كذلك في خصوص العدالة الجبائية بمراجعة الامتيازات والحوافز الجبائية من خلال تقييم فعّال لتأثيرها على المستوى الاجتماعي والإقتصادي والبيئي وترشيد هذه الامتيازات الجبائية بشكل فعال لتحقيق عدالة جبائية وتوجيهها نحو القطاعات ذات النفع الاجتماعي. وفيما يتعلق بالحوكمة المالية المرتبطة بالجهاز التنفيذي أكد المرصد على ضرورة أن تعلن الحكومة وأن تكون أكثر شفافية ووضوح في إستراتيجيتها الحالية في البحث وتنويع الموارد المالية خاصة وأن قانون المالية لسنة 2024 فيه غموض وفق المرصد حول مصادر الاقتراض الخارجية لدعم الميزانيةحيث أن 70% منها لا يزال مجهول المصدر.

والى جانب ذلك أوصى المرصد مجلس نواب الشعب وخاصة لجنة المالية بمتابعة ومراقبة أعمال الحكومة ووزارة المالية في بحث وتنويع الموارد المالية وفي المحادثات مع الممولين للحصول على تمويلات خارجية لتلبية إحتياجات التمويل المنصوص عليها في قانون مالية 2024 وممارسة النواب لدورهم الرقابي لأعمال الحكومة ودفعها إلى إتخاذ إجراءات تحد من التبعية والحاجة إلى العملة الصعبة وذلك عبر توجيه الاستثمارات العمومية نحو قطاعات استراتيجية لتحقيق السيادة الغذائية والاكتفاء الذاتي في المجال الطاقي، وتوجيه الاستثمارات نحو بنية تحتية مائية وكهربائية مستدامة،بما أنها قطاعات مستنزفة للعملة الصعبة وعاملا رئيسا في تبعية الاقتصاد التونسي واعتماده على التداين من المؤسسات المالية وخضوعها لشروطها.

كما أوصى المرصد كذلك بضرورة البحث عن بدائل أخرى غير صندوق النقد الدولي والكرتال المصاحب له وتنويع مصادر التمويل مثل استكشاف الأنظمة المالية الاقليمية والاتفاقيات الثنائية لتبادل أو مقايضة العملة كأدوات لتنويع مصادر التمويل علاوة على إجراء تدقيق للديون العمومية لتحديد أقسامها غير المشروعة والكريهة وغير القانونية وفرض إلغائها بالإضافة إلى إيقاف أحادي وسيادي لسداد الديون العمومية وتخصيص الموارد لتمويل المرافق العمومية الأساسية مثل الصحة والتعليم والنقل.
وللإشارة فقد سبق للمرصد أن حذر من مغبة الوصول إلى هذه الوضعية الصعبة من التداين ودعا في عديد المرات إلى إعادة النظر في السياسة المنتهجة في علاقة بالمديونية العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

تراجع العجز التجاري أستاذ الاقتصاد رضا الشكندالي : خطوة مهمة مع ضرورة الانتباه إلى واردات المواد الأولية والمصنّعة

تقلص العجز التجاري التونسي خلال الأشهر الأربعة الاولى من سنة 2024 ليصبح في حدود (4772 -) م…