البعض رأى فيها خطرا على قيادة الاتحاد الحالية : كيف تقيّم المنظمة حراك المعارضة النقابية..؟
لا يمكن الحديث عن الساحة الاجتماعية اليوم بعيدا عن تفاعلات الوقفة الاحتجاجية التي نظمتها المعارضة النقابية يوم السبت الفارط، وبعيدا عن البيان الذي أصدرته بالمناسبة، والذي تداولته الاوساط النقابية بوجهات نظر مختلفة، واتخذت منه مواقف متضاربة أحيانا بين من يرى أنها مجرد «زوبعة في فنجان» ومحاولة تشويش على الاتحاد يحركها خصومه، الهدف منها ارباكه وجعله يتحرك في مناطق لا يريد الاقتراب منها، وبالتالي إجباره ربما على ارتكاب أخطاء تُحسب عليه وقد تكون لها نتائج كارثية، ومنهم من يراها عملا معارضا حقيقيا، وقع الاعداد له بدقة ويمكن ان يشكل عامل تغيير جذري داخل القيادة الحالية، ويمكن ان يخلق حالة نقابية جديدة أشبه بحالات سابقة وقعت في اوقات متفاوتة، لكن كلها وقعت في زمن الأزمات، وفي الأوقات التي يكون فيها الاتحاد في حالة ضعف وفي حالة محنة، وفي حالة انسداد أفق. فهل ان الاتحاد اليوم في وضع محنة، وهل البلاد في حالة أزمة، وهل تقدر المعارضة النقابية على اخراجه من المحنة أو انقاذ البلاد من الازمة؟ كلها اسئلة لا تجد جوابا واحدا موحّدا، خاصة وان المعارضة النقابية نفسها لا تملك بديلا جاهزا عن الاتحاد، بل تبدي في كل تصريحاتها وأدبياتها حرصا شديدا على وحدة الاتحاد وتدعو انصارها الى التشبث بالمنظمة وان لا بديل عنها الا بها، وان هدفها ليس ضرب الاتحاد بل اصلاحه، وتركّز نشاطها خاصة تجاه ما تسميه «القيادة البيروقراطية المنقلبة» التي ترى انها حوّرت الفصل 20 تعسفيا من اجل استمرار هيمنتها على الاتحاد والتحكم بمصير المنظمة، وانها باتت اليوم عاجزة عن قيادة الشغالين وتحصيل حقوقهم، وانها وصلت ايضا الى طريق مسدودة مع السلطة والادارة وان عليها ان تغادر.
في المقابل يرى آخرون ان المعارضة النقابية لا تعدو ان تكون مجموعة ممن لم يستطيعوا الحصول على مواقع في آخر مؤتمر انعقد في صفاقس، وهم الان يثيرون «الشغب» من أجل مكاسب معينة، ويوجهون اتهامات لا أساس لها من الصحة.
وفي هذا الاطار قال عضو المكتب التنفيذي المكلف بالاعلام سامي الطاهري في تصريح لـ«الصحافة اليوم» أنه «إذا ثمّة معارضة لبعض التوجّهات والمواقف فهي تأتي من داخل الاتحاد، وكل ما يجري من تشويش ليس معارضة بل عمل مواز يقوم به أشخاص، كثير منهم لم تكن أو لم تعد لهم صلة بالاتحاد منذ سنوات، كبعض المتقاعدين غير المنخرطين بالمنظّمة أو كبعض العناصر التابعة لبعض جهات الضغط والتي تدّعي الانتماء الى مسار 25 جويلية».
وبسؤاله عن الحجج التي يقدمها المعارضون وخطاب الاتهام الذي يوجهونه للقيادة النقابية، قال الطاهري: «لا خطاب لهم غير التخوين واطلاق الاتهامات جزافا، وهي اتهامات تستوجب تتبعات قضائية على اعتبار أنها تدخل في باب الثلب ونشر الأكاذيب والشائعات».
أما عن البدائل والمقترحات والبرامج التي تتأسس عليها تحركات المعارضة النقابية، فقد قال الطاهري: «ليس لهم برامج أو بدائل غير المساهمة مع بعض الأطراف لمحاولة تخريب الاتحاد وتدميره باعتباره حجر عثرة ضد مسار لا يفعل غير إدخال البلاد في حالة من الفوضى السياسية والاقتصادية والاجتماعية».
إذن فالاتحاد يربط تحركات المعارضة بمسار خمسة وعشرين جويلية ويعتبر انها تخدم اجنداته في ما قال انه محاولة لتخريب الاتحاد وتدميره خدمة للمسار، فهل فعلا تورط المسار في محاولة لضرب الاتحاد؟ هذا ما ستبرزه الايام القادمة، خاصة وان الحراك المعارض للمنظمة النقابية ما يزال متواصلا، والاحتجاجات ستتحول اليوم السبت الى عاصمة الجنوب صفاقس، تضامنا مع النقابة الاساسية للتعليم الثانوي هناك، التي تعيش خلافات مع القيادة المركزية ومع جامعة التعليم الثانوي.
المعركة النقابية مازالت في بداياتها والحراك المعارض للاتحاد ما يزال يخطو خطواته الاولى حتى منظميه وستكشف الاسابيع والاشهر القادمة الأسباب الحقيقية للخلاف ومآلاته ومن يقف وراء كل طرف وغاياته وأهدافه.
متى تعي الهياكل أننا بتنا في أمسّ الحاجة لهكذا رؤية: من أجل نموذج فلاحي ملائم للتغيرات المناخية ومخاطر ندرة المياه
رغم توالي سنوات الجفاف، ورغم تحوّل المياه في بلادنا تدريجيا الى عملة نادرة، لا تزال كثير …