تعاني المناطق الحدودية بين تونس والجزائر من ضعف تنموي حاد مما تسبب في تفشي ظواهر التهريب و الهجرة غير النظامية وغيرها من الظواهر التي تستدعي من البلدين تعزيز سبل التعاون لدفع عجلة التنمية في هذه المناطق الحدودية و تحويلها إلى أقطاب تجارية وصناعية ضمانا للاستقرار الاجتماعي و الاقتصادي لأهالي تلك الولايات وبالتالي العمل على تدعيم الاستقرار الأمني لكلا البلدين.
و قد تحولت وضعية هذه المناطق إلى مركز اهتمام مسؤولي البلدين والتفكير في كيفية دعم هذه المناطق على مختلف المستويات بتركيز المناطق الحرة وتفعيل الاتفاقيات الممضاة بين البلدين في المجال الأمني و التجاري و الاقتصادي خاصة وأن هذه المناطق بشهادة المختصين في الشأن الاقتصادي تلعب دورا

هاما في تنمية المبادلات التجارية والتنسيق في دعم الأنشطة الاقتصادية المشتركة و التي لها قيمة إضافية عالية لاقتصاديات البلدين مرتكزين في ذلك على متانة العلاقات بين الجارتين والتي لها جذور تاريخية واجتماعية تربط الشعبين التونسي و الجزائري.
وقد مثّلت هذه الرهانات محور لقاء بين وزيري داخلية تونس والجزائر كمال الفقي وإبراهيم مراد، في إطار اللجنة الثنائية المشتركة أول أمس حيث وقّع الوزيران على مذكرة تتضمن ورقة الطريق لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية التونسية وفق آليات عملية وميدانية مع ضبط تنفيذها من خلال آجال محددة.
وتشمل أشغال الدورة الأولى للجنة الثنائية لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية التونسية، المنعقدة بالجزائر العاصمة، تحديد رؤية مشتركة لتنمية المناطق الحدودية من خلال تكريس سبل التنسيق والتشاور قصد النهوض بها وجعلها أقطابا تنموية بما يسهم في تحسين ظروف عيش متساكني المناطق الحدودية للبلدين الشقيقين حيث ستتوج هذه الأشغال بالتوقيع على ورقة الطريق للدورة الأولى للجنة الثنائية لترقية وتنمية المناطق الحدودية الجزائرية التونسية من قبل وزيري داخلية البلدين، تتضمن آليات عملية وميدانية مع ضبط تنفيذها من خلال آجال محددة.
وتتضمن أهم محاور النقاش، بحسب ورقة العمل التي تم وضعها للغرض سبل ترقية وتنمية المبادلات التجارية بين الولايات الحدودية، وتحسين جاذبية المناطق الحدودية وجعلها أكثر استقطابا للمشاريع والاستثمارات المشتركة، وتعزيز دور المعابر الحدودية في مجال التنمية، وبناء استراتيجية مشتركة لمجابهة المخاطر الكبرى.

و تجدر الإشارة إلى أن المناطق الحدودية تواجه مخاطر وتحديات مشتركة تحتم على الطرفين توفير كل حظوظ النجاح لهذه الاتفاقيات وغيرها لترى النور في أقرب الآجال و أن تكون نتائجها ملموسة على أرض الواقع ولها استتباعاتها على واقع الأهالي الذين يمثلون الساتر الأمني الأول لحماية هذه المناطق و تأهيلها وتنميتها علما وأن تركيز الأهالي في جهاتهم الحدودية يعد أحد أكبر الرهانات الأمنية و التنموية للبلدين.
كما مثّل التعاون المشترك بين تونس والجزائر في المجالات المتعلقة بمقاومة الإرهاب والجريمة المنظمة والهجرة غير النظامية وتبادل المعلومات، محور اهتمام الجانبين في أكثر من مناسبة وذلك في إطار جلسات اللجان المشتركة في المجال الأمني والحماية المدنية حيث تم الاتفاق على مزيد التنسيق بين البلدين في اتجاه تدعيم الجهود المشتركة للتصدي لظاهرة الهجرة غير النظامية وتفكيك الشبكات الإجرامية للاتجار بالبشر الناشطة بالبلدين، وتشديد مراقبة الحدود لمنع تسلل المهاجرين غير النظاميين.
وتعد هذه المحاور الأبرز التي تم التأكيد عليها خلال أشغال الدورة 22 للجنة المشتركة الكبرى التونسية الجزائرية المنعقدة في أكتوبر الفارط بالجزائر العاصمة ، والتي أسفرت عن إبرام 26 اتفاقية مشتركة بين البلدين شملت عدة قطاعات، ومذكرة تفاهم بين حكومتي البلدين تولى إمضاءها كل من وزير الداخلية ونظيره الجزائري، وتتعلق بإنشاء لجنة ثنائية لتنمية وترقية المناطق الحدودية بين البلدين و التي انعقدت أول أمس لإتمام مسار تفعيل هذه الاتفاقيات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

دعوة لبعث مجلس السيادة الغذائية : ضمانة ديمومة المنظومات الإنتاجية والحدّ من التبعية الغذائية

كشفت أزمة جائحة كورونا والحرب الروسية -الأوكرانية عن هشاشة منظومات الإنتاج المحلية في تونس…