2024-01-20

قرابة 20 ألف عملية إجهاض سنة 2023 : هل هو جهل بالقانون وغياب الوعي.. أم تقصير من مراكز الصحة الإنجابية؟

كشف الأخصائي النفساني والمدير بالديوان الوطني للأسرة والعمران البشري، محسن حسّان، مؤخرا عن ارتفاع حالات الإجهاض في تونس في المؤسسات الاستشفائية في القطاع العام لتبلغ حوالي 20 ألف عملية إجهاض سنة 2023.
وأكد حسان في تصريحات إعلامية على هامش ندوة وطنية، حول العائلة المهاجرة، تحت شعار «الأوضاع الاجتماعية للعائلة المهاجرة» أن عدد عمليات الإجهاض كان أقل مما وقع تسجيله العام الماضي، مرجعا أسباب ارتفاعه إلى تأخر سن الزواج عند الشباب والعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ونزوع الشباب نحو الهجرة وغيرها…
رقم مفزع يطرح عديد نقاط الاستفهام حول مدى وعي التونسيات اللاتي يقدمن على الإجهاض بخطورته وتداعياته صحيا إضافة إلى التساؤل حول مهام المؤسسات الصحية العمومية المعنية في توعية هذه الفئة؟
لقد مرت على سنّ قانون حق الإجهاض للنساء في تونس خمسون عاما أي منذ سنة 1973، إلا أنه إلى يومنا هذا ما يزال عدد من التونسيات يواجهن صعوبة في الحصول على هذا «الحق» إضافة إلى الجهل بهذا القانون وغياب الوعي لدى فئة واسعة من النساء اللاتي تقمن بعمليات الإجهاض مرارا دون التفكير في تداعيات هذه العمليات على صحتهن.
خمسة عقود من الزمن لم تكن كافية للتطبيق الجيد لقانون الإجهاض، حيث ما تزال العديد من العقبات تلقي بظلالها على أوضاع النساء، من أبرزها العراقيل التي يضعها الاطار الطبي وشبه الطبي أمامهن لثنيهن عن اتخاذ هذا القرار، إلى جانب نقص الأدوية والإحاطة النفسية التي يفترض أن تتوفر للراغبات في الإجهاض.
ووفقا للمادة 214 من قانون تونس في عام 1973، فإن الإجهاض الدوائي، أو إنهاء الحمل، قانوني في المؤسسات العامة. وقد شُرِّع القانون بهدف إنهاء طرق الإجهاض غير الآمنة ولإنقاذ حياة العديد من النساء اللاتي يخاطرن بحياتهن عند اللجوء إلى الإجهاض السري.
أجازت تونس الحق في الإجهاض منذ خمسة عقود ليصبح بإمكان المرأة المتزوجة أو العزباء أو القاصر النفاذ إلى هذا الحق دون صعوبات أو تضييقات. ورغم هذا الاستباق التشريعي إلا أن هناك جهلا بالقانون في صفوف النساء والرجال والشباب على حد سواء، كما هناك صعوبة في النفاذ إلى الحق في الإجهاض في المؤسسات الصحية العمومية، ما يجعل العازبات بصفة خاصة يلتجئن إلى العيادات الخاصة.
ولئن يشدد القانون على ضرورة ضمان حصول كل امرأة ترغب في الإجهاض على خدمات عالية الجودة وأن تعامل بكرامة واحترام وأن تحتفظ بسرية معلوماتها إلا أن الواقع يكشف الكثير من النقائص أبرزها تدني الخدمات وغياب الحملات التوعوية خاصة تلك التي توجه للنساء في الأرياف والأميات أو الفتيات القاصرات وكيفية التعامل مع حالات الإجهاض.
ويتوفر في تونس 24 مركزا لتنظيم الأسرة، حيث يمكن للنساء إجراء عمليات الإجهاض مجانا. لكن العدد المحدود من هذه المراكز، التي تتركز في المناطق الحضرية بدلا من المناطق الريفية ولعل هذا ما يشكل أحد التحديات التي واجهتها الخدمة على مدى السنوات الـ 50 الماضية. وتقول منظمات حقوقية تدافع عن حقوق النساء، إن القانون بات يحتاج إلى تعديل، إذ أنه لا يلزم الأطباء والمختصين في الصحة بإجراء عمليات الإجهاض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في انتظار القطع مع كل أشكال التشغيل الهش : المــــعــــانــــاة مــــســــتـــمـــرة ..!

يمثل ملف التشغيل تركة ثقيلة للحكومة الحالية ظلت عالقة منذ سنوات ولطالما  مثل نقطة ضغط «سيا…