الدروس الخصوصية خارج المؤسسات التربوية ظاهرة تتمدّد : منع الدروس الخصوصية بقي حبرا على ورق ..!
يبدو أن تفعيل الأمر الحكومي عدد 1619 لسنة 2015، الذي يمنع تقديم دروس خصوصية خارج المؤسسات التربوية منعا مطلقا وخاصة بالنسبة للتعليم الابتدائي من قبل وزارة التربية بقي حبرا على ورق ولا اثر لتطبيقه على ارض الواقع فالدروس الخصوصية خارج المؤسسات التربوية لم تتوقف يوما بل ربما ازداد نسقها واتخذت منحى تصاعديا خلال السنوات الأخيرة نتيجة الانهيار المدوي لأداء المنظومة التربوية.
فالدروس الخصوصية أصبحت ظاهرة مجتمعية وهي كذلك خاضعة لقاعدة العرض والطلب هذه الظاهرة التي أثقلت كاهل العائلات والتي ورغم اكتوائها بمصاريف الدروس الخصوصية وتكاليفها لكنها في نظرها تُعدّ الوسيلة الوحيدة للتدارك، حيث يتهافت اغلبها على تسجيل أبنائها فيها طمعا في نجاح منظوريها ذلك ما عبر عنه رضا الزهروني رئيس جمعية الأولياء والتلاميذ مشيرا في الآن ذاته الى ان الدروس الخصوصية ليست في متناول كل العائلات باعتبار انهيار الطبقة المتوسطة والتحاقها بركب المفقرين وهو ما يعني ان هذه الظاهرة تكرس عدم تكافؤ الفرص ومشيرا أن وزارة الإشراف شرّعت الدروس الخصوصية وقنّنتها وزادت في التسعيرة مؤخرا ومنعتها منعا مطلقا خارج المؤسسات التربوية وفي هذا اعتراف ضمني بفشل السياسات التربية المنتهجة والمتوخّاة ،فما كان لهذه الدروس أن تكون أصلا لو أنّ المنظومة التربوية الحالية كانت مستجيبة لذلك الانسجام والتناغم بين الأهداف والبرامج، وبين المرحلي والاستراتيجي ، وبين الطرق والغايات.
ويؤكد محدثنا في السياق نفسه انه لا يمكن اعتبار الدروس الخصوصية بأي شكل من الأشكال طريقا للنجاح واعتبار أن الالتحاق بها يؤدي حتما للنجاح والارتقاء مثلما يعتقد شق كبير من الأولياء فهي مغالطة كبرى ويرى الزهروني في الآن ذاته أن الدروس الخصوصية أصبحت جزءا لا يتجزأ من المنظومة التربوية وشرا لابد منه والحل في القضاء على هذه الظاهرة يتمثل في دراسة الأسباب الكامنة وراء إقبال الأسر عليها …
وبالوقوف على الأسباب يمكن علاج هذه المشكلة فالحل يكمن في اصلاح شامل للمنظومة التربوية والقيام بمراجعة عميقة للبرامج الدراسية المقدمة والتقليل من الكم الهائل من المعلومات المقدمة للتلاميذ وإصلاح المضمون المقدم وأسلوب التدريس والتقليص من عدد التلاميذ في القسم إضافة للرسكلة والتكوين للمدرسين. من جهة أخرى اعتبر الزهروني أن الحديث عن دروس خصوصية بأسعار خيالية خارج أسوار المؤسسات التربوية يدفعنا مباشرة للتساؤل عن أي معنى للحديث اليوم عن مجانية التعليم ؟ فالعديد من الأسر التونسية تهجر المدرسة العمومية «المجانية» نحو المؤسسات الخاصة بسبب تدني أدائها وعدم استقرارها وتنامي ظاهرة العنف زائد تكاليف الدروس الخصوصية التي قدرت كلفتها بمليار دينار سنويا وهو عنوان إضافي لفشل المدرسة العمومية. ويؤكد محدثنا أن المنظومة التربوية العمومية التي تمثل الضامن الأساسي للعدالة الاجتماعية والتي يتساوى أمامها الغني والفقير لم تعد اليوم تلعب هذا الدور بل
أصبحت تكرّس الفوارق الاجتماعية مستدلا في ذلك بخارطة النجاح في الامتحانات الوطنية التي تعرف ارتفاعا في المناطق الساحلية أما في الربوع الداخلية للبلاد فان نسبة النجاح تنخفض ونسبة الانقطاع عن الدراسة ترتفع .ويخلص محدثنا إلى القول انه لا مجال للحديث اليوم عن «مجانية» التعليم العمومي .
لابد من الإشارة في هذا السياق الى أن شقا كبيرا من الأولياء الذين كان لـ«الصحافة اليوم» لقاء بهم تحدّثوا بمرارة عن الدروس الخصوصية والتي بات يفرضها بعض المربين على التلاميذ واعتبروا أنها باتت إجبارية ومن لا يلتحق بركبها يقع تهميشه في القسم في إشارة طبعا للدروس الخصوصية خارج أسوار المدارس باعتبار أن من يلتحق بهذه الدروس يحظى بالتبجيل فأسعارها من نار يدفعها الولي من اللحم الحي مجبرا ولا حول ولا قوة له.
أما عن الدروس الخصوصية التي قننتها وزارة التربية داخل أسوار مؤسساتها التربوية فتعتبر درجة ثانية ولا مجال لمقارنتها بما يتم تقديمه خارج المؤسسات التربوية ….هي قصص تروى عن حجم الانتهازية من جهة وتكشف حجم الخراب الذي طال المؤسسات التربوية وتشي بمعاناة كبيرة لشق كبير من الأولياء، الذين يرومون تحقيق النجاح لأبنائهم ويقدمون في سبيل ذلك تضحيات على حساب متطلبات الحياة الأخرى ….ويعجز شق كبير منهم عن مجاراة نسق الدروس الخصوصية وأسعارها الحارقة فتحترق قلوبهم حزنا وتتآكل قهرا أمام العجز في إلحاق أبنائهم بدروس الدعم والتدارك لأنها تعد الطريق للنجاح.
من الملفات التي تستدعي حلولا عملية : البناءات العشوائية تبعث الفوضى…وتثير الاستياء
عرفت بلادنا سنوات من الفوضى كانت «مرتعا» لطغمة من الفاسدين أتوا على الأخضر واليابس ولم يتر…