الاستثمار في الجهات يبقى دون المأمول : لا بد من منوال تنموي جديد للحد من البطالة وخلق الثروة
«بلغــت جملة الاستثمارات المنجزة علــى المستوى الجهوي خلال الفـترة الممتدة بين سنتي 2016 و2023، حوالي 75905 مليـون دينـار منها استثمارات عمومية تقـدر بــ 24775 مليـون دينـار واستثمارات خاصــة تقــدر بــ 51130 مليــون دينــار» هذا ما جاء في التقرير السنوي الذي نشرته مؤخرا وزارة المالية حول التوزيع الجهوي للاستثمار.
ولئن كشفت هذه الأرقام واقع الاستثمارت الجهوية والذي يبقى «متوسطا ودون المأمول»، فإنها عكست بدرجة أولى محدودية المنوال التنموي الذي تتبعه تونس منذ سنوات والذي اثار العديد من الإشكاليات لان تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ليس في النهاية الأمر الا نتاجا لمنوال قديم، قال عنه الخبراء «منوال عديم الجدوى ولم يعد يستجيب لمتطلبات المرحلة التي تعيشها بلادنا» بحكم انه تضمن مجموعة من الخيارات ساهمت في تخفيض النمو وتحقيق أوضاع اقتصادية متردية زادت من حدة الفقر والبطالة والتهميش، وأصبح بالتالي من الضروري الاستغناء عنه وتعويضه بآخر قادر على دعم كل أسس الاقتصاد ولاسيما الإستثمارات الجهوية باعتبارها الآلية الوحيدة لتحقيق التنمية الجهوية.
وفي حقيقة الأمر، لا يتطلب الوضع الاقتصادي عموما تفكيرا كثيرا في بناء منوال تنمية جديد يستجيب لحاجيات المرحلة الراهنة، بل توفر إرادة سياسية حازمة قادرة على اخذ القرار والقطع مع كل الآليات القديمة التي أثرت سلبا على مردودية الاقتصاد الوطني وساهمت في تعطيل محركات النمو الأساسية على غرار الاستهلاك والتصدير والاستثمار وخاصة الاستثمارات الجهوية.
وعلى ما يبدو فإن الحكومة الحالية أصبحت واعية بهذا الشأن وهي تعمل حاليا على إصلاح منظومة الاستثمارات الجهوية إيمانا منها بأن هذه الأخيرة تعد رافدا اساسيا لضمان تنمية عادلة ومتكاملة بين الجهات، حيث عمدت هذه الأخيرة في مخطط التنمية 2023-2025 إلى الترفيع من قيمة الاستثمارات العمومية إلى حوالي 38 مليار دينار سيتم توفير 27 مليار دينار منها عن طريق ميزانية الدولة و11 مليار دينار عن طريق المؤسسات العمومية. الأمر الذي يمكن السلط المعنية من تجسيم أهداف المخطط والمتمثلة في تحقيق معدل نمو في حدود 2.1 بالمائة. وتتعلّق أهداف المخطط، أيضا، بجعل نسبة الاستثمار الجملي في حدود 17.8 بالمائة من الناتج المحلي سنة 2025 والرفع من حصة الاستثمار الخاص إلى 57.6 بالمائة من اجمالي الاستثمار والتحكم في العجز التجاري عبر دعم جهود التصدير والتقليص من نسبة البطالة من 15.3 بالمائة سنة 2022 إلى 14 بالمائة سنة 2024.
ووفق وزارة الاقتصاد والتخطيط، فان مخطط التنمية للفترة 2023 / 2025 ورؤية تونس في أفق سنة 2035 تهدف إلى ارساء منوال تنموي جديد قادر على خلق الثروة وتفعيل مبدإ التكامل والتضامن بين الجهات والاستغلال الأمثل للميزات الخصوصية والإمكانيات الطبيعية لكل جهة وتثمينها في إطار إرساء منظومات اقتصادية ذات قيمة مضافة. وبتبني الحكومة هذا المخطط وتطبيقه على أرض الواقع، لا ان يبقى مجرد اقتراح او حبيس رفوف المكاتب، ستنجح الاستثمارات الجهوية في دعم التنمية الجهوية التي من المفروض أن تمثل احدى أولويات الاقتصاد الوطني، وتضمن تحقيق استثمارات هادفة وسريعة الانجاز وتعتمد خصوصيات كل جهة على حد سواء وخاصة لا يقع فرضها على الجهات وفق مصالح ذاتية وضيقة بل بالعكس يجب أن تكون قرارات ناتجة عن تنسيق تام بين السلطة المركزية والسلطة الجهوية التي توكل اليها مهمة تنفيذ برامج التنمية.
عبد الرزاق حواص الناطق الرسمي للجمعية التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة: قانون الشيكات الجديد سيتدعم بانطلاق المنصة الالكترونية في فيفري القادم
أكد عبد الرزاق حواص الناطق الرسمي للجمعية التونسية للمؤسسات الصغرى والمتوسطة ان القانون ا…