2024-01-12

شملت الابحاث فيها كوادر سابقة بالداخلية : ملف شهيد الثورة مجدي المنصري امام العدالة الانتقالية

نظرت صباح أمس الخميس 11 جانفي 2024 هيئة الدائرة الجنائية المتخصّصة في النظر في قضايا العدالة الانتقالية بالمحكمة الابتدائية  بتونس، في ملف أحداث الثورة وتحديدا ملف قضية الشهيد مجدي المنصري.

وبالمناداة عن المنسوب لهم الإنتهاك وهم إطارات أمنية سابقة بالداخلية من بينهم  وزير الداخلية الأسبق رفيق الحاج قاسم وأحمد فريعة ومدير عام وحدات التدخل الاسبق ومدير عام الأمن الوطني عادل التويري ، وآمر سابق للحرس الوطني والمسؤول عن قاعة العمليات سابقا بالداخلية،  حضر البعض في حين تخلف البقية عن الحضور وتبين للدائرة ان النصاب القانوني للهيئة غير مكتمل فقررت تأجيل المحاكمة لانتظار اكتمال النصاب القانوني .

وللتذكير فانه وبعد تلاوة لائحة الاتهام على المنسوب إليه الانتهاك وزير الداخلية الاسبق رفيق الحاج قاسم، وإعلامه بالتهم الموجهة إليه وهي “القتل العمد مع سابق القصد والترصد والمشاركة في القتل العمد”، أفاد بأنه باشر عمله كوزير للداخلية منذ عام 2004 وتم عزله يوم 12 جانفي 2011 بقرار من الرئيس السابق وتعويضه بأحمد فريعة.، وقد بلغه الخبر  الساعة الحادية عشر ونصف عن طريق وكالة تونس افريقيا للأنباء، وغادر إثرها الوزارة لشعوره بالمهانة، ثم عاد في حدود الساعة الثانية ظهرا ليسلم مهامه لخلفه أحمد فريعة بحضور الوزير الأول آنذاك محمد الغنوشي.

وبسؤاله عما جاء في لائحة الإتهام في خصوص واقعة استشهاد مجدي المنصري أفاد بأنه لم تشهد الإحتجاجات وقتها سقوط أي ضحية في تونس العاصمة (مرجع نظر الدائرة الجنائية المتخصصة بالعدالة الإنتقالية بتونس)، وذلك في الفترة الفاصلة بين 17 ديسمبر و12جانفي 2011 على منتصف النهار تاريخ مغادرته وزارة الداخلية.

وبسؤاله عما جاء بكلام رئيس الجمهورية بتاريخ 13 جانفي 2011 (يزي مالكرتوش الحي… الكرتوش الحي ماعندوش مبرر) مايفيد أنه تم إصدار تعليمات باستعمال الرصاص الحي لقمع المظاهرات في وقت سابق، نفى نفيا قطعيا بأن تكون هناك تعليمات سابقة باستعمال الرصاص الحي.

وبالاستفسار عن خلية الأزمة بقاعة العمليات بوزارة الداخلية أفاد بأنها خلية لمتابعة الأحداث وكانت قد أصدرت توصيات لضبط النفس وعدم استعمال الرصاص الحي، ولم يتمكن المنسوب إليه الانتهاك من إثبات ذلك بدليل كتابي (منشور أو محضر جلسة)) مفيدا بأن آمر الحرس الوطني أصدر أمرا مكتوبا لمنظوريه بعدم استعمال الرصاص الحي بتاريخ 30 ديسمبر وسايره في ذلك بعض المدراء العامين الآخرين.

وحول إجتماع خلية الأزمة بتاريخ 9 جانفي 2011، أفاد بأنه وعلى إثر الأحداث الحاصلة بجهة تالة يومي 8 و9 جانفي والذي نتج عنه سقوط العديد من الضحايا، إلتأمت الخلية وتم خلالها تكليف وحدات الجيش الوطني بالإشراف على حماية المؤسسات الحيوية فيما أُنيطت عهدة التواصل مع المواطنين وحثهم على عدم الاحتكاك بالوحدات الأمنية إلى أمين عام التجمع محمد الغرياني, وقدمت توصيات أخرى للأمنيين بعدم استعمال الرصاص الحي وضبط النفس عند مواجهة المظاهرات والاحتجاجات، مذكرا أن استعمال السلاح الناري في المظاهرات هو مسؤولية فردية يضبطها القانون عدد 4 لسنة 1967.

وكان محمد الأمين العابد آمر الحرس الوطني سابقا حضر الجلسة باعتباره منسوبا له الانتهاك وقدم نسخة من استئناف حكم عسكري لسنة 2013 لاعتماد ما ورد صلبه في  شأنه ومؤيدات أخرى أضيفت إلى الملف ملاحظا في خصوص إصابة الشهيد مجدي منصري انه تم فتح تحقيق في شأنه من قبل التفقدية الأمنية موضحا أن ما قام به الناصر العجمي يعتبر عملا فرديا رغم أن المركز لم يخالف التعليمات في التصدي للاحتجاجات بصفة سلمية دون اللجوء الى استعمال الذخيرة الحية رغم أن مركز حرس حي التضامن تم تطويقه من قبل المتظاهرين والإعتداء عليه بالحجارة والزجاجات الحارقة قبل عملية قتل مجدي منصري.

وكانت والدة الشهيد مجدي المنصري قدمت في وقت سابق شهادة مؤثرة قالت فيها “لحظة حاسمة باش نبدأ فيها حياتي من أول وجديد شفت الويلات والعذابات والاتهامات في المحاكمات الفايتة” أم السعد التي عملت كمديرة مساعدة بسجن النساء بمنوبة.. أنهكتها السنوات في جولة امتدت لأكثر من عشر سنوات بين المحاكم بحثا عن حق ابنها مازالت مستميتة رغم المرض ورغم التعب والوجع ورغم الفقد فقد أدلت بشهادة حزينة ومؤثرة عن ذكريات بقيت محفورة في ذهنها وستبقى ذكريات اليوم الاخير في حياة فلذة كبدها مجدي فذكرت أن الشهيد كان الابن الأقرب لها وزوجها باعتباره الوحيد الذي يقيم بمعيتهما بجهة حي التضامن لذلك كانت هناك محاباة خاصة له حيث وضعت والدته على ذمته سيارتي أجرة “تاكسي” يستغلها أربعة سواق ويعود مدخولها للشهيد فقط بل أن والدته كانت تمكنه كذلك من “مصروفه” الشخصي لأنه كان الابن الاقرب مما جعله يعيش في رفاهية تامة.

آخر الكلمات..

الشيء الوحيد الذي كان ينغص حياة مجدي هو جاره الناصر العجمي وهو عون حرس حينها بمركز الحرس الوطني 18 جانفي بحي التضامن حيث كان يحس الشهيد بالتضايق منه باعتباره كان يطالبه في أكثر من مناسبة باقراضه مبالغ مالية متفاوتة وذلك ما كان يتم بالفعل حيث كان يقرضه المال تحت التهديد باعتبار ان مجدي لا يملك رخصة سياقة لسيارة التاكسي التي يملكها الا ان الشهيد مل من هذه التصرفات وقبل يوم من استشهاده قال الشهيد حرفيا لوالدته “ما عندي حتى مشاكل مع حتى انسان المشكل الوحيد في الناصر كرهني في حياتي يا ماما بيع الدار ونحب نسكن في الريف” وحينها أجابته والدته أنها لا تستطيع ذلك.

كان “يتصرف تصرفا شيطانيا همجيا عندو نزعة الشر” هكذا وصفت أم السعد المتهم الناصر العجمي واضافت أنه في الليلة السابقة لاستشهاد مجدي وتحديدا بتاريخ 11 جانفي 2011 سمعت وزوجها طرقا شديدا على باب منزلهما واتضح ان الطارق هو الناصر العجمي حيث لام زوجها على تواجد سيارة الشهيد بالطريق العام امام المنزل دون ادخالها الى الحديقة مما قد يعرضها للاعتداء فقام حينها الشهيد بادخالها.

وذكرت أم السعد في شهادتها أنه يوم 12 جانفي 2011 اتصل في حدود الساعة الثامنة مساء زوجها بابنها الشهيد وطلب منه العودة الى المنزل باعتبار أن الأجواء كانت مشحونة لوجود بعض الاحتجاجات والتعزيزات الأمنية خاصة على مستوى شارع “106” ومركز 18 جانفي وقد علمت لاحقا من شهود عيان بأن مجدي حين بلغ النهج المتفرع عن شارع “106” والمؤدي الى محل سكناهم منع من المرور من طرف أعوان الحرس والأمن الذين كانوا متمركزين بالمكان وكان من بينهم الناصر العجمي الذي توجه ابنها نحوه طالبا منه السماح له بالمرور للعودة الى المنزل قائلا له حرفيا “عمي الناصر خليني نروح راهو ألارت توا” اثرها ناداه الناصر العجمي قائلا له “مجدي ايجا” ودعاه للتقدم في حين توجه مرافق ابنها الى أحد المتاجر وفي الأثناء سمع طلقا ناريا وحين التفت لمح مجدي يسقط أرضا بعد ان تم اطلاق الرصاص عليه.

قالت أم السعد “الناصر أعدم ولدي موش قتلوا” وواصلت الادلاء بشهادتها فذكرت انها كانت بالمنزل عندما قدمت اليها احدى الفتيات وأعلمتها وزوجها بما حصل لمجدي فخرجت أم السعد وزوجها حافيي الاقدام حيث وجدت ابنها ملقى أرضا وقد كسته الدماء التي كانت تنزف من أنفه وأذنيه وفمه وقالت والدة الشهيد “تصوروا راجلي ندب وأنا ماندبتش كي شاف ولدو” واضافت “رانا شفنا الي ما تتخيلوش في مخك الاعوان مدججين بالسلاح الأمن والأمان ما حسينهمش في الأمن الموجود نهارتها” وتحدثت أم السعد عن منعهما من الاقتراب من ابنهما قائلة “فقدوا الانسانية ..وكانوا بصبابطهم يدزوا فينا” وبقي مجدي ينزف لأكثر من نصف ساعة قبل ان يتم تمكينهما من نقله على متن سيارة أحد الاجوار الى المستشفى وعلى مستوى جهة قصر السعيد اعترضتهما دورية تابعة للحرس الوطني ومنعتهما من مواصلة الطريق وقام الأعوان بالاعتداء على والد الشهيد بواسطة مقبض البندقية مما تسبب له لاحقا في مضاعفات صحية تسببت في وفاته حسب ما أكدته الفحوصات الطبية وبعد أكثر من نصف ساعة سمح للسيارة بمواصلة الطريق الى مستشفى الرابطة وبوصولهما هناك اتضح ان مجدي فارق الحياة وأثبتت نتيجة التشريح الطبي الذي قام به الدكتور المنصف حمدون ان الوفاة كانت ناتجة عن طلق ناري واصابة مباشرة على مستوى القلب واكدت ان جمازة ابنها الملطخة بالدماء مازالت لديها بالمنزل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

‫شاهد أيضًا‬

في‭ ‬قضية‭ ‬نهب‭ ‬للمال‭ ‬العام‭ ‬بوزارة‭ ‬النقل: المكلف‭ ‬العام‭ ‬يطالب‭ ‬صهر‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬باعادة‭ ‬133‭ ‬مليار‭ !!‬

احالت‭  ‬دائرة‭ ‬الاتهام‭ ‬على‭ ‬انظار‭ ‬هيئة‭ ‬الدائرة‭ ‬الجنائية‭ ‬المختصة‭ ‬في‭ ‬النظر‭…